الحديث الثالث والعشرون

لشهر رمضان المبارك حقيقة وباطن، وهذه الحقيقة تظهر يوم القيامة يقول الإمام السجاد (ع)ك عيد أولياء الله، وفي الصحيفة السجادية دعاء باسم "دعاء وداع شهر رمضان المبارك"، يذكر الإمام السجاد (ع) في مقدمة هذا الدعاء مجمل النعم الإلهية التي هي من الألطاف الإلهية الأولية، وليست معطاة على سبيل الإستحقاق.

وبعد هذه المقدمة يقول (ع): من أفضل النعم والعطايا هذا الشهر المبارك والصيام فيه "وأنت جعلت من صفايا تلك الوظائف وخصائص تلك الفروض شهر رمضان وقد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد وصحبنا صحبة مبرور"[1].

انعمت يا إلهي نعماً كثيرة ومن أفضل هذه النعم الصيام في هذا الشهر الذي جعلته من نصيبنا، ولا يوجد وقت أفضل من هذا الشهر المبارك، وفوق هذا كله فإن فيه ليلة القدر، ليلة نزول القرآن الكريم والفيض الإلهي فإذا عاش الإنسان في هذا الشهر مع القرآن فسوف يرتفع معه إلى آفاقه السامية، فإذا شهر رمضان يحب هذا الوداع ويأنس به، إذا كان صادراً من الإنسان المحب لشهر رمضان، والإنسان يودع صديقه إذا كان مأنوساً به وقد قضى معه وقتاً جميلاً، أما الذي لا يدري أي وقت يحل شهر رمضان وفي أي وقت ينتهي، فهذا لا يهتم بوداعه.

كان السجاد (ع) يضج بهذا الدعاء في آخر شهر رمضان فقد كان يعلم أي فضيلة لهذا الشهر المبارك، فهو قد أقام فينا مقام حمد وثناء وشكر، لأنه جاء بالرحمة والبركة كان رفيقاً حميماً لنا، وقد وصلنا إلى الفضائل والنعم بسبب صحبته لنا، كان صديقاً جاءنا بالرحمة والمغفرة والبركة، وهذا ما ورد عن الرسول (ص) في الخطبة الشعبانية إذ قال (ص): قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والمغفرة والرحمة، وأربحنا أفضل أرباح العالمين، فنحن قد حصلنا على ربح في هذا الشهر المبارك، ولم يربح تاجر في الدنيا مثل ما ربحناه ولا أحد في العالم استفاد في هذا الشهر المبارك مثلنا، وإذا كان أمام الإنسان سفر أبدي فلابد من أن يهيئ لوازم سفره في هذه الأيام، وإذا فتحت أبواب السماء للمؤمن استطاع أن يرد باطن العالم بسرعة.

يقول ابن طاوس: يجعل بعض الناس أول سنتهم في اليوم الأول من فصل الربيع وبداية سنة الأشجار وهو اليوم الأول من فصل الربيع كذلك، فهي تلبس لباس الخضرة في ذلك الوقت، وأول سنة الفلاح هو بداية الخريف، حين يجني محصول زرعه.

أما أهل السلوك والسير، فأول سنتهم هو شهر رمضان المبارك، يحسبون أعمالهم وسلوكهم في شهر رمضان إلى شهر رمضان القادم، فكيف كانوا في شهر رمضان الماضي وفي أي درجة؟ وإلى أي درجة وصلوا في هذا الشهر؟ كم فهموا من المسائل، وكم مسألة تمكنوا من حلها، ما مقدار سيطرتهم على أنفسهم في مقابل الزلات والأخطاء؟ وما مقدار ثباتهم في وجه العدو؟

إن شهر رمضان المبارك هو شهر المحاسبة بالنسبة إلى أهل السلوك، لذا يقول الإمام السجاد (ع): لا يوجد أحد في هذا العالم استفاد من هذا الشهر مثلما استفدنا.

ثم قد فارقنا عند تمام وقته، وانقطاع مدته، ووفاء عهده، ونحن مودعون وداع من عز فراقه علينا وغمنا، أي وداع هو؟ إنه وداع صديق عزيز يعزّ علينا فراقه، ومن كان من أهل المعرفة فقد زاد خيره، أما المبتلى بالذنوب فقد قلت ذنوبه في هذا الشهر إنه الشهر الذي كان نهاره وليله رحمة لنا.

كتب كبار علماء الفقه كالمرحوم صاحب الجواهر والسيد محمّد كاظم صاحب العروة الوثقى وآخرون ـ رضوان الله عليهم ـ في كتبهم، إن من فضائل الصيام في هذا الشهر المبارك، إن الإنسان يصبح كالملائكة بسبب تركه للذنوب، لقد طلب منا أن نصوم ستة أيام من أوائل شهر شوال بعنوان التوديع لشهر رمضان، وهذا بعد العيد، لأنه لا يجوز صيام عيد الفطر، وإذا أراد شخص أن يودع صديقه، فإنه يذهب معه عدة خطوات توديعاً واكراماً له، وهذا هو المقصود من التوديع.

"وأوحشنا انصرافه عنا" لقد كان انصرافه سبباً لوحشتنا، لقد فقدنا صديقاً رؤوفاً ودوداً رحيماً، ولهذا نشعر بالوحشة.

"ولزمنا الذمام المحفوظ، والحرمة المرعية، والحق المقضي" فيجب أن نراعي حقه الذي في عهدتنا، ونراعي ونحفظ حرمته فينا، وأن نفي بالتعهدات التي بيننا وبين شهر رمضان.

"فنحن قائلون: السلام عليك يا شهر الله الأكبر ويا عيد أوليائه" وهذا السلام سلام توديع لشهر الله، الشهر الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن الكريم.

إن أفضل نفس للإنسان يكون في شهر رمضان "أنفاسكم فيه تسبيح" فالتنفس في هذا الشهر هو "سبوح قدوس" لذا يقول السجاد (ع): السلام عليك يا عيد أولياء الله.

الذي نراه هو أن الناس يفرحون ويعيّدون في آخر شهر رمضان المبارك، لأن جوائزنا لصيام شهر تعطى لنا في نهايته، إنها نتاج شهر رمضان المبارك، وهدية ضيافة الله وجزاء لقائه.

السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات ويا خير شهر من الأيام والساعات، يسلم الإمام السجاد (ع) عدة مرات على هذا الشهر، ولو كان شهراً ليس له باطن وسر وحقيقة وروح، لم يسلم عليه ولي الله بهذا السلام، فهل هذا ـ والعياذ بالله من باب شعر الخيال حتى يحمل على الخطاب الخيالي الذي يخاطب به الجبل أو الآثار القديمة مثلاً؟ أم أن لهذا الشهر حقيقة؟

يقول: أنا عندي أصدقاء كثيرون، لكن لا يوجد صديق بعظمة هذا الشهر، شهر ليس كبقية الأشهر، وأيامه، ولياليه ليست كبقية الليالي.

السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال ونشرت فيه الأعمال، فسلامنا عليك يا شهراً قربت فيه آمالنا، وعرفنا ما نريد، ولهذا لا نطلب الآمال الطويلة، وحررنا أنفسنا من طول الأمل، وقربنا فيه من الآمال القريبة المشروعة، هذا ما جاء في دعاء السحر للإمام السجاد (ع)، إذ يعلمنا فيه كيف ندعو ونقول: إلهي أنت تعطي وتصل أولئك الذين لا يعرفون الله ولا يعبدونه مثل الكفار والمنافقين، ومع ذلك فالله يرزقهم ويوصل إليهم احتياجاتهم، فليس من الصحيح أن يكون كل سعي الإنسان وهمه منصباً على الحصول على الأمور المادية، (وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها)[2]، هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة، وكان لا يسمح لهم بنقل حوائجهم أو بيعها ويقولون لهم: إذا أردتم الذهاب إلى المدينة فعليكم الذهاب بأية فارغة، فنزلت الآية ومفادها أنّه ما من حيوان من أهل الأدخار وخزن الطعام أو غيره مما لا يدخر أو يخزن الطعام، إلا والله سبحانه يتكفل برزقه وطعامه.

والدواب على قسمين: الأول: ما يدخر الطعام ويخزنه كالفأر والنمل والبعض الآخر حر المعيشة، كالطيور والعصافير فهذه لا تخزن الطعام، وعندما نزلت هذه الآية المباركة هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة وقالوا: إن رب مكة هو رب المدينة، فإذا كان الله يرزقنا ويرعانا في مكة، فهو يرزقنا ويرعانا في المدينة، فجاؤوا إلى المدينة بأيد خالية وبقوا في مسجد المدينة وأطلق عليهم (المهاجرون)، وقد تكفل الله عز وجل برزقهم.

فإذا كان الإنسان فاقداً للروح العالية، لم يكن سعيداً مرتاح البال، وإذا كانت له روح عالية فلا يمكن أن يكون تعيساً في هذه الدنيا.

إذا لم يستخدم الإنسان عقله ويشغله في الأمور النافعة فإنه ينشغل بالأمور التافهة.

قال (ع): لقد عرفنا ما نطلبه من الله عز وجل في هذا الشهر، فأبواب العمل لنا مفتوحة، وأبواب الآمال مغلقة، لقد ابتعدنا عن الآمال الدنيوية وانشغلنا بصالح الأعمال.

"السلام عليك من قرير جل قدره موجوداً وأفجع فقده مفقوداً" كنت فينا عظيماً والآن أنت على عتبة السفر، وسفرك سيفجعنا ويحزننا كما لو فقدنا أعز قريب لنا.

"ومرجواً آلم فراقه" وسلام عليك يا معتمد آملنا، فنحن متألمون، لقد ملأ هذا الشهر روح الإنسان، وعندما يغادر سيخلف الألم والحزن، أن همنا في هذا الشهر هو صفاء أرواحنا، وطهارة قلوبنا ليس إلاّ، ان خفة الروح والنشاط الذي نلمسه في بقية الأشهر، الإنسان في هذا الشهر في ضيافة الله، فلا يشغله شيء سواه، ولا يخاف أحداً، ولا يقصر في بذل نفسه من أجله.

"السلام عليك من أليف آنس مقبلاً فسر وأوحش منقضياً فمض" السلام عليك أيها الصديق الأنيس لقد سررننا بمجيئك، والآن يؤلمنا ويوحشنا فراقك، هذا الكلام كلام انسان ارتبط بباطن الصيام وباطن ليلة القدر ولامسهما ملامسة حقيقية.

"السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب وقلت فيه الذنوب" والسلام عليك أيها الجار العزيز، فقد كانت مجاورتك رحمة وبركة، كنت جاراً رقت فيه قلوبنا، وقلت فيه ذنوبنا، وان المكروهات والذنوب تسد طريق الإنسان بالتدريج فتركها أولى.

إن المياه الآسنة والمياه العكرة لا تروي العطشان، ولا يمكن السير فيها للوصول إلى المقصد، أما الماء الزلال الذي يفور من العين فهو الذي يصلح للشرب، ويكون الأنهار الصالحة للملاحة، وهو يروي جميع الأشجار التي في دربه حتى يصل إلى البحر، وكذلك الأفكار والتصورات التي في القلب فهي إذا كانت زلالاً فهي تفور من الروح، وتفوح من اللسان والقلم، وتصل إلى آذان وعيون الناس ومن ثم إلى قلوبهم، ولهذا فمن ألقاب العالم "الماء المعين"، وهذه الكلمة في الأصل في حق الإمام المنتظر (عج)، إذ هي من ألقابه (ع)، (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين)[3].

فالعلم والعالم مثل العين التي تفور ماء زلالاً، ولهذا يقال لهم الماء المعين، وكلام العالم الذي يقوله، والشيء الذي يكتبه، وعلمه الذي ترشح من روحه ووصل إلى آذان الآخرين الذين استفادوا منه ونقلوه لغيرهم، كماء العين الزلال الذي يرجع في النهاية إلى أصله، أما الأفكار الضالة المنحرفة والتصورات الباطلة فهي كالترسبات والأملاح التي تسد الطريق، تسد القلب فيصبح قاسياً، وإذا سد القلب لم يرشح منه شيء للآخرين، ولم يصل إليه شيء منهم، فلا يؤثر ولا يتأثر.

يقول السجاد (ع): في هذا الشهر المبارك ترق القلوب وتقل الذنوب.

"السلام عليك من ناصر الإيمان على الشيطان، وصاحب سهل سبل الإحسان" والسلام عليك أيها الصديق الذي أعنتنا على الشيطان، الإنسان في هذا الشهر المبارك يسيطر على الشيطان، فلا يستمع لندائه، ونحن لم نتخلص من الشيطان وننتصر عليه في الجانب السلبي فقط، بل إننا انتصرنا عليه في الجانب الإيجابي، إذ قطعنا طريق الخير واجتزناه بسهولة، فإذا كنا نجد صعوبة في القيام بأعمال الخير في غير هذا الشهر، فنحن نعملها في هذا الشهر المبارك بسهولة ويسر.

"السلام عليك ما أكثر عتقاء الله فيك" والسلام عليك من شهر تحرر فيك العبيد، فالكثير كانوا مقيدين بالأغلال بسبب سوء أخلاقهم، فتحرروا في هذا الشهر المبارك ولا توجد نعمة أفضل من نعمة الحرية.

يقول الصادق (ع): "من رفض الشهوات فصار حراً"[4]، فمن ترك الشهوات أصبح حراً لا تحكمه الشهوات والغضب ولا يسلّم أموره لهواه.

"وما أسعد من رعى حرمتك بك" فما أسعد من حفظ حرمتك وراقب لسانه وأعماله وتفكيره.

"السلام عليك ما كان أمحاك للذنوب وأسترك لأنواع العذاب" "والسلام عليك أيها الشهر الذي يمحو الذنوب ويستر العيوب" فالستر أولاً ثم غفران الذنوب ثانياً، والله عز وجل يستر الإنسان حتى لا يذهب ماء وجهه ثم يغفر له، فالستر مقدمة لغفران الذنوب، ومادام الإنسان يحفظ ماء وجه الآخرين فالله سبحانه يحفظ ماء وجهه فلا يحق للمؤمن أن يعمل عملاً يذل نفسه به.

"السلام عليك ما كان أطولك على المجرمين" طويلاً على الظالمين والمجرمين وكانوا يعدونك شهوراً.

"وأهيبك في صدور المؤمنين" فقد كنت عزيزاً جليلاً مهيباً في قلوب المؤمنين "السلام عليك من شهر لا تنافسه الأيام من شهر".

عندما يركض الإنسان في المسابقات يعلو نفسه ويلهث حتى يصل إلى الهدف ويحثنا الله تعالى أن نتسابق من أجل الوصول إلى الفضائل "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" ولا يوجد يوم أو شهر أو ليلة أو ساعة تنافس شهر رمضان المبارك، ليس صحيحاً أن يقول الإنسان أنا أسمع الآن ثم أعمل بعد ذلك، فإذا لم يعمل الإنسان في هذا الشهر العظيم لن يوفق للعمل في غيره من الشهور، لأنه ليس للشهور الأخرى من الفضيلة ما تنافس به شهر رمضان فلا يوفق الإنسان لنيل الفضائل في غيره.

"السلام عليك غير كريه المصاحبة ولا ذميم الملابسة" إذ لم نر منك مكروهاً، ولم نمل أو نتعب من رفقتك، كنا في خدمتك وطاب لنا ذلك، وكنت ضيفاً عزيزاً علينا.

"السلام عليك كما وفدت علينا بالبركات وغسلت عنا دنس الخطيات" فقد جئتنا بالبركة، وغسلتنا من الذنوب، وإذا كنا قد تلوثنا فبأيدينا، وإلا فأنت طاهر مطهر، فنحن نحس بالخفة من الذنوب فيك.

"السلام عليك غير مودع برماً، ولا متروك صيامه سأماً" فنحن لم نحس بالتعب من معاشرتك، والإنسان عندما يكون في خدمة ضيوفه فإنه يتعب في تلك المدة، لكن الإمام (ع) يقول: لم نتعب من صيامك ولم نحس بالملل، بل كنت عظيماً فينا.

"السلام عليك من مطلوب قبل وقته، ومحزون عليه قبل فوته" كنا في انتظارك قبل مجيئك، والآن قد أصابنا الهم والغم لقصدك الذهاب عنا.

"السلام عليك كم من سوء صرف فيك عنا وكم من خير أفيض بك علينا" والسلام على الضيف العظيم الذي ببركته دفع الله عنا البلاء، وأنزل علينا البركات ففي الحقيقة نحن كنا ضيوفك، ولم تكن أنت الضيف علينا.

"السلام عليك وعلى ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر" السلام على ليلة القدر، تلك الليلة التي هي خير من ألف شهر، وهو ما يقارب ثمانين سنة.

"السلام عليك ما كان أحرصنا بالأمس عليك، واشد شوقنا غداً إليك" والسلام عليك أيها الشهر العظيم الذي كنا حريصين عليه وسنكون غداً مشتاقين إليه، وليس الأمر بعنوان أداء التكليف، بل هو مراسم توديع لهذا الشهر.

"السلام عليك وعلى فضلك الذي حرمناه، وعلى ماض من بركاتك".

"اللهم إنا أهل هذا الشهر الذي شرفتنا به، ووفقتنا بمنك له، حين جهل الأشقياء وقته وحرموا لشقائهم فضله" اللهم وفقنا لهذا الشهر وأن نكون من أهله إذ حرم الأشقياء منه، وسبب حرمان الأشقياء من هذا الفضل هو سوء فعلهم بسوء اختيارهم وأنت ولينا بما آثرتنا به من معرفته، وهديتنا له من سنته، إلهي أنت ربنا ومولانا خصصتنا بمعرفته وعرفتنا عليه وأوضحت لنا الطريق إليه.

"وقد تولينا بتوفيقك صيامه وقيامه على تقصير، وأدينا منه قليلاً من كثير، فأنت وفقتنا لصيامه وقيامه مع اعترافنا بقلة الصلاة والعبادة فيه.

"اللهم فلك الحمد اقراراً بالاساءة واعترافاً بالإضاعة ولك من قلوبنا عقد الندم ومن ألسنتنا صدق الاعتذار" اللهم نحن نحمدك ونقر بتقصيرنا إليك، ولك من قلوبنا عقد الندم، ونطلب العفو بألسنتنا ونعتذر إليك من سوء أفعالنا.

"فأجرنا على ما أصابنا من التفريط أجراً نستدرك به الفضل المرغوب فيه، ونعتاض به من أنواع الذخر المحروص عليه.

"وواجب لنا عذرك على ما قصرنا فيه من حقك" ومن باب (كتب ربكم على نفسه الرحمة) تقبل أعذارنا على ما قصرنا فيه من حقك الواجب علينا.

"وأبلغ بأعمارنا ما بين أيدينا من شهر رمضان المقبل فإذا ما بلغتناه فأعنا على تناول ما أنت أهله من العبادة وأدنا إلى القيام بما تستحقه من الطاعة" وأطل أعمارنا إلى شهر رمضان القادم، فإذا وفقتنا لذلك فأعنا على تأدية حقك من العبادة والطاعة بما يليق بمقامك.

"وأجر لنا من صالح العمل ما يكون دركاً لحقك في الشهرين من شهور الدهر" ووفقنا لصالح العمل بشكل مستمر وبما يكون أداء لحقك في تمام عمرنا.

"واجبر مصيبتنا بشهرنا وبارك لنا في يوم عيد فطرنا" إلهي إن فراق شهر رمضان هو مصيبة لنا فاجبرنا، واجعل عيدنا عيد بركة، وكل نعمة ولطف مننت بها على أحد من خلقك، فامنن بها علينا لأن فضلك وعطاءك ليس له نهاية.

واعطنا ثواب الصائمين العابدين إلى يوم القيامة في هذا الشهر المبارك... آمين.

 



[1]  الصحيفة السجادية، دعاء 45، في وداع شهر رمضان.

[2]  سورة العنكبوت، الآية: 60.

[3]  سورة الملك، الآية: 30.

[4]  أمالي الشيخ المفيد، المجلس (ج6، الحديث 14).