مسائل المواريث والفرائض والوصايا (وما يتعلق بذلك)

إعلم أن المسائل التي تنفرد بها الامامية في هذا الباب يدور أكثرها ومعظمها على أصول نحن نبين الكلام فيها ونستوفيه وهي الكلام في العصبة

[277]

والعول والرد، فاذا بان أن الحق في هذه الاصول معنا دون مخالفينا أثبت المسائل الكثيرة في الفرائض عليه وإستغنينا عن التطويل بتعيين الكلام في المسائل مع رجوعهن إلى أصل واحد وقد أحكمناه (فصل في الكلام على التعصيب).

(مسألة) إعلم أن مخالفينا في هذا الباب يذهبون في ذلك إلى ما لم يقم به حجة كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع، ويعولون في هذا الاصل الجليل على أخبار آحاد ضعيفة لو سلمت من كل قدح ومخالفة لنص الكتاب وظاهره على ما نستدل عليه ومعارضة بأمثالها لكانت غاية أمرها أن توجب الظن الذي قد بينا في غير موضع أن الاحكام الشرعية لا تثبت بمثله، وإدعاء الاجماع على قولهم في التعصيب غير ممكن مع الخلاف المعروف المسطور فيه سالفا وآنفا لان ابن عباس رضي الله عنه كان يخالفهم في التعصيب، ويذهب إلى مثل مذهب الامامية ويقول فيمن خلف بنتا وأختا أن المال كله للبنت دون الاخت ووافقه في ذلك جابر بن عبدالله.

وحكى الساجي أن عبدالله بن الزبير قضى أيضا بذلك، وحكى الطبري مثله، ورويت موافقة ابن عباس عن إبراهيم النخعي في رواية الاعمش عنه وذهب داود بن علي الاصفهاني إلى مثل ما حكيناه ولم يجعل الاخوات عصبة مع البنات فبطل إدعاء الاجماع مع ثبوت الخلاف متقدما ومتأخرا، والذي يدل على صحة مذهبنا وبطلان مذهب مخالفينا في العصبة بعد إجماع الطائفة الذي قد بينا أنه حجة قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا) وهذا نص في موضع الخلاف، لان الله تعالى صرح بأن للرجال من الميراث نصيبا، وأن للنساء أيضا نصيبا ولم يخص موضعا دون موضع، فمن خص في بعض المواريث بالميراث الرجال دون النساء فقد خالف ظاهر هذه الآية.

[278]

وأيضا توريث الرجال دون النساء مع المساواة في القربى والدرجة من أحكام الجاهلية، وقد نسخ الله بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وآله أحكام الجاهلية، وذم من أقام عليها وإستمر على العمل بها بقوله: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما) وليس لهم أن يقولوا أننا نخصص الآية التي ذكرتموها بالسنة، وذلك أن السنة التي لا تقتضي العلم القاطع لا يخصص بها القرآن، كما لم ينسخه بها، وإنما يجوز بالسنة أن يخصص وينسخ إذا كانت تقتضي العلم اليقين، ولا خلاف في أن الاخبار المروية في توريث العصبة أخبار آحاد لا توجب علما، وأكثر ما يقتضيه غلبة الظن، على أن أخبار التعصيب معارضة بأخبار كثيرة ترويها الشيعة من طرق مختلفة في إبطال أن يكون الميراث بالعصبة، وأنه بالقربى والرحم، وإذا تعارضت الاخبار رجعنا إلى ظاهر الكتاب.

وإعتماد المخالفين في العصبة على حديث رواه ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يقسم المال على أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت فلاولى ذكر أقرب، وهذا خبر لم يروه أحد من أصحاب الحديث إلا من طريق ابن طاوس، ولا رواه ابن طاوس إلا عن أبيه عن ابن عباس، ولم يقل ابن عباس فيه سمعت ولا حدثنا، وان طاوس يسنده تارة إلى ابن عباس في رواية وهب ومعمر، وتارة اخرى يرويه عنه الثوري وعلي بن عاصم، عن أبيه مرسلاغير مذكور فيه ابن عباس.

فيقول الثورى وعلي بن عاصم عن ابن طاوس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم هو مختلف اللفظ، لانه يروي فما أبقت الفرائض فلاولى ذكر، وروى أيضا فلاولى عصبة أقرب.

وروى أيضا فلاولى عصبة ذكر، وفي رواية اخرى فلاولى رجل ذكر عصبة، وإختلاف لفظه والطريق واحد يدل على ضعفه،

[279]

وقد خالف ابن عباس الذي يسند هذا الخبر إليه ما إجتمع ناقلوا هذا الخبر عليه في توريث الاخت بالتعصيب إذا خلف الميت بنتا وأختا على ما قدمنا حكايته عنه، وراوي هذا الخبر إذا خالف معناه كان فيه ما هو معلوم، ثم إذا تجاوزنا عن ذلك من أين لهم أن معنى العصبة المذكورة في الخبر هو ما يذهبون إليه، وليس في اللغة العربية لذلك شاهد ولا في العرف الشرعي، فأما اللغة فان الخليل بن أحمد قال في كتاب العين: أن العصبة مشتقة من الاعصاب وهي التي تصل بين أطراف العظام، ولما كانت هذه الواصلة بين المتفرقة من الاعضاء حتى إلتأمت، وكان أولاد البنات أولادا للجد، كما أن أولاد الابن ولد للجد، والجد جد للجميع كان البنات في جميع ولدهن إلى الجد، وضم الاصل والقبيلة المنسوبة إلى الجد كالبنين وكانوا جميعا كالاعصاب التي تجمع العظام وتلائم الجسد، فوجب أن يسموا جميعا عصبة، وذكر أبوعمرو غلام ثعلب قال قال ثعلب قال ابن الاعرابي: العصبة جميع الاهل من الرجال والنساء، فان هذا هو المعروف المشهور في لغة العرب، وأن الكلالة ما عدا الوالدين والولد من الاهل، فإذا كانت اللغة على ما ذكرنا فهي شاهدة بضد ما يذهب إليه مخالفنا في العصبة، وليس ها هنا عرف شرعي مستقر في هذه اللفظة، لان الاختلاف واقع في معناها لان في الناس من يذهب إلى أن العصبة إنما هي القرابة من جهة الاب.

وفيهم من يذهب فيها إلى أن المرادبها قرابة الميت من الرجال الذين إتصلت قرابتهم به من جهة الرجال كالاخ والعم دون الاخت والعمة، ولا يجعل للرجال الذين إتصلت قرابتهم من جهة النساء عصبة كأخوة الميت لامه وفيهم من جعل العصبة مأخوذة من التعصب والرايات والديوان والنصرة ومع هذا الاختلاف لا إجماع يستقر على معناها، على أنهم يخالفون لفظ هذاالحديث الذي يروونه لانهم يعطون الاخت مع البنت بالتعصيب وليست

[280]

برجل ولا ذكر كما تضمنه لفظ الحديث.

فان قالوا: يخص هذا اللفظ إذا ورثنا الاخت مع البنت، قلنا: ما الفرق بينكم إذا خصصتموه ببعض المواضع، وبينا إذا فعلنا في تخصيصه مثل فعلكم فجعلناه مستعملا في من خلف اختين لام وابن أخ وبنت أخ لاب وأم وأخا لاب فان الاختين من الام فرضهن الثلث وما بقي فلاولى ذكر قرب وهو الاخ من الاب وسقط ابن الاخ وبنت الاخ، لان الاخ أقرب منهما، وفي موضع آخر وهو أن يخلف الميت إمرأة وعما وعمة وخالا وخالة وابن أخ وأختا، فللمرأة الربع وما بقي فلاولى ذكر وهو الاخ وإبن الاخ وسقط الباقون، ثم يقال لهم: من أي وجه كانت الاخت مع البنت عصبة، فان قالوا: من حيث عصبها أخوها، قلنا: فألا جعلتم البنت عصبة عند عدم البنين ويكون أبوها هو الذي يعصبها، وإذا كان الابن أحق بالتعصيب من الاب والاب أحق بالتعصيب من الاخ، فأخت الابن أحق بالتعصيب كثيرا من أخت الاخ.

وكذلك يلزمهم أن يجعلوا العمة عند عدم العم عصبة في ما توجه لانجازه وفعله، فان قالوا: البنت لا تعقل عن أبيها، قلنا: والاخت أيضا لا تعقل عن أخيها فلا تجعلوها عصبة مع البنات.

فان تعلقوا بما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه أعطى الاخت مع البنت، قلنا: هذا حديث لو صح وبرئ من كل قدح لكان مخالفا لنص الكتاب للقربى، لان الله تعالى قال: (وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) فنص على القربى وتدانى الارحام سبب في إستحقاق الميراث والبنت أقرب من الاخت وأدنى رحما، وخبرهم الذين يعولون عليه في توريث الاخت مع البنت، رواه الهذيل بن شرحبيل أن أبا موسى الاشعري سئل عن رجل ترك بنتا وإبنة إبن وأختا من أبيه وأمه، فقال: لابنته

[281]

النصف وما بقي فللاخت.

وخبر يرويه الاسود بن يزيد قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فأعطى البنت النصف، والاخت النصف ولم يورث العصبة شيئا.

فأما الخبر الاول فقد قدح أصحاب الحديث في روايته وضعفوا رجاله وقيل: أن هذيل بن شرحبيل مجهول ضعيف، ولو زال هذا القدح لم يكن فيه حجة، لان أباموسى ليس في قضائه بذلك حجة، ولانه ما أسنده عن النبي صلى الله عليه وآله.

وكذلك القول: في خبر معاذ وليس في قولهم أنه كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله حجة، لانه قد يكون على عهده ما لا يعرفه، ولو عرفه لانكره، وقد إمتنع من توريث الاخت مع البنت من هو أقوى من معاذ، وهو أولى بأن يتبع وهو ابن عباس.

وفي حديث معاذ أيضا ما يقتضي بطلان قول من يذهب إلى أن الاخت تأخذ بالتعصيب مع البنت، لانه قال: ولم يورث العصبة شيئا لانها لو كانت عصبة في هذا الموضع لم يقل ذلك، بل كان يقول: ولم يورث باقي العصبة شيئا، وليس يجوز أن يستدل على أن الاخت لا ترث مع البنت بقوله تعالى (إن إمرء هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) فشرط في توريث الاخت فقد الولد فيجب أن لا ترث مع البنت لانها ولد، وذلك أنه تعالى إنما شرط في هذا الفرض المخصوص للاخت فقد الولد، وليس ذلك بمانع من أن ترث مع فقد هذا الشرط بسبب آخر، فان تعليق الحكم بشرط لا يدل على إرتفاعه مع فقد الشرط على ما بيناه في كتاب أصول الفقه.

ويمكن أن يقال أيضا لمخالفينا في هذه المسألة أن الاناث لا يرثن بالتعصيب مع فقد أخوتهن على رأي من ذهب إلى التوريث بالتعصيب، ألا

[282]

ترى أن البنات وبنات الابن لا يرثن بالتعصيب إذا إنفردت، فلو ورثت الاخت بالتعصيب إذا إنفردت لكانت بنت الابن أولى من الاخت بما فضل من فرض البنات.

وإذا كنا قد دللنا على بطلان الميراث بالعصبة فقد بطل كل ما بينه مخالفونا من المسائل في الفرائض على هذا الاصل وهي كثيرة ولا حاجة بنا إلى تفصيلها وتعيين الكلام في كل واحد منها، لان إبطالنا للاصل الذي تبنى عليه هذه المسألة قد أغنى وكفى.

فمن هذه المسائل أن يخلف الرجل بنتا وعما فعند المخالف أن للبنت النصف والباقي للعم بالعصبة، وعندنا أنه لا حظ للعم والمال كله للبنت بالفرض والرد، وكذلك لو كان مكان العم ابن عم، وكذلك لو كان مكان البنت إبنتان، ولو خلف الميت عمومة وعمات أو بني عم وبنات عم فمخالفنا يورث الذكور من هؤلاء دون الاناث لاجل التعصيب، ونحن نورث الذكور والاناث.

ومسائل التعصيب لا تحصى كثرة.

وحجتنا على صحة ما نذهب إليه في هذه المسائل كلها ما بينا صحته من إبطال التعصيب والتوريث به، فان قيل: إذا كنتم تستدلون على أن العمات يرثن مع العمومة، وبنات العم يرثن مع إبني العم وما أشبه ذلك من المسائل بقوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون) الآية ففي هذه الآية حجة عليكم في موضع آخر، لانا نقول لكم ألا ورثتم العم أوابن العم مع البنت بظاهر هذه الآية، وكيف خصصتم النساء دون الرجال بالميراث في بعض المواضع وخالفتم ظاهر الآية فألا ساغ لمخالفكم مثل ما فعلتموه، قلنا: لا خلاف في أن قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون) الآية، أن المراد به مع الاستواء في القرابة والدرج ألا ترى أنه لا يرث ولد الولد ذكورا كانوا أو إناثا مع الولد لعدم التساوي

[ 283]

في الدرجة والقرابة، وإن كانوا يدخلون تحت التسمية بالرجال والنساء وإذا كانت القرابة والدرجة مراعا بين العم وإبنه لا يساوي البنت في القربى والدرجة وهو أبعد منها كثيرا.

وليس كذلك العمومة والعمات وبنات العم وبنو العم، لان درجة هؤلاء واحدة وقربائهم متساوية والمخالف يورث الرجال منهم دون النساء، فظاهر الآية حجة عليه وفعله مخالف لها، وليس كذلك قولنا في المسائل التي وقعت الاشارة إليها وهذا واضح فليتأمل.

فصل في العول إعلم أن العول في اللغة العربية إسم للزيادة والنقصان وهو يجري مجرى الاضداد، وإنما دخل هذا الاسم في الفرائض في الموضع الذي ينقص فيه المال عن السهام المفروضة فيه فيدخل ها هنا النقصان، ويمكن أن يكون دخوله لاجل الزيادة، لان السهام زادت على مبلغ المال، فإذا أضيف إلى المال كان نقصانا، وإذا أضيف إلى السهام كان زيادة، والذي يذهب إليه الشيعة الامامية أن المال إذا ضاق عن سهام الورثة قدم ذووا السهام المؤكدة المذكورة من الابوين والزوجين على البنات، والاخوات من الام على الاخوات من الاب والام أومن الاب، ويجعل الفاضل عن سهامهم لهن، وذهب ابن عباس رحمة الله عليه إلى مثل ذلك، وقال به أيضا عطا ابن أبي رياح.

وحكى الفقهاء من العامة هذا المذهب عن محمد بن علي بن الحسين الباقر صلوات الله عليه ومحمد بن الحنيفة رضي الله عنه وهو مذهب داود بن علي الاصبهاني

[284]

وقال باقي الفقهاء: أن المال إذا ضاق عن سهام الورثة قسم بينهم على قدر سهامهم، كما يفعل ذلك في الديون والوصايا إذا ضاقت التركة عنها والذي يدل على صحة ما نذهب إليه إجماع الطائفة عليه، فانهم لا يختلفون فيه، وقد بينا أن إجماعهم حجة.

وأيضا فان المال إذا ضاق عن السهام كامرأة ماتت وخلفت بنتين وأبوين وزوجا، والمال يضيق عن الثلثين والسدسين والربع فنحن بين أمور: أما أن ندخل النقص على كل واحد من هذه السهام أو ندخله على بعضها، وقد أجمعت الامة على أن البنتين ها هنا منقوصتان بلا خلاف، فيجب أن نعطي الابوين السدس والزوج الربع، ويجعل ما بقي للابنتين، ونخصهما بالنقص لانهما منقوصتان بالاجماع، ومن عداهما ما وقع إجماع على نقصه من سهامه ولا قام دليل على ذلك، فظاهر الكتاب يقتضي أن له سهما معلوما فيجب أن نوفيه إياه ونجعل النقص لاحقا بمن أجمعوا على نقصه (طريقة اخرى).

ومما يدل أيضا على ذلك انا إذا نقصنا جميع ذوي السهام وأعطينا كل واحد منهم بعض ما يتناوله النص خصصنا ظواهر كثيرة وصرفناها عن الحقيقة إلى المجاز، وإذا أنقصنا احدهم عدلنا فيما نخص هذا المنقوص وحده عن الظاهر والحقيقة وأبقينا ما عداه على ظاهره وحقيقته، وإذا كان التخصيص والانصراف عن الحقيقة إنما يفعل للضرورة فقليله أولى من كثيره ولا معتبر بما يفعله مخالفونا من تسميتهم ما هو خمس في الحقيقة ربعا، وما هو أكثر من السدسين بأنه سدسان ولا بالثمن عن التسع وما أشبه ذلك لانهم سموا الشئ بغير إسمه الموضوع له، وخرجوا عن موجبه اللغة، ولم يبق إلا أن يقال لنا كلامكم يقتضي أن نقصان بعض السهام المذكورة أولى من إدخال النقص على الجميع فلم خصصتم من ذكرتموه من البنات والاخوات بالنقصان دون من عداهن، وما الفرق بينكم وبين من جعل النقص داخلا على غير من ذكرتم

[285]

وفي سهام من خصصتموه بالنقصان، والجواب أن كل من أوجب نقص أحد المسمين دون جميعهم خصص بالنقصان من عيناه دون غيره، فالقول: بأن النقص داخل على البعض الذي هو غير من عيناه وخصصناه بالنقصان قول يخرج عن الاجماع.

فأما إعتماد من نفى العول من أصحابنا وغيرهم على أن الزوج والزوجة كانت لكل واحد منهما فريضة فحطا إلى دونها، فكذلك الابوان حطا من فريضة إلى فريضة أخرى والبنات والاخوات لم يهبطا من فريضة إلى اخرى فدخول النقص على من لم يلحقه نقص أولى من دخوله على من نقص فليس بشئ وإنما هو دعوى محضة.

فإذا قيل لهم: إذا كان الامر على ما حكيتموه وجب ما ظننتموه ولو عكس عاكس ذلك عليكم، فقال: دخول النقص على الزوجين والابوين دلالة على ضعف حظهما وإمتناع دخول النقص على البنات والاخوات امارة لقوة نصيبهما، فان دخول العول على الضعيف أولى من القوي ولم يجدوا فرقا صحيحا وهم يروون هذا الترجيح عن ابن عباس رحمة الله عليه، وإذا صح عنه فلا حجة فيه لما أشرنا إليه.

والمعتمد في نفي العول على ما قررناه وليس يشبه ما يقولونه في العول أن الديون إذا كانت على الميت ولم تف تركته بالوفاء بها، فان الواجب القسمة للمال على أصحاب الديون بحسب ديونهم من غير إدخال النقص على بعضهم وذلك أن أصحاب الديون مستوون في وجوب إستيفاء أموالهم من تركة الميت، وليس لاحد مزية على الآخر في ذلك، فان اتسع المال لحقوقهم إستوفوها، فان ضاق تساهموه وليس كذلك مسائل العول، لانا قد بينا أن بعض الورثة أولى بالنقص من بعض، وأنهم غير مستويين كاستواء أصحاب الديون فافترق الامران.

[286]

ومما يمكن أن يفرق به بين العول والدين إذا ضاقت التركة عنه أن الديون ربما إتسعت أموال الميت لاستيفائها منها، وليس كذلك العول لان الحقوق متعلقة بأجزاء مسماة لا يجوز أن تستوفى قط من مال واحد مع كثرة ولا قلة فكيف تشبه الديون بالعول، وفي أصحابنا من ذهب إلى أن البنت إنما جعل لها النصف مع الابوين، وجعل للبنتين الثلثان أيضا معهما، فإذا إنفردت البنت الواحدة أو الابنتان عن الابوين تغير هذا الفرض، وهذا إنما إرتكبوه فرارا به من العول حتى لا يجتمع في إمرأة ماتت وخلفت بنتين وأبوين وزوجا الثلثان والسدسان والربع.

وقد بينا في مسألة أمليناها منفردة وتكلمنا فيها على شئ أخطأ فيه الفضل بن شاذان في المواريث بطلان هذه الشبهة، وأن الله تعالى جعل للبنت الواحدة النصف بالاطلاق على كل حال وللبنتين الثلثين على كل حال، وأن قوله تعالى: (ولابويه لكل واحد منهما السدس) كلام مبتدأ لا يتعلق بما تقدمه، وقلنا أيضا: كيف يجوز أن يريد ان للواحدة النصف وللبنتين الثلثان مع الابوين، وهو تعالى يقول: (ولابويه لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد)، وأشبعنا ذلك وإستوفيناه على أنهم لا يتمكنون من مثل هذا في إمرأة خلفت زوجا وأخوين من أم وأختا من أب وأم، لان هذه المسألة فيها نصف وهو حق الزوج، وثلث وهو حق‌الاخوين من الام، ونصف وهي حق الاخت من الاب والام، فلا بد من مذهب المخالف في العول ونقصان الجميع أو إفراد الاخت من الاب والام بالنقصان، وليس لهم أن يقولوا إنما جعل للاخت النصف إذا إنفردت، وذلك لان الله تعالى شرط في إستحقاقها هذاالنصف نفي الولد، والظاهر يقتضي أنها تستحق ذلك مع فقد الولد على كل حال، وإنما نقول: أن الباقي ها هنا للاخت بدليل إقتضى العدول عن الظاهر فيجب أن يقولوا بمثل ذلك في ميراث البنت والبنتين

[287]

مع الابوين وفقدهما، وانا إنما ندخل النقص على البنات مع دخولهن تحت الظاهر بدليل إقتضى ذلك.

فأما قول بعض أصحابنا.

محتجا على صحة ما ذهبنا إليه من إدخال النقص على البنات بأنه لو كان مكان البنت أو البنتين إبن أو بنون ما كان لهم إلا ما بقى، والبنت ليست بأحسن حالا من الابن، فيجب أن يكون لها ما بقى فليس بمعتمد، لان الابن ليس من ذوي السهام المنصوص عليها في موضع من المواضع، وليس كذلك البنت والبنتان.

فأما دعوى المخالف أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يذهب إلى العول بالفرائض، وأنهم يروون عنه ذلك، وأنه عليه السلام سئل وهو على المنبر عن بنتين وأبوين وزوجة، فقال عليه السلام بغير روية صار ثمنها تسعا فباطلة، لاننا لا نروي عنه صلوات الله عليه خلاف العول ووسايطنا إليه النجوم الزواهر من عترته كزين العابدين والباقر والصادق والكاظم صلوات الله عليهم، وهؤلاء عليهم السلام أعرف بمذهب أبيهم صلوات الله عليه وآله ممن نقل خلاف ما نقلوه، وابن عباس ما تلقى إبطال العول في الفرائض إلا عنه عليه السلام.

ومعولهم في الرواية عنه عليه السلام أنه كان يقول بالعول عن الشعبي والحسن بن عمارة والنخعي.

فأما الشعبي فأنه ولد في سنة ست وثلاثين.

والنخعي ولد في سنة سبع وثلاثين، وقتل أمير المؤمنين في سنة أربعين فكيف يصح روايتهم عنه، والحسن بن عمارة مضعف عند أصحاب الحديث، وولى المظالم، ولما ولي المظالم قال سليمان بن مهران الاعمش ظالم ولي المظالم، ولو سلم كل ما ذكرناه من القدح والجرح لم يكونوا بأزاء من ذكرنا من السادة والقادة الذين رووا عنه عليه السلام إبطال العول.

[288]

فأما الخبر المتضمن أن ثمنها صار تسعا، وإنما رواه سفيان عن رجل لم يسمه والمجهول لا حكم له، وما رواه عنه عليه السلام أهله أولى وأثبت، وفي أصحابنا من يتأول هذا الخبر إذا صح على أن المراد به أن ثمنها صار تسعا عندكم أو أراد الاستفهام وأسقط حرفه، كما أسقط في مواضع كثيرة، ووجدت بعض من يشار إليه في علم الفرائض يلزم من نفي العول فيقول له ما تقول في أم وزوج وأخوين من أم، فان قال للزوج النصف وللام الثلث وللاخوين الثلث عالت الفريضة، فيقال له لا ينبغي أن نكلم من لا نعرف مذهبه، وللزوج عندنا في هذه الفريضة النصف وللام الباقي ولا حظ للاخوين من الام فان الاخوة عندنا لا يرثون مع الام في موضع من المواضع.

وقال أيضا من تقدمت الاشارة إليه يقال لمن نفى العول ما تقول في زوج وأخت لاب وأم وأخت لاب، فان قالوا للزوج النصف وللاخت للاب والام النصف وتسقط الاخت للاب، قيل: ولم صارت الاخت للاب والام مقدمة على الاخت للاب وهما يرثان مرة بالفرائض ومرة بالتعصيب فيقال له إنما جعلنا للزوج النصفوللاخت للاب والام النصف الآخر، لان الاخت للاب والام إذا إجتمعت مع أخت للاب سقطت الاخت للاب وورثت جميع المال الاخت للاب والام والاخت للاب والام مقدمة على الاخت للاب كما أن الاخ للاب والام مقدم على الاخ للاب.

ثم قال هذا الذي أشرنا إليه يقال لمن نفى العول ولم يقل بالقياس إذا لم يكن عندكم ما فرض لذوي السهام عاما في كل المسائل، فمن أين قلتم في زوج وأختين لاب وأم للزوج النصف وللاختين النصف، فان قالوا قلنا بالاجماع في فرض الزوج، ثم قال: لا إجماع في ذلك، والجواب عنه غير ما حكاه عنا لانا نقول في هذه المسألة أن الاختين منقوصتان مما فرض لهما من السهام بلا خلاف فيجب أن تنقصا والزوج غيرمجمع على وجوب نقصه

[289]

فيجب أن يكون سهامه موفرة وإن شئت أن تقول ليس يمكن العمل بعموم الظواهر في هذه المسألة، لانه محال أن يكون لمال واحد نصف وثلثان فنحن بين أمرين بين أن ينقص للزوج والاختين كما فعل أصحاب العول وبين أن ينقص أما للزوج أو للاختين فلو نقصنا الزوج والاختين معا لكنا عادلين عن الظواهر في سهام الزوج والظاهر في سهام الاختين، وإذا أنقصنا الاختين دون الزوج فأنما عدلنا عن ظاهر واحد، وحملنا الآخر على حقيقته، والعدول عن ظاهر واحد أولى من العدول عن إثنين، وليس لاحد أن يقول فاعدلوا عن ظاهر الزوج وبقوا ظاهر الاختين، لان كل من أوجب العدول في هذه المسألة عن بعض الظواهر دون بعض أوجب العدول في من عيناه وإذا كنا قد بينا فساد القول بالعول فقد أبطلنا بذلك كلما يبنى عليه من المسائل وهي كثيرة فلا حاجة بنا إلى تعيين جميعها وتفصيلها مع إبطال الاصل الذي يرجع إليه.

فصل في العول بوجوب الرد عندنا أن الفاضل عن فرض ذوي السهام من الورثه يرد على أصحاب السهام بقدر سهامهم، ولا يرد على زوج ولا زوجة، كمن خلف بنتا وأبا فللبنت في التسمية النصف وللاب بالتسمية السدس وما بقي بعد ذلك وهو ثلث المال رد عليهما بقدر إنصبائهما فللبنت ثلاثة أرباعه وللاب ربعه فيصير المال مقسوما على أربعة أسهم للنبت ثلاثة أسهم من أربعة وللاب سهم من أربعة، وقال أهل العراق: أن الفاضل من السهام إذا لم يكن هناك عصبة رد على أصحاب السهام بقدر سهامهم إلا على الزوجين.

[290]

وروى مخالفونا ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام وابن عباس وابن مسعود وبه قال الثوري والشعبي والنخعي ولم يرد ابن مسعود أيضا على ولد الام مع الام ولا على الجد مع ذي رحم له سهم ولا على بنات الابن مع البنت ولا على أخت لاب مع أخت لاب وأم، وذهب زيد بن ثابت إلى أن الفاضل من السهام لبيت المال، وبه قال الشافعي ومالك وداود وكثير من أهل الحجاز، ومن تأمل هذا الموضع علم أن الاماميه منفردة به عن من وافقها في الرد من أهل العراق وغيرهم لان أولئك راعوا العصبة والامامية لا تراعيها، ويرد على كل حال، والوجوه إذا تأملتها عرفت موضع إنفراد الامامية.

والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه في هذه المسألة إجماع الطائفة، وقد بينا أنه حجة، ويمكن أن يستدل على ذلك بقوله تعالى: (وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)، فدل على أن من هو أولى بالرحم وأقرب إليه أولى بالميراث.

وقد علمنا أن قرابة الميت وذوي رحمه أولى بميراثه من المسلمين وبيت المال، وأصحاب السهام أيضا غير الزوج والزوجة أقرب إلى الميت من عصبته فوجب أن يكون فاضل السهام إليهم مصروفا.

فان قيل: لم يقع التصريح في الآية بأن أولى الارحام بعضهم أولى ببعض في الميراث، قلنا: اللفظ يحتمل الميراث وغيره فنحمله بحكم العموم على جميع ما يحتمله، ومن إدعى التخصيص فعليه الدليل، ومما يمكن أن يعارض به الخصوم من رواياتهم التي يتناولونها وتوجد في كتبهم ما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله: المرأة تحوز ميراث ثلاثة عتيقها ولقيطها وولدها، فأخبر أنها تحوز ميراث بنتها، ولا تحوز جميعه إلا بالرد عليها دون التسمية.

ومما يمكن أن يعارضوا به أيضا ما يروونه عن النبي صلى الله عليه وآله

[291]

أنه جعل ميراث ولد الملاعنة لامه ولذريتها من بعدها، وهذا يقتضي أن يكون جميع ميراثه لها، ولا يكون لها الجميع إلا بالتسمية والرد، ومما يمكن أيضا أن يعارضوا به ما يروونه عن سعد أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا بنتي أفأوصي بمالي كله؟ قال لا، قال فبالنصف؟ قال لا، قال فبالثلث؟ قال الثلث، والثلث كثير، ووجه الدلالة من الخبر أنه قال: ليس يرثنى إلا بنتي ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وآله.

وروي هذا الخبر بلفظ آخر وهو أنه قال أفأوصي بثلثي مالي والثلث لبنتي، قال لا قال أوصي بنصف مالي والنصف لبنتي؟ قال: لا، قال: أفأوصي بثلث مالي والثلثان لبنتي، قال: الثلث والثلث كثير، فدل ذلك على أن البنت قد ترث الثلثين.

وإحتج المخالف لنا في الرد بقوله تعالى: (أن إمرء هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد) فجعل للاخت النصف إذا مات أخوها ولا ولد له ولم يزدها عليه، فدل على أنها لا تستحق أكثر من النصف بحال من الاحوال.

والجواب عن ذلك أن النصف إنما وجب لها بالتسمية، ولانها أخت والزيادة إنما تأخذها بمعنى آخر وهو للرد بالرحم، وليس يمتنع أن ينضاف سبب إلى آخر، مثال ذلك الزوج إذا كان إبن عم ولا وارث معه فانه يرث النصف بالزوجية والنصف الآخر عندنا لاجل القرابة، وعند مخالفينا لاجل العصبة، ولم يجب إذا كان الله تعالى قد سمى له النصف مع فقد الولد ألا يزاد عليه بسبب آخر.

وبمثل هذا الجواب نجيبهم إذا قالوا: أن الله تعالى قد جعل للبنت الواحدة النصف فلا يجوز أن يزاد على ذلك، لانا قد بينا أن النصف تستحقه بالتسمية والباقي تستحقه بسبب آخر وهو الرد، فاختلف السببان

[292]

واعلم أن المسائل التي ننفرد بها في الرد كثيرة لا معنى للتطويل بذكرها، وإذا كنا قد بينا صحة أصولنا في الرد وما يبتني عليه فكل مسألة تفرعت على هذه الاصول مردودة إليها ومبتنية عليها ولا حاجة إلى تكلف أعيان المسائل كلها، كما لم نفعل ذلك في باب العصبات وباب العول.

المسائل المشتركة في الارث.

وهي زوج وأم وأخوات من أم وإخوة لاب وأم، فعند الامامية: أن للزوج النصف، وللام باقي المال بالتسمية والرد، وليس للاخوة والاخوات حظ في هذا الميراث.

وذهب أبوحنيفة وأصحابه إلى أن للزوج النصف وللام السدس ولولد الام الثلث وأسقطوا الاخوة من الاب والام وهو مذهب أبي بن كعب وأبي موسى الاشعري، وإحدى الروايتين عن ابن مسعود وزيد، وهو أيضا مذهب داود بن علي الاصبهاني.

وقال مالك والشافعي الثلث بين جميع الاخوة والاخوات بالسوية ذكورهم وإناثهم فيه سواء.

وروي هذا القول عن عمر وعثمان، وبه قال سعيد بن المسيب والزهري والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة عليه، وأيضا فان الام في حيازة الميراث تجري مجرى الاب ولا ترث الاخوة والاخوات مع واحد منهما فإذا أخذت الام السدس بالتسمية فان الباقي يكون ردا عليها، لانها أقرب رحما من الاخوة والاخوات، وإذا كنا نرد على الاقرب فهي أقرب من كل الاخوة.

فأن قيل لنا: لو سقطت من هذه الفريضة الام وبقي زوج وأخوات من أم واخوة من أ ب وأم كيف قولكم فيها؟ قلنا: للزوج النصف وللاخوين

[293]

من الام الثلث والباقي للاخوة من الاب والام، وإنما قلنا بذلك لان النصف للزوج بظاهر الكتاب، وكذلك الاخوة من الام والاخوة من الاب والام، والام لا تسمية لهم فهم يأخذون ما بقى فأن قيل: كيف ينقص حظ الاخوة من الاب والام عن حظ الاخوة للام وقد ساووهم في القرابة من جهة الام ونزلوا منزلتهم، وزيادتهم عليه بالقرابة من جهة الاب إن لم يزدهم تأكيدا لم ينقصهم، قلنا: القياس في الشرع مطرح والاعتبار فيه بالنصوص، وقد بينا أن الامر على ما ذكرناه ثم لا إعتبار فيه بما ذكروه على أن ما ذكروه إنما ينتقض بامرأة خلفت زوجا وأما وأخا لام وعشرين اخوة لاب وأم لانهم يذهبون إلى أن للزوج النصف وللام السدس وللاخ من الام السدس كاملا والسد س الباقي بين الاخوة للاب والام وحظ كل واحد منهم أقل كثيرا من حظ الاخ للام مع تساويهم في قرابة الام فعلم أنه لا إعتبار بما ذكروه.

(مسألة) ومما يظن إنفراد الامامية به ولهم فيه موافق متقدم أن الميت إذا خلف أبوين وزوجا أو زوجة أنه يبدأ بإخراج حق الزوج أو الزوجة وما بقى بعد ذلك فللام منه الثلث من الاصل لا ينقص منه، وما بقى بعد حق الزوج أو الزوجة وحق الام فهو للاب، فان كان ميتا خلف زوجة وأبا وأما، فللزوجة الربع وللام الثلث وللاب ما بقى وهو خمسة أسهم من إثنى عشر سهما، ولو خلفت الميتة زوجا وأبوين فللزوج النصف ثلاثة أسهم من ستة وللام الثلث سهمان وللاب سهم واحد.

وقد روي أن عبدالله بن عباس رضي الله عنه كان يقول هذا القول بعينه وشريح وأنهما لم يرجعا عنه.

وروى عن ابن سيرين مثل قول ابن عباس في إمرأة خلفت زوجا وأبوين فأعطى الام الثلث والزوج النصف والاب ما بقى وخالفه في زوج وأبوين ثلث ما بقى، وقال باقي الفقهاء المتقدمون والمتأخرون

[294]

بخلاف ذلك، وقالوا: أن للام ثلث ما بقى، وما بقي فللاب، والدليل على صحة ما ذهبنا إليه في هذه المسألة الاجماع المتردد.

وأيضا فان الله تعالى قال: (فأن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث) فأوجب لها صريحا ثلث أصل المال، لان إطلاق قولنا ثلث أو نصف أو سدس يقتضي أن يكون من أصل المال دون بعض من أبعاضه، ألا ترى أنه تعالى لما جعل للزوج النصف مع فقد الولد، والربع مع وجوده، وللزوجة الربع مع فقده، والثمن مع وجوده، وكذلك كل من سمى له سهما كالبنت الواحدة والبنتين لم يفهم أحد من العلماء ذلك المسمى إلا من أصل المال دون بعضه.

وكيف يجوز أن يفهم من قوله تعالى: (فلامه الثلث) أنه ثلث ما بقي وذلك بخلاف جميع ظواهر القرآن.

وأيضا فان الله تعالى جعل للام مع فقد الولد سهما مسمى وهو الثلث ولم يعين للاب سهما مسمى في هذا الموضع بل كان له ما بقى، إلا أن الذي يبقى في هذه المسألة الثلثان بالاتفاق لانه هو السهم الذي لا بد أن يستحقه الاب، فاذا دخل الزوج والزوجة على الابوين كانا داخلين على من له فرض مسمى وهو الام، وعلى من ليس له سهم مسمى وهو الاب فيجب أن لا ينقص صاحب السهم المسمى وهو الام عن سهمه، ويكون النقصان داخلا على من له ما يبقى وهو الاب كما يكون له الزيادة، ألا ترى أن الزوج والزوجة لا ينقصان من التسمية سهامهما، فالام لاحقة بهما لتسمية سهمهما، ولو جاز أن يدخل النقصان على الام مع تعيين سهمها جاز ذلك في الزوج والزوجة، ولان الام إنما تنقص بالولد أو الاخوة ولم يوجدا في هذه المسألة.

فأن قيل: قوله تعالى: (فان لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث) إنما المراد به إذا لم يرثه غيرأبويه ولا خلاف في أن الميت إذا ورثه أبواه

[295]

من غير وارث سواهما فان للام الثلث.

قلنا: الظاهر بخلاف ذلك، لان قوله تعالى: (فان لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث) إيجاب للام الثلث مع فقد الولد على كل حال، ولم يذكر أنه لاوارث له غيرهما، كما لم يذكر أن له وارثا غيرهما، وإذا لم يذكر كل ذلك حملناه على إطلاقه مع فقد الوارث ووجوده، ووجدت بعض من ينصر هذه المسألة خاصة من مخالفينا في الفرائض يستدل على أن للام الثلث كاملا لا ثلث ما بقي، بقوله تعالى: (وورثه أبواه فلامه الثلث فان كان له إخوة فلامه السدس،) قال هذا المحتج فدل على أنها ترث مع فقد الاخوه الثلث ومع الاخوة السدس وفي ذلك بطلان قول من جعل لها الثلث الباقي عن فرض الزوج وهو سدس المال لما يقتضي من التسوية بين حالها إذا كان أخوة أو لم يكن أخوة، وقد فرق الله تعالى بين حاليها فجعل لها مع الاخوة السدس ومع فقد الاخوة الثلث كما فرق بين حال الزوجين فجعل لهما مع فقد الولد مثل ما لهما مع الولد فلما لم يجز أن يعطيا مع فقد الولد ما فرض لهما مع الولد دل على أنه لا يجوز أن يعطى للام مع غير الولد والاخوة ما جعل لها مع الاخوة والولد إذا كان الله تعالى قد فرق بين حالهم جميعا.

وفي التسوية بينهما مخالفة للظاهر وما هو إلا قريب، فان قال قائل لما كان الابوان يرثان بمعنى واحد وهو الولادة وكانا في درجة واحدة شابها الابن والبنت اللذين يرثان بالولادة، فوجب أن لا تفضل الانثى فيهم الذكر إذا كانا تساويا في درجة.

قلنا: هذا قياس وإن كان غير صحيح وبالقياس لا تثبت عندنا الاحكام الشرعية، ثم لو لزم ذلك للزم أن يورث الابوان مع الولد للذكر مثل حظ الانثيين ولا تساوي بينهما لاستوائهما في الدرجة والولادة، وللزم مثله أيضا

[296]

في الاخوة والاخوات من الام والجد والجدة إذا إستووا في الدرجة، وإحتج إبن علية في هذه المسألة وتبعه على ذلك أبوبكر أحمد بن علي الرازي الحنفي بأن للاب وللام إذا لم يكن معهما غيرهما فللام الثلث وللاب الثلثان، فإذا دخل عليهما من إستحق بعض المال وجب أن يرجعا إلى ما كان لهما في الاصل كشريكين كان بينهما مال لاحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه فاستحق مستحق بعض هذا المال، فالواجب أن يقسم ما بقى من المال على ماكان لهما في الاصل، لصاحب الثلث ثلث ما بقي ولصاحب الثلثين ثلثا ما بقي.

وقد قوى أبوبكر الرازي هذا الاحتجاج بأن قال: أن الله تعالى جعل عند إنفراد الابوين بالميراث للام الثلث وللاب الثلثين كما جعل مثل ذلك للابن والبنت في قوله تعالى: (للذكر مثل حظ الانثيين)، وللاخ والاخت في قوله تعالى: (وإن كانوإخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين) ثم لما سمى للزوج والزوجة ما سمى لهما وأخذا نصيبهما كان الباقي بين الابن والبنت على ما كان عليه قبل دخولهما، وكذلك بين الاخ والاخت، وهذا يقتضي في مسألة الابوين أن يكون إذا أخذالزوج والزوجة نصيبهما فوجب أن يكون ما كان للابوين على ما إستحقاه في الاصل قبل دخول الزوجين، وهذا إحتجاج ركيك مبني على فساد، لان الله تعالى فرض للام الثلث عند إنفراد الابوين بالميراث ولم يسم للاب شيئا فأعطيناه ما بقي فكان الثلثين إتفاقا للاب، لا لانه السهم المعين، وإذا كان فرض الام الثلث في كل موضع وقد بينا أن الظاهر يقتضي أنه الثلث من أصل المال وجب أن نعطيها الثلث كاملا من المال مع الداخل وفقد الداخل، ويكون للاب ما بقى كائنا ما كان ولا يشبه ذلك الشريكين، فان الشريكين في المال لكل واحد منهما نصفه فاذا إستحق مستحق من المال شيئا أعطينا كل واحد من الشريكين النصف بعد الخارج لتساويهما في السهام.

[297]

وقد بينا أن سهم الام مذكور في القرآن، وسهم الاب غير معين، وإنما له ما بقي بعد فرض الام، ولا يشبه ذلك ما ذكره الرازي في الابن والبنت والاخ والاخت، لان الله تعالى قد صرح في نصيب من ذكر بأن (للذكر مثل حظ الانثيين)، فينبغي أن تكون القسمة على ذلك مع الانفراد والاجتماع ولم يصرح في الابوين بأن للاب مع الانفراد الثلثين، فافترق الامران ولا وجه للجميع بينهما.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أنه لا يرث مع الوالدين ولا مع أحدهما أحد سوى الولد والزوج والزوجة، وذهب فقهاء العامة إلى خلاف ذلك، وورثوا الاخوة والاخوات مع الام على بعض الوجوه.

دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة الذي يتكرر قوله تعالى: (وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)، وقد علمنا أن الوالدين أقرب إلى الميت من إخوته، لانهم يتقربون إليه بهما، والوالدان يتقربان بنفوسهما.

وأيضا فان الله تعالى جعل للوالدين حقا عاليا ثم أهبطهما عنه في بعض الاحوال ولم يفرق بين الاب والام في ذلك، وكما أن الاخوة والاخوات لا يرثون شيئا مع الاب كذلك يجب أن لا يرثوا مع الام.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أنهم ذهبوا فيمن يموت ويخلف والديه وبنته أن للبنت النصف وللابوين السدسين وما يبقى يرد عليهم على حساب سهامهم، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أن للبنت النصف وللام السدس وللاب ما بقي وهو الثلث.

دليلنا على صحة قولنا الاجماع المتردد، ولان الابوين لهما السدسان بظاهر الكتاب وللبنت النصف بظاهره أيضا، ويبقى السدس فيجب أن يكون مردودا على الجماعة بقوله تعالى: (وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض)

[298]

فكيف يجوزهذا الباقي للاب وإنما له السدس مع الولد، فإذا قالوا: بالخبر المتضمن لذكر العصبة، فقد تقدم من الكلام في ذلك ما فيه كفاية، ولان خبرهم إذا صح يقتضي أن تبقى الفرائض شيئا، وها هنا ما أبقت الفرائض شيئا بل قد إستوفى النص جميع المال.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أنهم يذهبون فيمن ترك إبنتيه وأحد أبويه وإبن إبن أن للبنتين الثلثين ولاحد الابوين السدس وما يبقى فهو رد على البنتين وأحد الابوين وليس لابن الابن شئ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أن السدس الباقي من هذه الفريضة لابن الابن، والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة المتردد أن أحد الابوين أقرب إلى الميت من إبن إبنه، والقربى مراعاة في الميراث فكيف يجوز أن يرث البعيد مع القريب، ولان مخالفينا يعولون في ذلك على الخبر الذي يروونه عن النبي صلى الله عليه وآله ما أبقت الفرائض فلاولى عصبة ذكر، وقد أسلفنا من الكلام في إبطال هذا الخبر ما فيه كفاية.

ثم لو كان صحيحا لكان للاب بأن يكون هو الاولى بالميراث من إبن الابن، فلو راعينا التعصيب الذي يراعونه لكان الاب أحق من إبن الابن به.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأنه لا يحجب الام عن الثلث إلى السدس الاخوة من الام خاصة، وإنما يحجبها عنه الاخوة من الاب والام أو من الاب، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أن الاخوة من الام يحجبون كما تحجب الاخوة من الاب والام، دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع الذي قد تكرر.

وإذاإحتج علينا بظاهر قوله تعالى: (فان كان له إخوة فلامه السدس) فان الاسم يتناول الاخوة من الام خاصة كما يتناول الاخوة من الاب والام

[299]

قلنا: هذا العموم يرجع عن ظاهره بالاجماع فانه لا خلاف بين الطائفة في هذا، وقول من يقول من أصحابنا كيف يجوز أن يحجبها الاخوة من الام وهم في كفالتها ومؤنتها ليس بعلة في سقوط الحجب، وإنما إتبعوا في ذلك لفظ الرواية فانهم يروون عن أئمتهم عليهم السلام أنهم لا يحجبونها لانهم في نفقتها ومؤنتها.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأنه لا يرث مع الولد ذكرا كان أو أنثى أحد إلا الوالدان والزوج والزوجة، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وجعلوا للاخوة والاخوات والعمومة وأولادهم نصيبا مع البنات، والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد أنه لو جاز أن يرث أحد ممن ذكرناه مع البنات لجاز أن يرث مع البنين، لان إسم الولد يتناول الجميع، ولان قربى البنت كقربى الابن وما يعولون عليه من خبر العصبة قد تقدم الكلام عليه وبيان ما فيه.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأن الولد الذكر الاكبر يفضل دون ساير الورثة بسيف أبيه وخاتمه ومصحفه، وباقي الفقهاء يخالف في ذلك، والذي يقوى في نفسي أن التفضيل للاكبر من الذكور بما ذكر إنما هو بان يخص بتسليمه إليه وتحصيله في يده دون باقي الورثة وإن إحتسب بقيمته عليه، وهذا على كل حال إنفراد من الفقهاء لانهم لا يوجبون ذلك ولا يستحسونه وإن كانت القيمة محسوبة عليه.

وإنما قوينا ما بينا وإن لم يصرح به أصحابنا، لان الله تعالى يقول: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين)، وهذا الظاهر يقتضي مشاركة الانثى الذكر في جميع ما يخلفه الميت من سيف ومصحف وغيرهما.

وكذلك ظاهر آيات ميراث الابوين والزوجين يقتضي أن لهم السهام المذكورة من جميع تركة الميت، فإذا إختصصنا الذكر الاكبر بشئ من

[300]

ذلك من غير إحتساب بقيمته عليه، تركنا هذه الظواهر، وأصحابنا لم يجمعوا على أن الذكر الاكبر يفضل بهذه الاشياء من غير إحتساب بالقيمة، وإنما عولوا على أخبار رووها تتضمن تخصيص الاكبر بما ذكرناه من غير تصريح باحتساب عليه أو بقيمته، وإذا خصصناه بذلك إتباعا لهذه الاخبار وإحتسبنا القيمة عليه فقد سلمت ظواهر الكتاب مع العمل بما أجمعت عليه الطائفة من التخصيص له بهذه الاشياء فذلك أولى، ووجه تخصيصه بذلك مع الاحتساب بقيمته عليه أنه القائم مقام أبيه والساد مسده فهو أحق بهذه الامور من النسوان والاصاغر للرتبة والجاه.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أن ولد الصلب يحجب من كان أهبط منه، ولا فرق في ذلك بين كونه ذكرا أو أنثى، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أن لولد الولد نصيبا مع بنات الصلب.

والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة أن الذكر من ولد الصلب إنما يحجب من هو أسفل منه، لانه ولد صلب ولقرابته القريبة من الميت وهذا ثابت للذكر والانثى، فلو جاز أنه يرث ولد الولد مع ولد الصلب إذا كان أنثى لجاز مثل ذلك في الذكر.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أن الزوج يرث المال كله إذا لم يكن وارث سواه فالنصف بالتسمية والنصف الآخر بالرد وهو أحق بذلك من بيت المال، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وذهبوا كلهم إلى أن النصف له والنصف الآخر لبيت المال.

والحجة لنا في ذلك إجماع الطائفة عليه، فاذا قيل: كيف يرد على من لا قرابة له ولا نسب وإنما يرث بسبب، وإنما يرد على ذوي الارحام ولو جاز أن يرد على الزو لجاز أن يرد على الزوجة حتى ترث جميع المال إذا لم يكن وارث سواها.

[301]

قلنا: الشرع ليس يؤخذ قياسا وإنما يتبع فيه الادلة الشرعية، وليس يمتنع أن يرد على من لم يكن ذا رحم وقرابة إذا قام الدليل على ذلك، وأما الزوجة فقد وردت رواية شاذة بأنها ترث المال كله إذا إنفردت كالزوج، ولكن لا معول على هذه الرواية ولا تعمل الطائفة بها، وليس يمتنع أن يكون للزوج مزية في هذا الحكم على الزوجة، كما كانت له مزية عليها في تضاعف حقه على حقها.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأن الزوجة لا ترث من رباع المتوفى شيئا بل تعطى بقيمة حقها من البناء والآلات دون قيمة العراص وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يفرقوا بين الرباع وغيرها في تعلق حق الزوجات والذي يقوى في نفسي أن هذه المسألة تجري مجرى المسألة المتقدمة في تخصيص الاكبر من الذكور بالسيف والمصحف وإن الرباع وإن لم تسلم إلى الزوجات فقيمتها محسوبة لها، والطريقة في نصرة ما قويناه هي الطريقة في نصرة المسألة الاولى وقد تقدم بيان ذلك: ويمكن أن يكون الوجه في صد الزوجة عن الرباع أنها ربما تزوجت فأسكنت هذه الرباع من كان ينافس المتوفى أو يغيظه أو يحسده فيثقل ذلك على أهله وعشيرته فعدل بها عن ذلك على أجمل الوجوه.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أنه لا يرث مع الاخت للاب والام أحد من الاخوة والاخوات للاب خاصة، كما لا يرثون مع الاخ للاب والام وخالف باقي الفقهاء في ذلك فورثوا الاخت من الاب مع الاخت من الاب والام، دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة، وأيضا ما منع من ميراث ولد الاب خاصة مع الذكور من ولد الاب والام يمنع من ميراثه مع الاناث، لان إسم الولد شامل لهم وتأكد القرابة ثابتة للجميع ولا وجه للتفرقة بينهم.

[302]

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأن بني الاخوة يقومون عند فقد آبائهم مقامهم عند مقاسمة الجد ومشاركته، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وحجتنا على ذلك إجماع الطائفة ولا إعتراض لهم علينا بأن الجد أقرب إلى الميت من إبن أخيه لانهم لا يراعون في الميراث القربى، ولان إبن الاخ قد ورث من سمى الله له سهما في النص، وليس كذلك الجد فهو أقوى سببا منه، والمعول فيه على إجماع الطائفة ولا علة للاحكام الشرعية نعرفها أكثر من المصلحة الدينية على سبيل الجملة من غير معرفة تفصيل ذلك.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أن من لاعن زوجته وفرق الحاكم بينهما الفرقة المؤبدة إن عاد بعد ذلك وأقر بالولد أو أكذب نفسه لا يورث من الولد، بل يورث الولد منه، ولا يورث هذا الراجع، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك، وقد بينا الكلام في هذه المسألة في باب اللعان من هذا الكتاب فلا معنى لاعادته.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية عن أقوال باقي الفقهاء في هذه الازمان القريبة وإن كان لها موافق في متقدم الزمان القول: بأن المسلم يرث الكافر وإن لم يرث الكافر المسلم، وقد روى الفقهاء في كتبهم موافقة الامامية على هذا المذهب عن زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام ومحمد ابن الحنفية رضي الله عنه وعن مسروق وعبدالله بن معقل المزني وسعيد بن المسيب ويحيى بن نعيم ومعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وذهبوا إلى أن كل واحد من المسلم والكافر لا يرث صاحبه، دليلنا بعد إجماع الطائفة المتردد جميع ظواهر آيات المواريث، لان قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) يعم الكافر والمسلم، وكذلك آية ميراث الازواج والزوجات والكلالة وظواهر هذه الآيات كلها تقتضي أن الكافر كالمسلم في الميراث، فلما إجتمعت الامة

[303]

على أن الكافر لا يرث المسلم أخرجناه بهذا الدليل الموجب للعلم ونفي ميراث المسلم للكافر تحت الظاهر كميراث المسلم للمسلم.

ولا يجوز أن نرجع عن الظاهر بأخبار الآحاد التي يروونها، لانها توجب الظن ولا نخص بها ولا نرجع عما يوجب العلم من ظواهر الكتاب ولان أكثرها مطعون على رواته أو مقدوح فيهم، ولانها معارضة بأخبار كثيرة يروونها أيضا مخالفونا، وتوجد في كتبهم، ولان أكثرها له تأويل يوافق مذهبنا، وتفصيل هذه الجملة أن مخالفينا في هذه المسألة يعولون على خبر يرويه الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنه لا يتوارث أهل ملتين.

وعن عامر الشعبي عن النبي صلى الله عليه وآله نحوه.

وعن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: مضت السنة أن لا يرث المسلم الكافر، ولم يورث عمر بن الخطاب الاشعث بن قيس من عمته اليهودية وقال الزهري: كان المسلم لا يرث الكافر في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عهد أبي بكر وعمر وعثمان، فلما تولى معاوية ورث المسلم من الكافر وأخذ بذلك الخلفاء حتى قام عمر بن عبدالعزيز فراجع(1) السنة الاولى، وكل هذه الاخبار إذا سلمت من القدح والجرح إنما توجب الظن دون العلم اليقين، ولا يجوز أن نرجع بها ولا بشي ء منهاعما يوجب العلم من ظواهر كتاب الله تعالى.

فأما خبر أسامة فمقدوح فيه، لان أسامة إنفرد به عن النبي صلى الله عليه وآله، وتفرد به أيضا عنه عمرو بن عثمان.

وتفرد به عنه علي بن الحسين عليه السلام


___________________

(1) فرجع إلى السنة الاولى.

[304]

وتفرد به أيضا عنه عليه السلام الزهري.

وتفرد الراوي بالحديث مما يوهنه ويضعفه لوجوه معروفة.

وقد روى هذا الحديث بعينه الزهري، وقال عن عمرو بن عثمان ولم يذكر علي بن الحسين عليه السلام وإختلاف الرواية أيضا فيه مما يضعفه، ومما يضعف هذا الخبر أن علي بن الحسين كان يورث المسلم من الكافر بلا خلاف فلو رووا فيه سنة لما خالفها.

وروى أحمد بن حنبل عن يعقوب عن أبيه عن صالح عن الزهري أن علي بن الحسين عليه السلام أخبره أن عثمان بن عفان وأسامة بن زيد قالا: لا يرث المسلم الكافر من غير أن يسنداه إلى النبي صلى الله عليه وآله، وهذا الاختلاف والاضطراب في رواية الخبر دالان على ضعفه، وأما حديث عمرو بن شعيب فان الحفاظ لا ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وآله ويذكرون أنه من قول عمر بن الخطاب وعمرو بن شعيب مضعف عند أصحاب الحديث.

ومما يوهنه أيضا أنه تفرد به، عن أبيه وتفرد أبيه عن جده وتفرد جده به عن النبي صلى الله عليه وآله، وعمرو بن شعيب ما لقى عبدالله ابن عمر والذي هو جده وإنما يرسل عنه.

وأما خبر الشعبي عن النبي صلى الله عليه وآله فهو مرسل، وقول سعيد بن المسيب أنه سنة لا حجة فيه، لان ذلك خبر عن إعتقاده ومذهبه، ويجوز أن يريد أنه من سنن عمر بن الخطاب لا النبي صلى الله عليه وآله وما يسنه غير النبي صلى الله عليه وآله ممن ذكرناه يجوز أن يكون خطأ، كما يجوز أن يكون صوابا.

وكان من مذهب سعيد بن المسيب توريث المسلم من الكافر، فكيف يجوز أن يكون عنده في خلاف ذلك سنة، على أن هذه الاخبار معارضة مقابلة بما يروونه مخالفونا، ويوجد في كتبهم مثل الخبر الذي يرويه عمرو

[305]

ابن أبي حكيم عن عبدالله بن بريدة أن أخوين إختصما إلى يحيى بن يعمر يهودي ومسلم فورث المسلم منهما.

وقال حدثني أبوالاسود الدؤلي أن رجلا حدثه أن معاذا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الاسلام يزيد ولا ينقص فورث المسلم، ونظائر هذا الخبر موجود كثير في رواياتهم، فأما روايات الشيعة في ذلك فما لا تحصى.

وأما الخبر المتضمن لنفي التوارث بين أهل ملتين فنحن نقول بموجبه لان التوارث تفاعل وهو يقتضي أن يكون كل واحد يرث صاحبه فاذا ذهبنا إلى أن المسلم يرث الكافر والكافر لا يرثه فما أثبتنا بينهما توارثا، وربما عول بعض المخالفين لنا في هذه المسألة على أن المواريث بنيت على النصرة والموالاة، بدلالة قوله تعالى: (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) فقطع بذلك الميراث بين المسلم المهاجر وبين المسلم الذي لا يهاجر إلى أن نسخ ذلك بانقطاع الهجرة بعد الفتح، وكذلك يرث الذكور من العصبة دون الاناث لنفي العقل والنصرة عن النساء، وكذلك لا يرث القاتل ولا العبد لنفي النصرة وهذا خبر ضعيف جدا لانا لا نسلم أن المواريث بنيت على النصرة والمعونة، لان النساء يرثن والاطفال ولا نصرة هاهنا، وعلة ثبوت المواريث غير معلومة على التفصيل، وإن كنا نعلم على سبيل الجملة أنها للمصلحة، وبعد فان النصرة مبذولة من المسلم للكافر في الواجب وعلى الحق كما أنها مبذولة للمسلم بهذا الشرط.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أن المطلقة المبتوتة في المرض ترث المطلق لها إذا مات في مرضه ذلك ما بين طلاقها وبين سنة واحدة بشرط أن لا تتزوج فان تزوجت فلا ميراث لها.

وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يعتبروا فيه ما إعتبرناه، لان أبا حنيفة وأصحابه يذهبون إلى أنه إذا طلق إمرأة ثلاثا في مرضه ثم مات في مرضه وهي في العدة فانها ترثه، فان مات بعد إنقضاء العدة لم ترثه، فان صح

[306]

من مرضه ثم مات لم ترثه.

وقال الحسن بن حي وزفر ان صح من مرضه ثم مرض ثم مات في مرضه وهي في العدة ورثته أيضا.

وقال الثوري والاوزاعي مثل قول زفر، وذلك قول الحسن بن حي.

وقال مالك: إذا طلق إمرأته وهو مريض قبل الدخول فان لها نصف المهر والميراث ولا عدة عليها، فان تزوجت عشرة أزواج كلهم طلقوا في المرض فانها ترث جميعهم إذا ماتوا قبل أن يصحوا من المرض، وذكر الليث أن ابن شبرمة سأل ربيعة عن المريض يطلق إمرأته، فقال: ترثه ولو تزوجت بعشرة أزواج.

وقال مالك: فان صح من مرضه صحة معروفة ثم مات بعد ذلك لم ترثه وهو قول الليث.

وقال الشافعي: لا ترث المبتوتة وإن مات وهي في العدة، وأجمعوا على أن المرأة لو ماتت لم يرثها، فبان بهذا الشرح أن الامامية منفردة بقولها.

والذى يدل على صحته الاجماع المتكرر الذي قد بينا أن فيه الحجة، وأيضا فأن الاغلب والاظهر أن الرجل إنما يبت إمرأته في مرضه هربا من أن ترثه مدة سنة كان ذلك كالصارف له عن هذا الفعل.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أن من أشكلت حاله من الخناثى فپي كونه ذكرا أو أنثى إعتبر حاله بخروج البول، فان خرج من الفرج الذي يكون للرجال خاصة ورث ميراث الرجال، وإن كان خروجه مما يكون للنساء خاصة ورث ميراث النساء، وإن كان بال منهما معا نظر إلى الاغلب والاكثر منهما فعمل عليه وورث به، فان تساوى ما يخرج من الموضعين ولم يختلف إعتبر بعد الاضلاع، فان إتفقت ورث ميراث الاناث، وإن إختلفت ورثت ميراث الرجال.

وخالف باقي الفقهاء في ذلك وقالوا فيه أقوالا مختلفة كلها تخالف قول الشيعة في ذلك، لان أبا حنيفة وإن كان قد روي عنه إعتبار البول كما تعتبره الامامية فانه يذهب إلى أنه متى خرج البول من الفرجين جميعا ورثه بأحسن أحواله، وإن كان أحسن أحواله أن يكون ذكرا أعطاه ذلك، وإن

[307]

كان أحسن أحواله أن يكون أنثى أعطاه ذلك.

والشافعي يعطي الخنثى ميراث إمرأة ويوقف بقية المال حتى يتضح أمره، وأقوال الجميع إذا تأملت علم أنها خارجة عن أقوال الامامية ومنفردة.

والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد، وأيضا فان باقي الفقهاء عولوا عند إشكال الامر وتقابل الامارات على رأي وظن وحسبان، وعولت الامامية فيما تحكم به في الخنثى على نصوص وشرع محدود، وقولها على كل حال أولى.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأن المفقود يحبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في الارض كلها أربع سنين، فان لم يوجد بعد إنقضاء هذه المدة قسم المال بين ورثته، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وقالوا فيه أقوالا مختلفة، فذهب بعضهم في مال المفقود إلى أنه يوقف ماله سبعين سنة بعد سنة فقده ثم يقسم بين الاحياء من ورثته.

وقال الآخرون: يوقف تمام مائة وعشرين سنة، وأقوالهم مختلفة في هذا الباب، تخالف لكلها ما ذهبت إليه الامامية.

والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد أن من خالفنا يعول في ما ذهب إليه على القياس، وقد بينا أن ذلك لا مدخل له في الاحكام الشرعية.

(مسألة) ومما يظن إنفراد الامامية به ولها فيه موافق قولها بأن القاتل خطأ يرث المقتول لكنه لايرث من الدية، فوافق الامامية على هذا المذهب عثمان البستي، وذهب إلى أن القاتل الخطأ يرث، ولا يرث قاتل العمد، وقال أبوحنيفة وأصحابه: لا يرث قاتل خطأ ولا عمد إلا أن يكون صبيا أو مجنونا فلا يحرم الميراث.

وقال ابن وهب عن مالك لا يرث القاتل من دية من قتل شيئا ولا من ماله وإن قتله خطأ لم يرث من ديته ويرث من سائر ماله وهو قول الاوزاعي

[308]

وهذا كما تراه موافقة للامامية.

وقال ابن شبرمة: لا يرث قاتل الخطأ، وقال الثوري لا يرث القاتل من مال المقتول ولا ديته.

وحكى المزني عن الشافعي أنه قال: إذا قتل الباغي العادل أو العادل الباغي لا يتوارثان، لانهما قاتلان، والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد.

ويدل أيضا عليه ظواهر آيات المواريث كلها مثل قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) فإذا عورضنا بقاتل العمد فهو مخرج بدليل قاطع لم يثبت مثله في قاتل الخطأ، ويمكن أن يقوى ذلك أيضا بأن الخاطئ معذور غير مذموم ولا مستحق العقاب، فلا يجب أن يحرم من الميراث الذي يحرمه العامد على سبيل العقوبة، فان إحتج المخالف بقوله تعالى: (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) فلو كان القاتل وارثا لما وجب عليه تسليم الدية.

فالجواب عن ذلك أن وجوب تسليم الدية على القاتل إلى أهله لا يدل على أنه لا يرث ما دون هذه الدية من تركته، لانه لا تنافي بين الميراث وبين تسليم الدية، وأكثر ما في ذلك ألا يرث من الدية التي يجب عليه تسليمها شيئا وإلى هذا نذهب.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: أن من مات وخلف مالا وأبا مملوكا وأما مملوكة فان الواجب أن يشتري أبوه وأمه من تركته ويعتق عليه ويورثا باقي التركة، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك، وقد روي عن ابن مسعود في أن الرجل إذا مات وترك أباه وكان مملوكا أنه يشتري من تركته ويعتق، والذي يدل على صحة ما ذهبت إليه الامامية الاجماع المتردد، ولان قولها أيضا مفض إلى قربة وعبادة وهو العتق فهو أولى.

(مسألة) ومما ظن إنفراد الامامية به ما ذهبوا إليه من أن الوصية للوارث جايزة وليس للوارث ردها وقد وافقهم في هذا المذهب بعض الفقهاء وإن كان الجمهور والغالب على خلافه.

والذي يدل على صحة ما ذهبوا إليه

[309]

من ذلك بعد الاجماع المتردد قوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين) وهذا نص في موضع الخلاف.

وأيضا قوله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) وهذا عام في الاقارب والاجانب فمن خصص به الاجانب دون الاقارب فقد عدل عن الظاهر بغير دليل، وأيضا فان هذا إحسان إلى أقاربه وقد ندب الله تعالى إلى كل إحسان عقلا وسمعا ولم يخص بعيدا من قريب بذلك، ولا فرق بين أن يعطيهم في حياته من ماله أو في مرضه وبين أن يوصي بذلك لانه إحسان إليه وفعل مندوب إليه، فان قالوا أن الآية منسوخة بآية المواريث وبما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من طرق مختلفة من أنه لا وصية لوارث، فالجواب عن ذلك أن النسخ بين الخبرين إنما يكون إذا تنافى العمل بموجبهما ولا تنافي بين آية المواريث وآية الوصية والعمل بمقتضاهما جميعا جائز سايغ، فكيف يجوز أن يدعي في آية المواريث أنها ناسخة لآية الوصية مع فقد التنافي، فأما الاخبار المروية في هذا الباب فلا إعتراض بها لانها إذا سلمت من كل قدح وجرح وتضعيف كانت تقتضي الظن ولا تنتهي إلى العلم اليقين، ولا يجوز أن ينسخ بما يقتضي الظن كتاب الله تعالى الذي يوجب العلم اليقين، وإذا كنا لا نخصص كتاب الله بأخبار الآحاد فالاولى أن لا ننسخه بها.

وقد بينا ذلك في كتابنا في أصول الفقه وبسطناه.

ومعول القوم على خبر يرويه شهر بن حوشب عن عبدالرحمن بن عثمان عن عمرو بن خارجة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يجوز لوارث وصية، وعلى خبر يرويه إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي إمامة الباهلي قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول في خطبة حجة الوداع: ألا أن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.

وعلى خبر يرويه إسحاق بن إبراهيم الهروي عن سفيان بن عيينة عن عمرو ابن دينار، عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا وصية لوارث.

[310]

فأما خبر شهر بن حوشب فهو عند نقاد الحديث مضعف كذاب، ومع ذلك فانه تفرد به عبدالرحمن بن عثمان وتفرد به عبدالرحمن عن عمرو بن خارجة، وليس لعمرو بن خارجة عن النبي صلى الله عليه وآله إلا هذا الحديث، ومن البعيد أن يخطب النبي صلى الله عليه وآله في الموسم أنه لا وصية لوارث فلا يرويه عنه المطيفون به من صحابته، ويرويه أعرابي مجهول وهو عمرو بن خارجة، ثم لا يرويه عن عمرو إلا عبدالرحمن، ولا يرويه عن عبدالرحمن إلا شهر بن حوشب وهو ضعيف متهم عند جميع الرواة، وأما حديث أبي أمامة فلا يثبت وهو مرسل، لان الذي رواه عنه شرحبيل بن مسلم وهو لم يلق أبا أمامة ورواه عن شرحبيل إسماعيل بن عياش وحده وهو ضعيف.

وحديث عمرو بن شعيب أيضا مرسل، وعمرو ضعيف متهم في حديثه لا يحتج بحديثه.

وحديث جابر أسنده أبوموسى الهروي وهو ضعيف متهم في الحديث، وجميع من رواه عن عمرو بن دينار لم يذكروا جابرا ولم يسندوه.

وما روي عن ابن عياش لا أصل له عن الحفاظ.

ورواية حجاج بن محمد عن ابن جريح عن عطاء الخراساني وعطاء الخراساني ضعيف ولم يلق ابن عباس وإنما أرسله عنه.

وربما تعلق بعض المخالفين بأن الوصية للوارث إيثار لبعضهم على بعض وذلك مما يكسب العداوة والبغضاء من الاقارب، ويدعو إلى عقوق الموصي وقطيعة الرحم، وهذا ضعيف جدا، لانه إن منع من الوصية للاقارب ما ذكروه منع من تفضيل بعضهم على بعض في الحياة فالبر والاحسان لان ذلك يدعو إلى الحسد والعداوة فلا خلاف في جوازه وكذلك الاول (تم الكتاب بحمد الله ومنه، والحمد لله رب العالمين) (والصلاة على سيدنامحمد وآله الطاهرين وسلم تسليما)

[311]