(مسألة) ومما انفردت به الامامية القول: بأن الظهار لا يثبت حكمه إلا مع القصد والنية، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يعتبروا النية فيه، ومنع الليث بن سعد والمزني وداود من وقوع ظهار السكران، وأجازه بعض الفقهاء، وكل شئ احتججنا به في أن النية معتبرة في الطلاق فهو حجة هاهنا فلا معنى لاعادته.
(مسألة) ومما انفردت الامامية به أن الظهار لا يقع إلا في طهر لا جماع فيه بمحضر من شاهدين فمتى أخل بشرط مما ذكرناه لم يقع ظهار، وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
والحجة لنا بعد إجماع الطائفة أن الظهار حكم شرعي، وإنما يثبت في الموضع الذي يدل الشرع على ثبوته فيه، وإذا وقع مقارنا للشروط التي ذكرناها فلا خلاف بين الامة في لزوم حكمه، وليس كذلك إذا اختل بعض هذه الشروط لانه لا دليل شرعي على لزومه مع فقد الشروط التي اعتبرناها فيجب نفي وقوعه.
(مسألة) ومما انفردت به الامامية القول بأن الظهار لا يقع بيمين ولا مشروطا بأي شرط كان، وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
والحجة لنا في هذه المسألة الحجة في المسألة التي تقدمتها بلا فصل ولا معنى للتكرار.
(مسألة) ومما انفردت به الامامية القول: بأن الظهار لا يثبت حكمه مع الجهالة ولا بد فيه من التعيين والتمييز إما بالاشارة أو التسمية، ومن قال لنسائه إحداكن علي كظهر أمي لا حكم لقوله، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، والحجة لنا بعد الاجماع المتردد أن الظهار حكم شرعي وقد ثبت بالاتفاق أنه يقع مع التعيين ولم يثبت أنه واقع مع الجهالة.
(مسألة) ومما انفردت به الامامية القول: بأن الظهار لا يقع إلا بلفظة الظهر ولا يقوم مقامها تعليقه بجزء من أجزاء الام أو عضو منها أي عضو كان وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
فقال أبوحنيفة وأصحابه: إذا قال أنت علي كيد أمي أو كرأسها وذكر شيئا يحل له النظر إليه منها لم يكن مظاهرا، فإن قال: كبطنها أو فخذها وما أشبه ذلك كان مظاهرا، لانه يجري مجرى الظهر في أنه لا يحل له النظر إليه.
وقال ابن القسم قياس قول مالك أنه يكون مظاهرا بكل شئ من الام وقال الثوري والشافعي إذا قال: أنت علي كرأس أمي أو كيدها فهو مظاهر لان التلذذ منها بذلك محرم عليه.
والحجة لنا بعد إجماع الطائفة ما تقدم من أن الظهار حكم شرعي وقد ثبت وقوعه ولزومه إذا علق بالظهر ولم يثبت ذلك في باقي الاعضاء، وأيضا فان الظهار مشتق من لفظة الظهر، فإذا علق باليد وما أشبهها بطل الاسم المشتق من الظهر ولم يجز إجزاؤه.
فإذا قيل: في اليد معنى الظهر.
قلنا: الاتفاق في معنى التحريم لا يوجب أن يكون اليد ظهرا، والاسم مشتق من الظهر دون غيره.
(مسألة) ومما ظن انفراد الامامية به القول: بأن من ظاهر ثم جامع قبل أن يكفر لزمته كفارتان، ووافق الامامية في ذلك الزهري وقتادة، وخالف باقي الفقهاء وأوجبوا كفارة واحدة، دليلنا الاجماع المتردد واعتبار اليقين ببرائة الذمة، فان ذلك لا يحصل إلا مع الكفارتين دون ا لواحدة، فان قيل: إذا كانت الكفارة إنما تلزم بالعود وهو إمساكها زوجة، والمقام على استباحة التمتع بها دون الجماع بدلالة قوله تعالى: (من قبل أن يتماسا) فبالعود يلزم كفارة واحدة، والجماع لا يوجب كفارة أخرى.
قلنا: الواجب بحكم الظهار إذا وقع العود الكفارة، فإذا جامع قبل أن يكفر لا يمتنع أن يلزمه كفارة أخرى عقوبة.
والحجة لنا بعد إجماع الطائفة إن الايلاء يتعلق به حكم شرعي، وقد علمنا تعلقه في الموضع الذي يتفق عليه ولم يدل دليل على ثبوت حكمه في موضع الخلاف فيجب نفي ثبوته.
(مسألة) ومما انفردت به الامامية أن الايلاء لا يقع في حال الغضب الذي لا يضبط الانسان نفسه معه ولا مع الاكراه، ولا بد فيه من القصد، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، والحجة لنا ما تقدم في كتاب الطلاق وأنه لا يقع مع الغضب والاكراه.
(مسألة) ومما ظن انفراد الامامية به أن من حلف أن لا يقرب زوجته وهي مرضع خوفا من أن تحمل فينقطع لبنها فيضر ذلك بولدها لا يكون موليا، وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
وروي عن الاوزاعي موافقة الامامية.
وقال مالك: لايكون موليا، لانه أراد صلاح ولده ولم يرد بالامتناع من الجماع الاضرار بالامرأة، والحجة لنا بعد إجماع الطائفة أن انعقاد الايلاء حكم شرعي وقد ثبت انعقاده في موضع الاتفاق ولم يثبت في موضع الخلاف وانعقاده حكم شرعي فيجب نفيه بنفي الدليل الشرعي.
فإن احتجوا بعموم قوله تعالى: (والذين يولون من نسائهم تربص أربعة أشهر)، فالجواب أن العموم يخص بالدليل، وبعد فالآية تقتضي وجوب التربص فيمن آلى، ونحن نمنع من كون من قال للمرضعة لا أقربك في الرضاع موليا فالاسم لا يتناوله، فإن قيل: هذا يوجب ان لا ينعقد إيلاء في مصلحة للرجل أو لزوجته أو لولده على كل حال في غير الرضاع أيضا، قلنا: كذلك نقول وإليه نذهب.