[مسائل اللعان]

(مسألة) ومما كانت الامامية منفردة به وأن جمهور الفقهاء على خلافه القول: بأن الرجل إذا قال لامرأته: يا زانية وما جرى مجرى ذلك لا يوجب اللعان بينهما وإنما يكون قاذفا، والذي يوجب اللعان أن يقول رأيتك تزنين ويضيف الفاحشة منها إلى مشاهدته أو ينفي ولدا أو حملا، ووافق مالك والليث في هذه الجملة، والحجة لنا إجماع الطائفة.

وأيضا فان اللعان يتعلق به أحكام شرعية، فالطريق إلى إثبات ما يوجبه أدلة الشرع، وقد ثبت في الموضع الذى ذكرناه بالاتفاق أنه يوجب اللعان ولم يثبت ذلك فيما عداه فيجب نفي إيجابه اللعان.

(مسألة) ومما انفردت به الامامية أن من قذف إمراته وهى خرساء أو صماء لاتسمع شيئا فرق بينهما وأقيم عليه الحد ولم تحل له أبدا ولا لعان بينهما وخالف باقى الفقهاء في ذلك.

فقال ابوحنيفة واصحابه: إذا قذف الاخرس إمرأته لم يحد ولا يلاعن وقال الاوزاعي: إذا قذف إمرأته وهي خرساء لحق به ولدها ولا حد عليه ولا لعان.

وقال مالك والشافعي يلاعن الاخرس إذا قذف إمرأته بالاشارة.

[145]

دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد، وإنما وجب الفرقة والحد على الزوج إذا قذف زوجته وهي خرساء، لان الذي يسقط الحد عن الزوج اللعان، والملاعنة للخرساء لا تصح.

وقال الاوزاعي: أن الولد يلحق بمن قذف إمرأته وهي خرساء صحيح لان اللعان إذا لم يصح وقوعه بينهما لخرس المرأة فالولد لاحق به، وأما نفيه الحد عنه فغلط منه، لانه قاذف ولم يبطل عنه حد اللعان فالحد لازم فيه.

(مسألة) ومما انفردت به الامامية القول: بأن من لاعن زوجته وجحد ولدها ثم رجع بعد ذلك فأقر بالولد فأنه يضرب حد المفتري ويورث الولد منه ولا يورث هو من ذلك الولد ويورث من هذا المولود أخوته من قبل أمه ولا يورث منه أخوته من جهة أبيه، ولست أعرف موافقا للامامية من مخالفها في هذه المسألة.

والدليل على صحة هذا المذهب الاجماع المتردد، وأيضا فإن الاحتياط فيه، لان إقراره بالولد بعد نفيه يغلب الظن

[فيه]

بأن القصد به الطمع في الميراث، وإذا حرم الميراث كان ذلك صارفا عن هذا المقصد، ومقتضيا أن الاقرار بعد الجحود مع حرمان الميراث إنما هو لتحري الحق والصدق دون غيره.