اضغط هنا لتحميل هذا الكتاب القيم

الباب الثامن : لا يكمل إيمان المؤمن حتى تكون فيه خصال

اعلم أنه يراد منك أن تكون مقتدياً بسنّة من ربك عزّ وجلّ ، ثم بسنّة من نبيك (ص) ، ثم بسنّة من إمامك.
فعن [ الكافي : 2/241 ] .. عن الرضا (ع) أنه: لا يكون المؤمن مؤمناً حتى تكون فيه ثلاث خصال:
سنّة من ربّه ، وسنّة من نبيه (ص) ، وسنّة من وليّه.
فأما السنّة من ربّه : فكتمان سرّه ، قال الله عزّ وجلّ:
{ عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول } . الجن/26 ..
وأما السنّة من نبيه (ص) : فمداراة الناس ، فإنّ الله عزّ وجلّ أمر نبيّه (ص) بمدارة الناس ، فقال: { خذ العفو وأأمر بالعرف } . الأعراف/199 ..
وأما السنّة من وليه فالصبر في البأساء والضرّاء .. انتهى .
فمن يكون مراداً منه الاقتداء بصفة ربّه التي يمتدح بها ، لا شكّ أنّه معدّ لمقامٍ عظيمٍ وخطبٍ جسيمٍ ، وذلك أنّ الله يريد أن يمكّنك داره التي اختارها واجتباها لأوليائه وأصفيائه وأحبائه ، وهي الجنة ، فلا بدّ أن يرشدك إلى الصفات التي تشبه بسكان تلك الدار ، حتى تحصل المناسبة بينك وبين الدار وبين سكانها .

وأما الدار ، فهي طيّبةٌ طاهرةٌ على أكمل ما يكون من الصفاء والنورانية ، وأما أهلها ، فهم الأنبياء ، والمرسلون والشهداء ، والصدّيقون ، فتأبى حكمة الحكيم أن يرضى بكونك بتلك الدار غريباً أجنبياً عنها ، وعن أهلها ، بحيث يكون وضعك في ذلك المكان وضع الشيء في غير محلّه اللائق به . (1)
(1)هذه الفقرات لو تم استيعابها ، فإنها ستحوّل العبد من عالم العبادة المتكلفة ، إلى عالم العبادة المنسجمة مع طبيعة المزاج ، فإنه نظراً لرغبته في أن يكون مسانخاً لتلك الدار ، فإنه يألف كل ما تحقق له تلك المسانخة ، ولو كان تكليفاً شاقاٌ بعنوانه الأولي .. فمن الواضح أن العبادة التي يُؤتي بها تعبداً وتكلفاً ، ليس فيها إلا الأجر ، بينما المطلوب من العبادة ، أن ترفع بالعبد إلى مستوى الأنس برب العالمين، ذلك الأنس الذي يجعل العبد ينسى كل مشقة في سبيل تحصيل رضاه.( المحقق )

وهو سبحانه برأفته ورحمته لك ، لا يرضى لك إلا ذلك المكان الطيّب الطاهر ، فاقتضى ذلك شدة العناية الإلهية بإرشادك إلى أعلى الصفات ، وأكملها ، وأبهاها ، وأسناها.
فلم يرض منك إلا بأن تكون مقتدياً في الصفات التي لشرفها ، ورفعتها ، وجلالتها قد نسبها إليه عزّ وجلّ ، وأثنى بها على نفسه.

فمن يكون متصفاً بالصفات المنسوبة إليه ، يليق به أن يسكن في الدار المنسوبة إليه ، ولما كان جيرانه في تلك الدار أولياء الله ، ألزمه بأن يتصف بصفاتهم.
فعندها يخاطب الباري سبحانه نفسه ، التي طابت وطهرت بالاتصاف بتلك الصفات الطيّبة الطاهرة ، بقوله عز وجل : { يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية ، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي } . الفجر/27 ..

وتلك الصفات كثيرةٌ ، إلا أنّ الإمام (ع) اختار منها ثلاثةً للاهتمام بشأن هذه الثلاثة ، حتى وصف الإيمان معلّقاً عليها.

فالأولى : كونه كاتماً لسرّه ، وذلك أنّ أغلب الخلق غالبٌ فيهم النقص وعدم الكمال ، ولكنّ صفات الكمال معلومةُ الحسن والجمال والشرفية ، بحيث أنهم يتمنونها لأنفسهم ، لكن لمخالفتها لهوى النفس الأمّارة ، وضعف همّتهم لمجاهدتها يتقاعدون عنها.
فإذا رأوا مَن له همّة الاتصاف بها يخافون أن يتصف بها ، فيفوقهم في ذلك ، والنفس لا ترضى بالانحطاط عن الأقران ، بل تريد التفوّق عليهم طبعاً ، فما دام يمكنهم يسعون كلّ السعي في منعه من ذلك بالأفعال ، والأقوال ، وبكلّ حيلةٍ .
والشخص الواحد لا قابلية له على مقاومة من لا يحصى عددهم ، فلم يجعل الشارع للمؤمن طريق خلاص من ذلك إلا بكتم سرّه ، وهو عدم إظهار ما هو بانٍ عليه ، فحينئذ يُكفَى من شرّ الخلق ، ولا ينقطع عليه الطريق.

فلما علم أهل البيت (ع) الأطباء الماهرون والحكماء المشفقون ، أنّ نفس هذا المؤمن الأمّارة بالسوء أيضا هي من جملة أعدائه ، وهي من جنس هؤلاء القطّاع للطريق ، رغّبوا المؤمن هذا الترغيب العظيم في كتم السرّ ، وبيّنوا له من صفات الربّ التي مدح بها نفسه ، وأنّ وصف الإيمان موقوفٌ على ذلك.
والمقصود رفع منازعة النفس ، وميلها إلى الإظهار ، فيتوسل إلى ذلك تارةً بأن فيه انتفاعاً لمن تظهره له ، وتارةً بقصد إدخال السرور عليه ، وتارةً بقصد الاستعانة بنظره لعل له نظراً في ذلك ، أو بدعائه ، أو لعله ينقله إلى مَن ينتفع به ، إلى غير ذلك من الرجحان للإظهار. (2)
(2)إشارات جميلة إلى صور تلبيس إبليس ، الذي عندما يئس من إيقاع العبد في الباطل المكشوف ، يلجأ إلى إسلوب تزيين الباطل بالحق .. ومن هنا كانت البصيرة الكاشفة عن هذا التزيين ، من لوازم السير الى الله تعالى، وهذا التزيين ممكن في كل مرحلة من مراحل السالك ، إلهاءً له بالمهم عن الأهم .. فكان لزاماً على العبد عند كل إقدام أو إحجام أن يدرس المحتملات الأخرى البديلة، ليكون اختيار الأفضل من بين الأفراد المتشابهة ، أقرب إلى العمل بالتكليف الواقعي ، الذي يستبطن مراد المولى واقعاً.( المحقق )
ودفع هذه التسويلات بأن ذلك لو كان راجحاً على الإطلاق ، لما اختار الله إخفاء سرّه عنهم ، وخصّه بخزنة سرّه ، إذ الحكيم لا يترك الأرجح ولا يفعل إلا الأكمل.
فعلم من ذلك أنّ في الإظهار إفساداً لهم ومنافاةً للحكمة ، فأنت أيضاً كن مقتدياً بربك في مراعاة الحكمة ، واجتناب ما فيه الفساد ، فإنّ مقصدها فاسدٌ ، وإنما أبدته في صورة الصلاح ، وقد قال مولانا علي بن الحسين (ع) للزهري :
وإياك أن تتكلم بما يسبق إلى القلوب إنكاره ، وإن كان عندك اعتذاره ، فليس كل ما أسمعته نكراً ، أمكنك أن توسعه عذراً . البحار : 71/156..
وفي المنسوب إليهم (ع ) شعرا :
ان لاكتم من علمي جواهره ----- كي لا يرى العلم ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا ابو حسن ----- الى الحسين واوصى قبله الحسنا
يارب جوهر علم لو ابوح به ----- لقيل لي انت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي ----- يرون اقبح ما ياتزنه حسنا

وهو مشهورٌ ، والأخبار الواردة في مدح كتم السرّ ، وذمّ الإذاعة في غاية الكثرة.
والمتحصّل منها أنّ الإنسان بعد أن يكون الغالب عليه حبّ الكتم وكراهة الإفشاء ، ينظر بعين العقل ، حين وجد مقاماً للإظهار أظهر بمقدار الضرورة ، متحرّياً في ذلك امتثال أمرهم (ع) بقولهم : لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم .البحار : 2/78 ..

واعلم أنّ صفة كتم السرّ تشتمل على أمرين :
أحدهما : كون المؤمن ذا سرّ.
والثانية : أن تكون له ملكة الإخفاء والكتم ، بحيث لا تغلبه نفسه على الإفشاء والإذاعة.
وهذا الكلام كلّه في الثاني ، وأما الأول فيكفي فيه ما قاله الصادق (ع) يوماً للمفضل بن صالح :

يا مفضل !.. إنّ لله عباداً عاملوه بخالص من سرّه ، فعاملهم بخالص من برّه ، فهم الذين تمرّ صحائفهم يوم القيامة فرغاً ، فإذا وقفوا بين يديه ملأها من سرّ ما أسرّوا إليه.
فقال المفضل: يا مولاي ، ولِمَ ذلك ؟..
فقال: أجلّهم أن تطّلع الحفظة على ما بينه وبينهم.
قال شيخنا أبو العباس أحمد بن فهد في ( عدة الداعي ) بعد ذكره لهذا الحديث الشريف : لا تغفل عن هذه المقامات الشريفة ، التي هي أنفس من الجنة . [ عدة الداعي : 194 ].. (3)
(3)أن يكون المؤمن ذا سر في الحياة ، من الأمور التي غفل عنها عامة الخلق ، فإنهم اكتفوا بعمارة الدنيا ، من دون أن يكون لهم سعي متميز لما يحقق لهم سعادة الأبد.. إن على كل مؤمن - يعتقد بحياة أخرى تتجلى فيها ثمرة الأعمال - أن يحمل همّاً خاصّاً في مجال تحقيق صلة متميزة مع ربه والتي تعتبر هي المحور في كل نشاطاته.. ومن الواضح أن طبيعة هذه الصلة تختلف من عبد إلى عبد ، بحسب ما أوتي من قابليات يمنحها له رب الوجود ، إلى أن يصل الأمر إلى حبيبه المصطفى (ص) الذي كان مع الله حالات لا يحتملها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل.( المحقق )
وأنا أقول بهذا المعنى يقـول القائل ، وقد أجاد إذا أراد هذا المراد :
قلوب العارفين لها عيون ----- ترى ما لا يراه الناظرونا
والسنة باسرار تناجي ----- تغيب عن الكرام الكاتبينا
وافئدة تطير بلا جناح ----- الى ملكوت رب العالمينا

فهذا ما يتعلق بالسنّة الأولى .
والثانية : هي مداراة الناس .
وهي السنّة عن النبي (ص) ، وقد قدّمنا لك عن علي (ع) : أنّ أحبّ الخلق إلى الله من تأسّى بنبيه.
كما وحكمتها كحكمة كتمان السرّ ، بل كتمان السرّ على ما فسّرناه نوعٌ من أنواع مدارة الناس.

وفي الكافي عن الصادق (ع) قال : قال رسول الله (ص) : أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض ، وعنه عن جدّه أيضاً قال : مداراة الناس نصف الإيمان ، والرفق بهم نصف العيش. الكافي : 2/117 ..

ثم قال الصادق (ع) : خالطوا الأبرار سرّاً ، وخالطوا الفجّار جهاراً ، ولا تميلوا عليهم فيظلموكم ، فإنه سيأتي عليكم زمانٌ لا ينجو فيه من ذوي الدين إلا مَن ظنّوا أنه أبله ، وصبّر نفسه على أن يُقال أنه أبلهٌ لا عقل له. الكافي : 2/96 ..

وعنه أيضاً عن جده (ص) : ثلاثةٌ مَن لم تكن فيه لم يتمّ له عمل : ورعٌ يحجزه عن معاصي الله ، وخلقٌ يداري به الناس ، وحلمٌ يردّ به جهل الجاهل . الكافي : 2/95 ..
وفي الحديث عن الصادق (ع) : من كفّ يده عن الناس ، فإنما يكفّ عنهم يداً واحدةً ، ويكفّون عنه أيدٍ كثيرة . الكافي : 2/96 ..

فيا أخي !.. ما يصدر من بعض مَن يدّعي الصلاح والتقوى من أني لا أبالي بالناس ، ولست محتاجاً ، ومَن يكون الناس ؟.. إلى غير ذلك من الكلمات التي تصدر منهم في مقام عدم المداراة كلّه ، من اتّباع هوى النفس ، والجهل بطريقة أهل البيت (ع) . (4)
(4)هذه صورة جميلة من صور الواقعية والالتزام بمنهج أهل البيت (ع) عند المعتنق ، فإن احتقار الآخرين من المزالق المتعارفة في هذا المجال ، وذلك لما يراه السالك من بعض الصور الروحية المشرقة ، التي قد تذهله حتى عن تكليفه الذي أمر به عند التعامل مع الخلق .. والحال أنه لو نظر إلى الخلق على انهم عيال لله تعالى ، وان الإحسان إليهم إنما هو من صور الطاعة لمن خلقهم لما احتقر عبداً ولو كان من عصاة الخلق.. إذ المعلوم انه لو انتهت كل روابط العبودية الاختيارية مع الرب ، فإنه تبقى رابطة الخالقية والمخلوقية ،كآخر حلقة وصل بين العبد وربه..( المحقق )
وكثيرٌ من الجهّال يشتبه عليه مقام المداراة للناس في مقام المداهنة ، فيتخيّل أنّ المداراة للناس المأمور بها المداهنة.

والفرق واضحٌ ، فإنّ المداهنة المذمومة هي الموافقة على تحسين القبيح ، أو ترك إنكاره رغبةً وطمعاً فيما عندهم ، ليتوسّل إلى منافعهم الدنيوية ، أو يجلب قلوبهم إليه من دون ملاحظة دفع مفسدة.

ومما يدلّ على حسن الرفق والمدارة ، وأنه يجرّ إلى كلّ خيرٍ ، الرواية المشهورة للشامي الذي تكلّم بما لا يليق مع علي بن الحسين (ع) ، لما حملوه إلى يزيد لعنه الله في الشام ، فقال الشامي :
الحمد لله الذي قتلكـم ، وأكـذب أحدوثتـكم ، وأراح الناس منكم.
فلما فرغ من كلامه قال له الإمام (ع) : يا شيخ !.. أتقرأ القرآن؟..
قال: نعم
قال: هل قرأت قوله : { قل لا أسألكم عليـه أجـرا إلا المودة في القربى }. الشورى/23 ..
قال نعم .
ثم قال : هل قرأت قوله : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } . الأحزاب/33 ..
قال: نعم
ثم قال : يا شيخ ، قل قرأت قوله تعالى : { وآت ذا القربى حقه } ؟.. الإسراء/26 ..
قال : نعم .
قال الإمام (ع) : نحن القربى ، ونحن أهل بيت نبيك !..
قال : فرفع الشيخ كفـّه إلى السماء ، وبكى وتبرّأ من قاتل الحسين ، وبكى وتاب . البحار : 45/129 ..
فانظر كيف جرّه الرفق إلى الخير ؟..

والمداراة ترك الإنكار دفعاً للمفسدة ، أو لأجل تخفيفها ، أو تحرّزاً عن تهييجها ، وأين هذا من ذلك.
والمداراة قد تكون لدفع الشرّ ممن تداريه ، وقد تكون لاستجلابه إلى الخيـر ، وكلّها في مقامٍ لا محلّ للإنكار ، وأما للخوف ، أو لعدم التأثير ، فحينئذٍ الرفق والبشاشة وتحمّل الأذى ، والدفع بالتي هي أحسن هي المدارة ، قال الله فيها :
{ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } . فصلت/34-35 ..

ومنها قوله تعالى : { فقولا له قولا ليّنا لعله يتذكر أو يخشى } . طه/44 ..

ومنها في الكافي عن الصادق (ع) قال : إنّ النبي (ص) بينا هو ذات يومٍ عند عائشة ، إذ استأذن عليه رجلٌ فقال النبي (ص) : بئس أخو العشيرة !..
فقامت عائشة فدخلت البيت ، وأذن رسول الله للرجل ، فلما دخل أقبل عليه رسول الله (ص) بوجهه الشريف وبشره ، وأقبل يحدّثه حتى إذا فرغ وخرج من عنده ، قالت عائشة : يا رسول الله !.. بينا أنت تذكر هذا الرجل فيما ذكرته به ، إذ أقبلت عليه بوجهك وبشرك !..
فقال النبي (ص) عند ذلك : إنّ من شرّ عباد الله مَن تكره مجالسته لفحشه .. [ الكافي : 2/246 ] .. انتهى.. فهذا كله من المداراة التي هي نوعٌ من التقيّة ، وقد ورد في مدح التقيّة ما لا يُحصى حتى فسّر قوله تعالى : { إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم } . [ الحجرات/13]..
بأنّ المعنى : أعدلكم في التقيّة.. وحتى قالوا أنّ تسعة أعشار الدين في التقيّة . الكافي : 2/172 ..

ويكفيك ما في الكافي عن حمّـاد بن واقـد الفحّام قال : استقبلت أبا عبد الله (ع) في طريقٍ ، فأعرضتُ عنه بوجهي ومضيت ، فدخلتُ عليه بعد ذلك فقلت : جعلت فداك !.. إني لألقاك فأصرف وجهي كراهة أن أشقّ عليك.
فقال لي: رحمك الله !.. ولكنّ رجلاً لقيني أمس في موضع كذا وكذا فقال : عليـك السلام يـا أبـا عبـد الله ، مـا أحسن ولا أجمل . الكافي : 2/173..انتهى.
فانظر لمن لاحظ كيف استحق دعاء الإمام له بالرحمة بترك السلام عليه ، وانظر إلى مَن لا يلاحظ المقام ، وترك مجاراة الخلق ، كيف شكا منه الإمام وقال : إنه ما أحسن ولا أجمل . (5)
(5)من هذه الرواية وأشباهها ، تعلم قاعدة مهمّة من قواعد التعامل كما أراده أهل البيت (ع) ألا وهي مراعاة موارد التزاحم ، وإن المؤمن لا يأخذ بأمر راجح ، ناسياً كل جهات الرجحان الأخرى ، فإن مقتضى التعقل - التي تنادي به الروايات الكثيرة - هو أن يقّلب المؤمن الأمر الواحد من جهات شتى ، ليخرج بعد سياسة الكسر والانكسار ، بالحصيلة النهائية المتمثلة بما يرضي الله تعالى في النتيجة ، وإن كانت هناك خيارات مرضية أخرى له ، ولكنها مزاحمة لتلك الحصيلة النهائية..( المحقق )

فمن هذا الحديث وأمثاله تعرف أنّ إكرام المؤمن بترك إكرامه ، حيث يكون إكرامه باعثاً إلى الحسد له وإثارة الفتن.
وقد يكون إكرامه بالقدح فيه ، كما صدر من بعض الأئمة في حقّ بعض الخواص ، وهو من باب خرق السفينة لتسلم.

الثالثة: الصبر في البأساء والضرّاء.
ولا ريب أنّ الدنيا سجن المؤمن ، فأي سجنٍ جاء منه خير ، ولقد قال الصادق لرجل اشتكى عنده الحاجة ، فقال له: اصبر سيجعل الله لك فرجاً ، ثم سكت ساعةً ، ثم التفت إليه فقال : أخبرني عن سجن الكوفة كيف هو؟.. فقال : ضيّقٌ منتنٌ ، وأهله بأسوء حال .
قال : فإنما أنت في السجن ، فتريد أن تكون فيه في سعة ، أما علمت أنّ الدنيا سجن المؤمن . [ الكافي : 2/195 ] .. انتهى.

فالمؤمن إما أن يكون من أهل الشوق إلى الآخرة ، فيكون أصل بقائه في الدنيا سجناً له ، فضلاً عمّا يعرض له من البلاء . (6)
(6)ما أجمله من تشفيق في المقام لذوي المصائب ، فإن المصنف بيّن اثر البلاء لجميع الأصناف بدءً بأهل الآخرة ، وانتهاءً بأهل الدين ، ولكن شتان ما بين أثر البلاء على أهل الآخرة ، الذي يزيدهم شوقاً إلى الدار الذي لا بلاء فيه ولا عناء ، وبين أثره على أهل الدنيا الذي يزيدهم أجراً من دون أن يتحول إلى حالة باطنية من الإحساس العميق بالقرب الإلهي ، التي توجبه النفحات الإلهية الخاصة بأوليائه ، الملتفتين إليه والمراقبين له.. ومن هنا جعلت الآية الصلوات الإلهية نازلة على القانعين (إنا لله وإنا إليه راجعون) .. ومن المعلوم انه لا يراد به المثول المجرد من دون وجدان حالة الارتباط بالمالك المطلق وعمق الانتماء إليه...( المحقق )
وإما أن يكون ممن يخشى عليه الميل إلى هذه الدنيا ، والرغبة لما فيها ، فتأتي رأفة الحكيم فتزعجه منها بأنواع الابتلاء ، حتى يتنفر منها ولا يركن إليها ، فإنها دار الظالمين.

وإما أن يكون ضعيف العمل ، قليل الطاعات ، فتأتي رأفة الحكيم الرحيم أن لا يحرمه ثواب الابتلاء بالمصائب ، وقد قال الصادق (ع) : لو يعلم المؤمن ما له من الأجـر في المصائب ، لتمنى أنـه قـُرّض بالمقـاريض. الكافي : 2/198 ..
وقال الصادق (ع) : من ابتلي من المؤمنين ببلاءٍ فصبر عليه ، كان له مثل أجر ألف شهيد . الكافي : 2/75 ..

وقال الصادق (ع) : إنه ليكون للعبد منـزلة عند الله عزّ وجلّ ، فما ينالهـا إلا بإحـدى خصلتين : إما بذهـاب مالـه ، أو ببلية في جسده . [ الكافي : 2/199 ] .. انتهى.

فالابتلاء إما أن يكون للمؤمنٍ مثوبة ورفع درجة ، أو عقوبة وكفّارة ، وكلاهما حسنٌ محبوبٌ عند العاقل.
أما الثواب فواضحٌ ، وأما العقاب فلما اشتملت عليه أخبار أهل البيت (ع) من أن الله أكرم من أن يجمع على عبده المؤمن عقوبتين ، فكلّ شيءٍٍ عاقبه عليه في الدنيا فلا يعاقبه عليه في الآخرة.

فإذا كان لا بدّ للمؤمن من الابتلاء فلا بدّ له من الصبر ، وقد خلق الله الصبر قبل أن يخلق البلاء ، ولولا ذلك لتفطّر قلب المؤمن كما تتفطّر البيضة على الصفا.
وفي الكافي عن علي (ع) قال : قال رسول الله (ص) : "الصبر ثلاثة : صبرٌ عند المصيبة ، وصبرٌ على الطاعة ، وصبرٌ عن المعصية.

فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها ، كتب الله له ثلثمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض.
ومن صبر على الطاعة ، كتب الله له سبحانه ستمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش.

ومن صبر عن المعصية ، كتب الله له تسعمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش. الكافي : 2/75 ..

وفي الكافي أيضا عن الصادق (ع) : إنّا صبّرٌ وشيعتنا أصبرُ منّا.
قلت: جعلت فداك !..كيف صار شيعتكم أصبر منكم ؟..
قال له: لأنا نصبرُ على ما نعلمُ ، وهم يصبرون على ما لا يعلمون. [الكافي : 2/76 ] .. انتهى.

أنظر إلى رأفتهم !.. كيف شكر لشيعتهم ، ما يقع منهم من الصبر القليل على المصائب الجزئية بالنسبة إلى مصائبهم.
يريدون أن يلحقوا بهم شيعتهم ، كي لا ينقطعوا عنهم فيهلكوا ويضمحلوا ، فإنهم علموا أن لا نجاة لشيعتهم إلا بأن يحسبوهم منهم ، ويجعلوا أنفسهم مع شيعتهم صفةً واحدةً ، فحينئذ لا يمكن ردّ الجميع ، فلا بدّ من قبول الجميع.

أما إذا كان لكلّ واحدٍ حكمه ، هلكت شيعتهم لا محالة ، فصار أقصى همّتهم ، ونهاية مرادهم من شيعتهم ، أن يتشبّهوا بهم تشبّها صورياً ، كما قال أمير المؤمنين من أنّه : من تشبّه بقومٍ أوشك أن يكون منهم. نهج البلاغة : الحكمة (207).

ثم يتمّون ذلك بالشفاعة والدعاء ، ففي دعاء الصاحب - عجّل الله فرجه وجعلني فـداه - الذي سمعه السيد ابن طاووس يدعـو بـه لشيعتهم في السرداب المقدّس ما معنـاه ، وقـد غـاب عني بعض ألفاظـه:

اللهم !.. إنّ شيعتنا منا ، خُلقوا من فاضل طينـتـنا ، وعُجنوا بنور ولايتنا ، فولّنا أمورهم ، واغفر لهم ما فعلوه من ذنوبهم ، اتكالاً على محبتنا ، وإن خفّت موازينهم ، فثقّلها بفاضل حسناتنا. البحار : 35/303 باختلاف. (7)
(7)تأمل في عمق الرابطة العاطفية بين المعصوم في كل زمان ، وبين رعيته الذين يحشرون تحت لوائه.. ولا عجب في ذلك ، فإن الإمام متخلق بأخلاق الله تعالى في أقصى درجة ، تحتمله الحدود البشرية. ومن المعلوم ، إن صاحب الأمر (ع) في زمان الغيبة غير غافل عما يجري بأمة جده (ص) لأنه المعني بحوادث هذا العصر بكل مداراتها ، كما كان جده أمير المؤمنين (ع) متألما لما يجري في اليمامة أو الحجاز من بطون غرثى وأكباد حرّى.. ومن هنا لزم على المحب الصادق أن لا يزيده همّا إلى همّه .. بل يسعى للتخفيف عن همومه بالعمل بما يوجب رضاه من تفريج الكروب عن مواليه ، أضف إلى المبالغة في الدعاء له بالفرج إذ لا فرج لعامة الخلق إلا بظهوره (ع)..( المحقق )
أنظر إليه - عجّل الله فرجه وجعلني فداه - كيف يبالغ بالاهتمام بخلط شيعتهم بهم ، حتى لا يخـتزلوا دونهم ، فتارةً : أنهم في أصل الخلقة منهم ، وتارةً بأن الذنوب الصادرة منهم منشؤها الاتكال على محبتهم ، وتارةً التضرّع إلى ربّه في تكميل نقصهم بفاضل حسنات ساداتهم ومواليهم.

فيا أخي !.. هم يعلمون ما لا نعلم ، وهم الذين قالوا : لا تنظروا إلى المعصية ، ولكن انظروا إلى من عصيتم. البحار : 74/77..

فلعلمهم بخطر معاصينا ، وشدة خوفهم علينا من الهلكة ، أرشدونا إلى أنّ طريق النجاة المرجوة فيه السلامة إنما هو : بذل الجدّ والجهد في التشبّه بهم مهما أمكن ، بحيث يجعل الإنسان همّه في أن لا يفارقهم طرفة عينٍ ، لما ذكره الرضا (ع) بأن يكون اكتفاؤه من المؤمن سنّةًً من وليّه.

مراده بها أنّ هذه السنّة تستجمع السنن كلها ، بحيث أنّ الصبر بمراتبه الثلاث التي هي : الصبر في المصيبة ، وعلى الطاعة ، وعن المعصية ، لا يُبقي بقية من السنن إلا وقد تضمنها.

وقد ورد التصريح في الأخبار الواردة في المتعة : بأني أكره للرجل منكم أن يترك خلّةً قد فعلها رسول الله (ص).

ففي الفقية عن بكر بن محمد عن أبي عبد الله (ع) قال: سألته عن المتعة.
فقال: إني لأكره للرجل المسلم أن يخرج من الدنيا ، وقد بقيت عليه خلةٌ من خلال رسول الله (ص) لم يقضها. الفقيه: 3/463 ..

وروي : أن المؤمن لا يكمل حتى يتمتع. الفقية : 3/466 ..
وعن الصادق (ع) مرسلاً : إني لأكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله (ص) لم يأتها. [ الفقيه : 3/466 ] .. انتهى.(8)
(8)ولكن لا ينبغي الغفلة عن قانون التزاحم في المستحبات.. فإن الروايات بلسانها الأولي تدعو إلى الخلال الحسنة تاركة تقييم ظروف العمل بها بيد المكلف، معتمداً على بصيرته ومعرفته بقواعد الشريعة الأخرى. وكمثال على ذلك فإن روايات المتعة – كما ذكرها المصنف – تدعو إلى إحياء هذه السنة ، والتي تستنبطن علاج مشكلة قائمة في الحياة المعاشة ، لا تُحلُّ إلا بالزواج الدائم ، أو المنقطع ، أو السفاح ، ولا مجال للمقارنة بين الحرام وبين السنّة التي نادى بها النبي (ص) والأئمة من ذريته.. ولكن في المقابل نلاحظ نصاً آخر يبين ضرورة الالتفات إلى المقارنات الأخرى عند العمل بالسنّة وذلك كما روي عن ابي الحسن (ع) ، انه قال لبعض مواليه: "لا تلحّوا على المتعة ، إنما عليكم إقامة السنّة ، فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم ، فيكفرن ويتبّرين ويدعّين على الآمر بذلك ويلعنوننا " (الوسائل ج 14/ص450.)..( المحقق )
وهو يدل على أنهم لا يؤثرون عن شيعتهم الإخلال بسنّة من سننهم، وأن من فعل ذلك ، فقد تعرّض لدخول المكروه عليهم ، أعاذنا الله وإخواننا من ذلك ، ووفّقنا لإدخال السرور عليهم.

ولا بأس بالإشارة إلى نبذةٍ من سننهم التي اشتدّ بها اعتناؤهم ، بحيث ظهر منهم الالتزام والاهتمام بها على حدّ الاهتمام بالواجب ، عسى أن يوفّقنا الله للتأسّي بهم في الالتزام بها ، إلا مع المانع القوي ، والمعارض الأهم .

فمنها الوفاء بالعهد
فيفهم من طريقتهم (ع) أنّ المؤمن ينبغي أن لا يلتزم بالوعد ، حذراً من عروض العوارض ، فيقع في إخلاف الوعد، وهو محذورٌ عظيمٌ في نظرهم (ع). (9)
(9)لاحظ تعبير المؤلف بالمشعر بالتشديد في هذا المجال رغم انه لم تثبت الحرمة الشرعية – فقهاً – للإخلال بالوعد وخاصة مع العزم على الوفاء عند الوعد ثم طروء العارض .. فالمؤمن المراقب يصل إلى درجة يرى أن كل قبيح ومكروه عند المولى - وان لم تثبت حرمته الإلزامية – مما ينبغي تماشيه خوفاً من سخط المولى ولو بدرجة تناسب ذلك المكروه.. فإن المحب يتماشى موجبات كراهة حبيبه وأن لم يُلزمه بذلك ،كما نلاحظ في تعامل المحبين من أهل الدنيا فكيف بمن الحب رشحة من رشحات لطفه وفضله!!.( المحقق )
فما دام لا يمكنه التحكم بالعوارض لا يَعدْ ، فإذا وعد يلتزم بوعده ، ولا يتخلّف عنه ، فمن تخلّف عن وعده فهو مباين لطريقة أهـل البيت (ع) ، ويخرج بذلك عن شعارهم ، ويدخل في شعار غيرهم ، (العياذ بالله).
ويرشدك إلى تصديق هذا المعنى إيصاء النبي (ص) لعلي (ع) بقضاء ديونه ، وإنجاز عداته.
فلو لم يكن عنده معاملاً معاملة الدَّين ، وملتزماً به التزام مشغول الذمّة به ، لكان من أعظم الأعذار فيه عروض الموت ، وفوات التمكّن ، فلم يحتج إلى إلزام الوصي به على حدّ إلزامه بالديون.
ولقد أجاد من قال شعراً:
ان الفتى من بدا منه الجميل بلا ----- وعد ومن انجز الميعاد نصف فتى
ومن تخاى عن الامرين فامرأة ----- ونصف امراة من خلــــقه ثبتا

واعلم أنّ مرادنا من الالتزام بوفاء الوعد الذي هو طريقة أهل البيت (ع) ، إنما هو ما كان من عروض الموانع والأعذار ، على وجهٍ يبقى معه إمكان الوفاء.
أما مع عدم عروض الموانع فذلك لا كلام فيه ، لأنّ الإخلال بالوعد لا لداعٍ ، نقصٌ وقبحٌ لو صدر من أقلّ الناس ، فلا يليق أن يُعد التحرز منه في خواص أهل البيت (ع) التي تريد الحث على الإقتداء بها.

منها الاحسان التبرعي فوق الواجب وفوق ما حصل به الوعد
إذ هو عندهم كالواجب ، فعن النبي (ص) أنه كان حسن الوفاء ، بمعنى أن عادته الشريفة مستمرةٌ على أنه إذا اسـتدان يُعطي قدراً زائداً فـوق الدين ، بحيث أنه قد عُـرف بهـذه العادة.

وأما أهل بيته فسجيتهم الكرم ، وعادتهم الإحسان ، كما في الزيارة الجامعة ، وهم الممثلون لنص { إن الله يأمر بالعـدل والإحسان} . النحل /09..
وعن علي (ع) : أنّـه أعتق ألف مملوك من كدّ يمينه . [ البحار : 63/320 ] .. وكان لا يكتفي بعتقهم ، بل يبذل لهم بعد العتق وصلة إلى التعيش والاكتساب.
وكذلك لما وعد الأعرابي بمكة بأربعة آلاف درهم ، باع له الحديقة التي غرسها رسول الله (ص) فأعطاه الوعد وأفضل عليه. البحار : 41/45..
والإحسان التبرعي فوق الدّين ، أو فوق الوعد ، له موقع في النفوس ، ولو كان بشيء جزئي ، ويُفهم من طريقة أهل البيت (ع) الالتزام به. (10)
(10)إن على المؤمن أن يستوعب فقه الإنفاق بجوانبه الشرعية والأخلاقية ، ومن ذلك الإحساس ، بأن ما ينفقه إنما هو تصرف في ملك مولاه بإذنه بل بطلب منه ، فلا داعي للعجب بعد ذلك ، لأن ما قد يستحق العجب هو الإنفاق من الملك الحقيقي لا – الملك الاعتباري – ولهذا تراهم ينفقون وقلوبهم وجله لأنهم سيرجعون إلى ربهم وسيسألهم عما أنفقوا – ولو في الصالحات – وذلك لإمكان الخلل في أصل اكتساب المال أو في طريقه إنفاقه.. ومن فقه الإنفاق عدم اتباع ما أنفقه بالمنّ والأذى ، فإنها من لوازم عدم الإحساس بحقيقة انه ستخلف في ذلك المال..( المحقق )

ومنه الإيثار على النفس ولو مع الخصاصة
قال الله تعالى : { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } . الحشر/9..
واعلم !.. أنّ المؤمن ما لم يلتزم بالإيثار على النفس ، ويجعل همّه ذلك ، فلا بدّ أن يغلبه حبّ النفس وهواها على الحيف ، وتـرك الإنصاف ، ولو في بعض الأحيان ، فلا يكون مؤمناً ، لأنّ المؤمن من أمِنَ الناس شرّه.
بخلاف من ألزم نفسه بالإيثار ، فإنّ غاية ما تنازعه عليه نفسه ترك الإيثار ، فإن فاته الإيثار فلا يفوته أصل أداء الحق ، فعلى كلّ تقديرٍ يكون الظلم مأموناً منه. (11)
(11)هذه لفتة جميلة من المؤلف .. فجعل للمؤمن دوائر آمنة فوق الدوائر الخطرة ، فإنه دعا للإيثار الذي لو خانته نفسه فيه بقي أصل إنفاقه مأموناً من التفريط فيه، وهذا هو الأسلوب الذي ينبغي اتباعه في كل المجالات الأخلاقية ، فيمتع السالك نفسه ببعض صور الحلال المشتبه ، كالنظر إلى اللغو وإلى ما قد يحرم فتطاوعه نفسه فيما هو حرام قطعاً كالنظر إلى المحرمات..( المحقق )

وهذا قليلٌ من كثيرٍ ، والاقتصار على هذا المقدار أولى .. والله المستعان ، وحسبنا الله ونِعْمَ الوكيل

اضغط هنا لتحميل هذا الكتاب القيم

اضغط هنا للرجوع للصفحة الرئيسية لـ "كتاب الطريق إلى الله تعالى"

للرجوع إلى الصفحة الرئيسية