(مسائل كتاب الخمس)

(مسألة) ومما انفردت به الامامية القول: بأن الخمس واجب في جميع المغانم والمكاسب ومما استخرج من المعادن والغوص والكنوز ومما فضل من أرباح التجارات والزراعات والصناعات بعد المؤنة والكفاية في طول السنة على اقتصاد، وجهات قسمته هو أن يقسم هذا الخمس على ستة أسهم ثلاثة منها للامام القائم مقام الرسول صلى الله عليه وآله وهي سهم الله تعالى وسهم رسوله

[87]

وسهم ذوي القربى، ومنهم من لا يخص الامام بسهم ذي القربى ويجعله لجميع قرابة الرسول " صلى الله عليه واله " من بني هاشم، فأما الثلاثة الاسهم الباقية فهي ليتامى آل محمد عليهم السلام ومساكينهم وأبناء سبيلهم ولا يتعداهم إلى غيرهم ممن استحق هذه الاوصاف.

ويقولون: إذا غنم المسلمون شيئا من دار الكفر بالسيف قسم الامام الغنيمة على خمسة أسهم، فجعل أربعة منها بين من قاتل على ذلك وجعل السهم الخامس على ستة أسهم، ثلاثة منها له عليه السلام، وثلاثة للاصناف الثلاثة من أهله من أيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم، وخالف سائر الفقهاء في ذلك وقالوا كلهم أقوالا خارجة عنه، والحجة فيه الاجماع المتكرر.

فإن قيل: هذا المذهب يخالف ظاهر الكتاب، لان الله تعالى قال: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) وعموم الكلام يقتضي ألا يكون ذوي القربي واحدا وعموم قوله تعالى: (ولليتامى والمساكين وابن السبيل) يقتضي تناوله لكل من كان بهذه الصفات ولا يختص ببني هاشم قلنا: ليس يمتنع تخصيص ما ظاهره العموم بالادلة على أنه خلاف بين الامة في تخصيص هذه الظواهر، لان ذوي القربى عام وقد خصوه بقربى النبي صلى الله عليه وآله دون غيره، ولفظ اليتامى والمساكين وابن السبيل عام في المشرك والذمي والغني والفقير، وقد خصته الجماعة ببعض من له هذه الصفة على أن من ذهب من أصحابنا إلى أن ذا القربى هو الامام القائم مقام الرسول عليه السلام خاصة، وسمي بذلك لقربه منه نسبا وتخصصا، فالظاهر معه لان قوله تعالى (وذي القربى) لفظ وحدة ولو أراد تعالى الجمع لقال ولذوي القربى فمن حمل ذلك على الجماعة فهو مخالف للظاهر.

فإن قيل فمن حمل ذا القربى في الآية على جميع ذوي القرابات من بني هاشم يلزمه أن يكون ما عطف على ذلك من اليتامى والمساكين منهم غير الاقارب لان النبي لا

[88]

يعطف على نفسه، قلنا: لا يلزم ذلك لان الشئ وإن لم يعطف على نفسه فقد يعطف صفة على صفة أخرى والموصوف واحد، لانهم يقولون جاء‌ني زيد العاقل الظريف والشجاع والموصوف معا واحد.

وقال الشاعر:

إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم

والصفات كلها لموصوف واحد وكلام العرب مملو في نظائر ذلك.

(مسألة) ومما انفردت به الامامية أن الصاع تسعة أرطال بالعراقي، وخالف سائر الفقهاء في ذلك.

فقال أبوحنيفة ومحمد بن أبي ليلى والثوري وابن حي الصاع ثمانية أرطال بالعراقي، وقال أبويوسف والشافعي الصاع خمسة أرطال وثلث، وقال شريك ابن عبدالله الصاع أقل من ثمانية أرطال وأكثر من سبعة.

والدليل على صحة مذهبنا بعد إجماع الطائفة أن من أخرج تسعة أرطال فلا خلاف في برائة ذمته، وليس كذلك من أخرج دون ذلك، وإذا وجب حق في الذمة بيقين فيجب سقوطه عنها بيقين، ولا يقين إلا في ما ذهبنا إليه.

(مسألة) ومما انفردت به الامامية القول: بأنه لا يجوز أن يعطى الفقير الواحد أقل من صاع وإن جاز أن يعطى اكثر من ذلك، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك.

والحجة لنا فيه بعد الاجماع المتردد اليقين ببراء‌ة الذمة وحصول الاجزاء وليس ذلك إلا فيما نذهب إليه دون غيره.

وأيضا فكل من قال أن الصاع تسعة أرطال ذهب إلى ما ذكرناه فالتفرقة بين المسألتين خلاف الاجماع.

(مسألة) ومما انفردت به الامامية القول: بأن من أضاف غيره طول شهر رمضان يجب عليه إخراج الفطرة عنه، والحجة فيه الاجماع المتردد،

[89]

وليس لهم أن يقولوا أن الضيف لا يجب عليه نفقته فلا يجب عليه فطرته، لانا ليس نراعي في وجوب الفطرة وجوب النفقة، بل نراعي من يعوله سواء كان ذلك وجوبا أو تطوعا.

(مسألة) ومما انفردت به الامامية القول: بأن الفطرة لا يجوز أن يعطى المخالف لها ولا الفاسق وإن كان موافقا، وخالف باقي الفقهاء في ذلك.

وقد تقدم هذا الكلام على نظير هذه المسألة في باب الزكاة فلا معنى لاعادته.