الصفحة 580
باب المختار من كتب أميرالمؤمنين عليه السلام
و رسائله إلى أعدائه وأمراء بلاده
و يدخل في ذلك مااختير من عهوده
إلى عمّاله و وصاياه لاهله وأصحابه

الصفحة 581

الصفحة 582

[ 1 ]
من كتاب له (عليه السلام)
إلى أهل الكوفة، عند مسيره من المدينة إلى البصرة

مِنْ عَبْدِ اللهِ عَلِيّ أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ إلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ، جَبْهَةِ(1) الاَْنْصَارِ وَسَنَامِ(2) الْعَرَبِ.

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَمْرِ عُثْمانَ حَتَّى يَكُونَ سَمْعُهُ كَعِيَانِهِ(3):

إِنَّ النَّاسَ طَعَنُوا عَلَيْهِ، فَكُنْتُ رَجُلاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أُكْثِرُ اسْتِعْتَابَه(4)، وَأُقِلُّ عِتَابَهُ، وَكَانَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ أَهْوَنُ سَيْرِهِمَا فِيهِ الْوَجيِفُ(5)، وَأَرْفَقُ حِدَائِهِمَا(6) الْعَنِيفُ، وَكَانَ مِنْ عَائِشَةَ فِيهِ فَلْتَةُ غَضَب، فَأُتِيحَ لَهُ قَوْمٌ فَقَتَلُوهُ، وَبَايَعَنِي النَّاسُ غَيْرَ مُسْتَكْرَهِينَ وَلاَ مُجْبَرِينَ، بَلْ طَائِعِينَ مُخَيَّرِينَ.

____________

1. شبّههم بالجبْهَة من حيث الكرم.

2. شبّههم بالسَنام من حيث الرفعة.

3. عِيانه: رؤيته.

4. استعتابه: استرضاؤه.

5. الوَجِيف: ضرب من سير الخيل والابل سريع.

6. الحِدَاء: زجل الابل وسَوْقها.

الصفحة 583
وَاعْلَمُوا أَنَّ دَارَ الْهِجْرَةِ(1) قَدْ قَلَعَتْ بِأَهْلِهَا وَقَلَعُوا بِهَا(2)، وَجَاشَتْ جَيْشَ(3) الْمِرْجَلِ(4)، وَقَامَتِ الْفِتْنَةُ عَلَى الْقُطْبِ، فَأَسْرِعُوا إِلَى أَمِيرِكُمْ، وَبَادِرُوا جَهَادَ عَدُوِّكُمْ، إِنْ شَاءَ اللهُ.

[ 2 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إليهم، بعد فتح البصرة

وَجَزَاكُمُ اللهُ مِنْ أَهْلِ مِصْر عَنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ أَحْسَنَ مَا يَجْزِي الْعَامِلِينَ بِطَاعَتِهِ، وَالشَّاكِرِينَ لِنِعْمَتِهِ، فَقَدْ سَمِعْتُمْ وَأَطَعْتُمْ، وَدُعِيتُمْ فَأَجَبْتُمْ.

[ 3 ]
ومن كتاب كتبه(عليه السلام)
لشريح بن الحارث قاضيه

روي أنّ شريح بن الحارث قاضي أميرالمؤمنين(عليه السلام) اشترى على عهده داراً بثمانين ديناراً، فبلغه(عليه السلام)ذلك، فاستدعى شريحاً، وقال له:

____________

1. دار الهجرة: المدينة.

2. قَلَعَ المكان بأهله: نَبَذَهم فلم يصلح لاستيطانهم.

3. جاشَتْ: غَلَتْ واضطربت. والجَيْش: الغليان. 4. المِرْجَلْ: القدر.

الصفحة 584
بَلَغَنِي أَنَّكَ ابْتَعْتَ دَاراً بِثَمانِينَ دِينَاراً، وَكَتَبْتَ لَهَا كِتَاباً، وَأَشْهَدْتَ فِيهِ شُهُوداً.

فقال شريح: قد كان ذلك يا أميرالمؤمنين.

قال: فنظر إليه(عليه السلام) نظر مغضب ثمّ قال له:

يَا شُرَيْحُ، أَمَا إِنَّهُ سَيَأْتِيكَ مَنْ لاَ يَنْظُرُ فِي كِتَابِكَ، وَلاَ يَسْأَلُكَ عَنْ بَيِّنَتِكَ، حَتَّى يُخْرِجَكَ مِنْهَا شَاخِصاً(1)، وَيُسْلِمَكَ إلَى قَبْرِكَ خَالِصاً.

فَانْظُرْ يَا شُرَيْحُ لاَ تَكُونُ ابْتَعْتَ هذِهِ الدَّارَ مِنْ غَيْرِ مَالِكَ، أَوْ نَقَدْتَ الَّثمَنَ مِنْ غَيْرِ حَلاَلِكَ! فَإِذَا أَنْتَ قدْ خَسِرْتَ دَارَ الدُّنْيَا وَدَارَ الاْخِرَةِ!

أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَتَيْتَنِي عِنْدَ شِرَائِكَ مَا اشْتَرَيْتَ لَكَتَبْتُ لَكَ كِتاباً عَلَى هذِهِ النُّسْخَةِ، فَلَمْ تَرْغَبْ فِي شِرَاءِ هذِهِ الدَّارِ بِدِرْهَم فَمَا فَوْقُ.

والنسخة هذه:

هذَا مَا اشْتَرَى عَبْدٌ ذَلِيلٌ، مِنْ مَيِّت قَدْ أُزْعِجَ لِلرحِيلِ، اشْتَرَى مِنْهُ دَاراً مِنْ دَارِ الْغُرُورِ، مِنْ جَانِبِ الْفَانِينَ، وَخِطَّةِ(2) الْهَالِكِينَ، وَتَجْمَعُ هذِهِ الدَّارَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ: الْحَدُّ الاَْوَّلُ يَنْتَهِي إِلَى دَوَاعِي الاْفَاتِ، وَالْحَدُّ الثَّانِي يَنْتَهِي إِلَى دَوَاعِي الْمُصِيباتِ، وَالْحَدُّ الثَّالِثُ يَنْتَهِي إلَى الْهَوَى الْمُرْدِي، وَالْحَدُّ

____________

1. شاخصاً: ذاهباً مبعداً.

2. خِطّة ـ بكسر الخاء ـ: الارض التي يختطّها الانسان ويعلم عليها بالخط ليعمرها.

الصفحة 585
الرَّابِعُ يَنْتَهِي إِلَى الشَّيْطَانِ الْمُغْوِي، وَفِيهِ يُشْرَعُ(1) بَابُ هذِهِ الدَّارِ.

اشْتَرَى هذَا الْمُغْتَرُّ بِالاَْمَلِ، مِنْ هذَا الْمُزْعَجِ بِالاَْجَلِ، هذِهِ الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَةِ، وَالدُّخُولِ فِي ذُلِّ الطَّلَبِ وَالضَّرَاعَةِ(2)، فَمَا أَدْرَكَ هذَا الْمُشْتَرِي فِيَما اشْتَرَى مِنْ دَرَك(3)، فَعَلَى مُبَلْبِلِ أَجْسَامِ(4) الْمُلُوكِ، وسَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ، وَمُزِيلِ مُلْكِ الْفَراعِنَةِ، مِثْلِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَتُبَّع وَحِمْيَرَ، وَمَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَى الْمَالِ فَأَكْثَرَ، وَمَنْ بَنَى وَشَيَّدَ(5)، وَزَخْرَفَ وَنَجَّدَ(6)، وَادَّخَرَ واعْتَقَدَ(7)، وَنَظَرَ بِزَعْمِهِ لِلْوَلَدِ، إِشْخَاصُهُمْ(8) جَمِيعاً إِلَى

____________

1. يشرع: أي يفتح.

2. الضراعة: الذِلّة.

3. الدَرَك ـ بالتحريك ـ: التَبِعة.

4. مُبَلْبِلُ الاجسام: مهيج داءاتها المهلكة لها.

5. شيّد: رفع البناء.

6. نجّد ـ بتشديد الجيم ـ: أي زين.

7. اعتقد المال: اقتناه.

8. إشخاصهم: إرسالهم وترحيلهم حتى يحضروا بأشخاصهم.

الصفحة 586
مَوْقِفِ الْعَرْضِ وَالْحِسَابِ، وَمَوْضِعِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، إذَا وَقَعَ الاَْمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ، (وَخَسِرَ هُنَا لِكَ الْمُبْطِلُونَ)

شَهِدَ عَلَى ذلِكَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوَى، وَسَلِمَ مِنْ عَلاَئِقِ الدُّنْيَا.

[ 4 ]
ومن كتاب كتبه
إلى بعض أُمراء جيشه

فَإِنْ عَادُوا إِلَى ظِلِّ الطَّاعَةِ فَذَاكَ الَّذِي نُحِبُّ، وَإِنْ تَوَافَتِ(1) الاُْمُورُ بِالْقَوْمِ إِلَى الشِّقَاقِ وَالْعِصْيَانِ فَانْهَدْ بِمَنْ أَطاعَكَ إِلَى مَنْ عَصَاكَ، وَاسْتَغْنِ بِمَنِ انْقَادَ مَعَكَ عَمَّنْ تَقَاعَسَ عَنْكَ، فَإِنَّ الْمُتَكَارِهَ(2) مَغِيبُهُ خَيْرٌ مِنْ شُهُودِهِ، وَقُعُودُهُ أَغْنَى مِنْ نُهُوضِهِ.

____________

1. توافى القوم: وافى بعضهم بعضاً حتى تمّ اجتماعهم.

2. المُتكَارِهُ: المتثاقل بكراهة الحرب، وجوده بالجيش يضر أكثر مما ينفع.

الصفحة 587

[ 5 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى الاشعث بن قيس عامل أذربيجان

وَإِنَّ عَمَلَكَ لَيْسَ لَكَ بِطُعْمَة(1)، وَلكِنَّهُ فِي عُنُقِكَ أَمَانةٌ، وَأَنْتَ مُسْتَرْعىً لِمَنْ فَوْقَكَ، لَيْسَ لَكَ أَنْ تَفتَاتَ(2) فِي رَعِيَّة، وَلاَ تُخَاطِرَ إِلاَّ بِوَثِيقَة، وَفي يَدَيْكَ مَالٌ مِنْ مَالِ اللهِ عَزَّوَجَلَّ، وَأَنْتَ مِنْ خُزَّانِهِ(3) حَتَّى تُسَلِّمَهُ إِلَيَّ، وَلَعَلِّي أَلاَّ أَكُونَ شَرَّ وُلاَتِكَ(4) لَكَ، وَالسَّلاَمُ.

[ 6 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى معاوية

إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْر وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ، وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالاَْنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُل وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لله رِضىً، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْن أَوْبِدْعَة رَدُّوهُ إِلَى مَاخَرَجَ منه، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى.

وَلَعَمْرِي، يَا مُعَاوِيَةُ، لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدَنِّي أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمانَ، وَلَتَعْلَمَنَّ أَنِّي كُنْتُ فِي عُزْلَة عَنْهُ، إِلاَّ أَنْ تَتَجَنَّى(5) ; فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ! وَالسَّلاَمُ.

____________

1. الطُعمة ـ بضم الطاء ـ: المأكلة.

2. تَفْتَات: أي تستبد، وهو افتعال من الفَوْت كأنه يفوت آمره فيسبقه إلى الفعل قبل أن يأمره.

3. خُزّان ـ بضم فتشديد ـ: جمع خازن، والمراد الحافظ.

4. الوُلاة ـ جمع وال ـ: من ولي عليه.

5. تجنّى ـ كتولّى ـ: ادعى الجناية على من لم يفعلها.

الصفحة 588

[ 7 ]
ومن كتاب منه(عليه السلام)
إليه أيضاً

أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَتْني مِنْكَ مَوْعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ(1)، وَرِسَالَةٌ مُحَبَّرَةٌ(2)، نَمَّقْتَهَا(3) بِضَلاَلِكَ، وَأَمْضَيْتَهَا(4) بِسُوءِ رَأْيِكَ، وَكِتَابُ امْرِىء لَيْسَ لَهُ بَصَرٌ يَهْدِيهِ، وَلاَ قَائِدٌ يُرْشِدُهُ، قَدْ دَعَاهُ الْهَوَى فَأَجَابَهُ، وَقَادَهُ الضَّلاَلُ فَاتَّبَعَهُ، فَهَجَرَ(5) لاَغِطاً(6)، وَضَلَّ خَابِطاً.

____________

1. مُوَصّلة ـ بصيغة المفعول ـ: ملفّقة من كلام مختلف وصل بعضه ببعض على التباين، كالثوب المرقع.

2. مُحَبّرَة: أي مزيّنه.

3. نَمّقتها: حسنت كتابتها. 4. أمضيْتها: أنفذتها وبعثتها.

5. هَجَرَ: هَذَى في كلامه ولغا.

6. اللغط: الجَلَبة بلا معنى.

الصفحة 589

ومن هذا الكتاب

لاَِنَّهَا بَيْعَهٌ وَاحِدَةٌ لاَ يُثَنَّى فِيهَا النَّظَرُ(1)، وَلاَ يُسْتَأْنَفُ فِيهَا الْخِيَارُ، الْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ، وَالْمُرَوِّي(2) فِيهَا مُدَاهِنٌ(3).

[ 8 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى جرير بن عبدالله البجلي لما أرسله إلى معاوية

أَمَّا بَعْدُ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي فَاحْمِلْ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْفَصْلِ(4)، وَخُذْهُ بَالاَْمْرِ الْجَزْمِ، ثُمَّ خَيِّرْهُ بَيْنَ حَرْب مُجْلِيَة(5)، أَوْ سِلْم مُخْزِيَة(6)، فَإِنِ اخْتَارَ الْحَرْبَ فَانْبِذْ إِلَيْهِ(7)، وَإِنِ اخْتَارَ السِّلْمَ فَخُذْ بَيْعَتَهُ، وَالسَّلاَمُ.

____________

1. لا يُثني: لا ينظر فيها ثانياً بعد النظر الاول.

2. المُرَوِّي: هو المتفكر هل يقبل الشيء أوينبذه.

3. المُداهن: المنافق.

4. الفصل: الحكم القطعي.

5. حرب مُجْلِية: أي مخرجة له من وطنه.

6. السلم المخزية: الصلح الدال على العجز.

7. فانْبِذْ إليه: أي اطرح إليه عهد الامان وأعلنه بالحرب، والفعل من باب ضرب.

الصفحة 590

[ 9 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى معاوية

فَأَرَادَ قَوْمُنَا قَتْلَ نَبِيِّنَا، وَاجْتِيَاحَ(1) أَصْلِنَا، وَهَمُّوا بِنَا الْهُمُومَ(2)، وَفَعَلُوا بِنَا الاَْفَاعِيلَ(3)، وَمَنَعُونَا الْعَذْبَ(4)، وَأَحْلَسُونَا(5) الْخَوْفَ، وَاضْطَرُّونَا(6) إِلَى جَبَل وَعْر(7)، وَأَوْقَدُوا لَنَا نَارَ الْحَرْبِ، فَعَزَمَ اللهُ لَنَا(8) عَلَى الدَّبِّ عَنْ حَوْزَتِهِ(9)، وَالرَّمْيِ مِنْ وَرَاءِ حُرْمَتِهِ(10). مُؤْمِنُنَا يَبْغِي بِذلِكَ الاَْجْرَ، وَكَافِرُنَا

____________

1. الاجتياح: الاستئصال والاهلاك.

2. هموا بنا الهموم: قصدوا إنزالها بنا.

3. الافاعيل ـ جمع أُفْعولة ـ: الفَعْلة الرديئة.

4. العذب: هنيء العيش.

5. أحلسونا: ألزمونا.

6. اضطرونا: ألجأونا.

7. الجبل الوَعْر: الصعب الذي لا يرقى إليه.

8. عزم الله لنا: أراد لنا أن نذبّ عن حوزته.

9. المراد من الحَوْزة هنا: الشريعة الحقة.

10. رمى من وراء الحُرْمة: جعل نفسه وقاية لها يدافع السوء عنها، فهو من ورائها أوهي من ورائه.

الصفحة 591
يُحَامِي عَنِ الاَْصْلِ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قُرَيش خِلْوٌ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ بِحِلْف يَمْنَعُهُ، أَوْ عَشِيرَة تَقُومُ دُونَهُ، فَهُوَ مِنَ الْقَتْلِ بِمَكَانِ أَمْن. وَكَانَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) إذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ(1)، وَأَحْجَمَ النَّاسُ، قَدَّمَ أَهْلَ بَيْتِهِ فَوَقَى بِهِمْ أَصَحَابَهُ حَرَّ السُّيُوفِ وَالاَْسِنَّةِ(2)، فَقُتِلَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ يَوْمَ بَدْر، وَقُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُد، وَقُتِلَ جعفر يَوْمَ مُؤْتَةَ(3)، وَأَرَادَ مَنْ لَوْ شِئْتُ ذَكَرْتُ اسْمَهُ مِثْلَ الَّذِي أَرَادُوا مِنَ الشَّهَادَةِ، وَلكِنَّ آجَالَهُمْ عُجِّلَتْ،مَنِيَّتَهُ أُجِّلَتْ.

فَيَاعَجَباً لِلدَّهْرِ! إِذْ صِرْتُ يُقْرَنُ بِي مَنْ لَمْ يَسْعَ بِقَدَمِي(4)، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ كَسَابِقَتِي(5) الَّتِي لاَ يُدْلِي أحَدٌ(6) بِمِثْلِهَا، إِلاَّ أَنْ يَدَّعِيَ مُدَّع مَا لاَ أَعْرِفُهُ،

____________

1. احمرار البأس: اشتداد القتال.

2. حَر الاسنة ـ بفتح الحاء ـ: شدة وقعها.

3. مؤتة ـ بضم الميم ـ: بلد في حدود الشام.

4. بقدم مثل قدمى جَرَتْ وثَبَتَتْ في الدفاع عن الدين.

5. السابقة: فضله السابق في الجهاد.

6. أدلى إليه برَحِمِهِ: توسَّلَ، و بمال دفعه اليه ; و كلا المعنيين صحيح.

الصفحة 592
وَلاَ أَظُنُّ اللهَ يَعْرِفُهُ، وَالْحَمْدُ لله عَلَى كُلِّ حَال. وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ مِنْ دَفْعِ قَتَلَةِ عُثْمانَ إِلَيْكَ، فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي هذَا الاَْمْرِ، فَلَمْ أَرَهُ يَسَعُنِي دَفْعُهُمْ إِلَيْكَ وَلاَ إِلَى غَيْرِكَ، وَلَعَمْرِي لَئِنْ لَمْ تَنْزِعْ(1) عَنْ غَيِّكَ وَشِقَاقِكَ(2) لَتَعْرِفَنَّهُمْ عَنْ قَلِيل يَطلُبُونَكَ، لاَ يُكَلِّفُونَكَ طَلَبَهُمْ فِي بَرّ وَلاَ بَحْر، وَلاَ جَبَللاَ سَهْل، إِلاَّ أَنَّهُ طَلَبٌ يَسُوءُكَ وِجْدَانُهُ، وَزَوْرٌ(3) لاَ يَسُرُّكَ لُقْيَانُهُ، وَالسَّلاَمُ لاَِهْلِهِ.

[ 10 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إليه أيضاً

وَكَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ إِذَا تَكَشَّفَتْ عَنْكَ جَلاَبِيبُ(4) مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ دُنْيَا قَدْ تَبَهَّجَتْ بِزِينَتِهَا(5)، وَخَدَعَتْ بِلَذَّتِهَا، دَعَتْكَ فَأَجَبْتَهَا، وَقَادَتْكَ فَاتَّبَعْتَهَا، وَأَمَرَتْكَ فَأَطَعْتَهَا، وَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَقِفَكَ وَاقِفٌ عَلَى مَا لاَ يُنْجيِكَ مِنْهُ

____________

1. تنْزِع ـ كتضرب ـ أي: تنتهي.

2. الشقاق: الخلاف.

3. الزَوْر ـ بفتح فسكون ـ: الزائرون.

4. الجلابيب ـ جمع جِلْباب ـ: وهو الثوب فوق جميع الثياب كالمِلْحَفة.

5. تَبَهّجَت: تحسنت.

الصفحة 593
مِجَنٌّ(1)، فَاقْعَسْ(2) عَنْ هذَا الاَْمْرِ، وَخُذْ أُهْبَةَ(3) الْحِسَابِ، وَشَمِّرْ لِمَا قَدْ نَزَلَ بِكَ، وَلاَ تُمَكِّنِ الْغُوَاةَ(4) مِنْ سَمْعِكَ، وَإِلاَّ تَفْعَلْ أُعْلِمْكَ مَا أَغْفَلْتَ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنكَ مُتْرَفٌ(5) قَدْ أَخَذَ الشَّيْطَانُ مِنْكَ مَأْخَذَهُ، وَبَلَغَ فِيكَ أَمَلَهُ، وَجَرَى مِنْكَ مَجْرَى الرُّوحِ وَالدَّمِ.

وَمَتَى كُنْتُمْ يَا مُعَاوِيَةُ سَاسَةَ(6) الرَّعِيَّةِ، وَوُلاَةَ أَمْرِ الاُْمَّةِ ؟ بِغَيْرِ قَدَم سَابِق، وَلاَ شَرَف بَاسِق(7)، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ لُزومِ سَوَابِقِ الشَّقَاءِ، وَأُحَذِّرُكَ أَنْ تَكُونَ مُتَمادِياً فِي غِرَّةِ(8) الاُْمْنِيَّةِ(9)، مُخْتَلِفَ الْعَلاَنِيَةِ والسَّرِيرَةِ.

____________

1. المِجَنّ: التُرْس، أي: يوشك أن يطلعك الله على مهلكة لك لاتتقي منها بترس، ورويت: "مُنْج " بدل مجنّ.

2. قَعَسَ: تأخر.

3. الاُهبة ـ بضم الهمزة ـ: العُدّة.

4. الغُواة ـ جمع غاو ـ: قرين السوء الذي يزيّن لك الباطل ويغريك بالفساد.

5. المُتْرَف: من أطْغَتْه النعمة.

6. سَاسة: جمع سائس.

7. الباسِق: العالي الرفيع.

8. الغِرّة ـ بالكسر ـ: الغُرور.

9. الاُمْنِيَة ـ بضم الهمزة ـ: ما يتمناه الانسان ويؤمل إدراكه.

الصفحة 594
وَقَدْ دَعَوْتَ إِلَى الْحَرْبِ، فَدَعِ النَّاسَ جَانِباً وَاخْرُجْ إِلَيَّ، وَأَعْفِ الْفَرِيقَينِ مِنَ الْقِتَالِ، لِتَعْلَمَ أيُّنَا الْمَرِينُ(1) عَلَى قَلْبِهِ، وَالْمُغَطَّى عَلَى بَصَرِهِ! فَأَنَا أَبُو حَسَن قَاتِلُ جَدِّكَ وَخَالِكَ وأَخِيكَ شَدْخاً(2) يَوْمَ بَدْر،ذلكَ السَّيْفُ مَعِي، وَبِذلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَى عَدُوِّي، مَا اسْتَبْدَلْتُ دِيناً، وَلاَ اسْتَحْدَثْتُ نَبِيّاً، وَإنِّي لَعَلَى الْمِنْهَاجِ(3) الَّذِي تَرَكْتُمُوهُ طَائِعِينَ، وَدَخَلْتُمْ فِيهِ مُكْرَهِينَ.

وَزَعَمْتَ أَنَّكَ جِئْتَ ثَائراً بِدَمِ(4) عُثْمانَ، وَلَقَدْ عَلِمْتَ حَيْثُ وَقَعَ دَمُ عُثْمانَ فَاطْلُبْهُ مِنْ هُنَاكَ إِنْ كُنتَ طَالباً، فَكَأَنِّي قدْ رَأَيْتُكَ تَضِجُّ مِنَ الْحَرْبِ إِذَا عَضَّتْكَ ضَجِيجَ آلْجِمَالِ بِالاَْثْقَالِ، وَكَأَنِّي بِجَمَاعَتِكَ تَدْعُونِي جَزَعاً مِنَ الضَّرْبِ الْمُتَتَابِعِ، وَالْقَضَاءِ الْوَاقِعِ، وَمَصَارِعَ بَعْدَ مَصَارِعَ، إِلَى كِتَابِ اللهِ، وَهِيَ كَافِرةٌ جَاحِدَهٌ، أَوْ مُبَايِعَةٌ حَائِدَةٌ(5).

____________

1. المَرِين ـ بفتح فكسر ـ: اسم مفعول من رانَ ذنبهُ على قلبه: غلب عليه فغطى بصيرته.

2. شدخاً: أي كسراً في الرطب.

3. المِنْهاج: هو ـ هنا ـ طريق الدين الحق.

4. ثأر به: طلب بدمه.

5. حائدة: من حاد عن الشيء إذا مال عنه وعدل عنه إلى سواه.

الصفحة 595

[ 11 ]
ومن وصية
وصّى بها(عليه السلام) جيشاً بعثه إلى العدو

فَإذَا نزَلتُمْ بِعَدُوّ أَوْ نَزَلَ بِكُمْ، فَلْيَكُنْ مُعَسْكَرُكُمْ فِي قُبُلِ(1) الاَْشْرَافِ(2)، أَوْ سِفَاحِ الْجِبَالِ(3)، أَوْ أثْنَاءِ(4) الاَْنْهَارِ، كَيْما يَكُونَ لَكُمْ رِدْءاً(5)، وَدُونَكُمْ مَرَدّاً(6)، وَلْتَكُنْ مُقَاتَلَتُكُمْ مِنْ وَجْه وَاحِد أَوِ اثْنيْنِ، واجْعَلُوا لَكُمْ رُقَبَاءَ فِي صَيَاصِي(7) الْجِبَالِ، وَمَنَاكِبِ(8) الْهِضَابِ(9)، لِئَلاَّ يَأْتِيَكُمُ الْعَدُوُّ مِنْ مَكَانِ مَخَافَة أَوْ أَمْن.

____________

1. قُبُل: قُدّام.

2. الاشراف ـ جمع شَرَف محركة ـ: العلو والعالي.

3. سِفاح الجبال: أسافلها.

4. الاثناء: منعطفات الانهار.

5. الرِدْء ـ بكسر فسكون ـ: العون.

6. المَرَدّ ـ بتشديد الدال ـ: مكان الرد والدفع.

7. صَيَاصي: أعالي.

8. المَنَاكب: المرتفعات.

9. الهِضاب ـ جمع هَضْبة بفتح فسكون ـ: الجبل لايرتفع عن الارض كثيراً مع انبساط في أعلاه.

الصفحة 596
وَاعْلَمُوا أَنَّ مُقَدِّمَةَ الْقَومِ عُيُونُهُمْ، وَعُيُونَ الْمُقَدِّمَةِ طَلاَئِعُهُمْ.

وَإِيَّاكُمْ وَالتَّفَرُّقَ، فَإِذَا نَزَلْتُمْ فَانْزِلُوا جَمِيعاً، وَإذا ارْتحَلْتُمْ فَارْتَحِلُوا جَمِيعاً، وَإِذَا غشِيكُمُ اللَّيْلُ فَاجْعَلُوا الرِّمَاحَ كِفَّةً(1)، وَلاَ تَذُوقُوا النَّوْمَ إِلاَّ غِرَاراً(2) أَوْ مَضْمَضَةً(3).

[ 12 ]
ومن وصيته
لمعقل بن قيس الرياحي
حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف مقدّمةً له

اتَّقِ اللهَ الَّذِي لاَبُدّ لَكَ مِنْ لِقَائِهِ، وَلاَ مُنْتَهَى لَكَ دُونَهُ، وَلاَ تُقَاتِلَنَّ إِلاَّ مَنْ قَاتَلَكَ، وَسِرِ الْبَرْدَيْنِ(4)،غَوِّرْ(5) بِالنَّاسِ، وَرَفِّهْ(6) فِي السَّيْرِ، وَلاَ تَسِرْ

____________

1. الرّماح كِفّة: أي بمثل كِفّة الميزان مستديرة حولكم محيطة بكم.

2. الغِرار ـ بكسر الغين ـ: النوم الخفيف.

3. المضمضة: أن ينام ثم يستيقط ثم ينام، تشبيهاً بمضمضة الماء في الفم يأخذه ثم يمجه، وهو أدق التشبيه وأجمله.

4. البَرْدان: وقت ابتراد الارض والهواء من حر النهار، الغَداة والعَشيّ.

5. غَوِّرْ: أي انزلْ بهم في الغائرة وهي القائلة: وقت اشتداد الحر.

6. رفّه: هوّن ولا تتعب نفسك ولا دابتك.

الصفحة 597
أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ اللهَ جَعَلَهُ سَكَناً، وَقَدَّرَهُ مُقَاماً لاَ ظَعْناً(1)، فَأَرِحْ فِيهِ بَدَنَكَ، وَرَوِّحْ ظَهْرَكَ، فَإِذَا وَقَفْتَ حِينَ يَنْبَطِحُ السَّحَرُ(2)، أَوْ حِينَ يَنْفَجِرُ الْفَجْرُ، فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللهِ، فَإِذَا لَقِيتَ الْعَدُوَّ فَقِفْ مِنْ أَصْحَابِكَ وَسَطاً، وَلاَ تَدْنُ مِنَ الْقَوْمِ دُنُوَّ مَنْ يُريدُ أَنْ يُنْشِبَ الْحَرْبَ، وَلاَ تَبَاعَدْ منهم تَبَاعُدَ مَنْ يَهَابُ الْبَأْسَ، حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي، وَلاَ يَحْمِلَنَّكُمْ شَنَآنُهُمْ(3) عَلَى قِتَالِهِمْ، قَبْلَ دُعَائِهِمْ وَالاِْعْذَارِ إِلَيْهِمْ(4).

____________

1. الظعن: السفر.

2. ينبطح السّحَر: ينبسط، مجاز عن استحكام الوقت بعد مضي مدة منه وبقاء مدة.

3. الشَنآن: البغضاء.

4. الاعذار إليهم: تقديم ما يُعْذَرون به في قتالهم.

الصفحة 598

[ 13 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى أمير ين من أُمراء جيشه

وَقَدْ أَمَّرْتُ عَلَيْكُمَا وَعَلى مَنْ فِي حَيِّزِكُمَا(1) مَالِكَ بْنَ الْحَارثِ الاَْشْترِ، فَاسْمَعَا لَهُ وَأَطِيعاً، واجْعَلاَهُ دِرْعاً(2) وَمِجَنّاً(3)، فَإِنّهُ مِمَّنْ لاَ يُخَافُ وَهْنُهُ(4)، وَلاَ سَقْطَتُهُ(5)، وَلاَ بُطْؤُهُ عَمَّا الاْسْرَاعُ إِلَيْهِ أَحْزَمُ(6)، وَلاَ إِسْرَاعُهُ إِلَى مَا الْبُطءُ عَنْهُ أَمْثَلُ(7).

[ 14 ]
ومن وصيّته (عليه السلام)
لعسكره قبل لقاء العدوبصفّين

لاَ تُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَبْدَأُوكُمْ، فَإِنَّكُمْ بِحَمْدِ اللهِ عَلَى حُجَّة، وَتَرْكُكُمْ إِيَّاهُمْ حَتَّى يَبْدَأُوكُمْ حُجَّةٌ أُخْرَى لَكُمْ عَلَيْهِمْ، فَإذَا كَانَتِ الْهَزِيمَةُ بِإذْنِ اللهِ فَلاَ تَقْتُلُوا مُدْبِراً، وَلاَ تُصيِبُوا مُعْوِراً(8)، وَلاَ تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيح(9)،لاَ تَهِيجُوا

____________

1. الحَيّز: ما يتحيز فيه الجسم أي يتمكن، والمراد منه مقر سلطتهما.

1. الدِرْع: ما يلبس من مصنوع الحديد للوقاية من الضرب والطعن.

2. المِجَنّ: التُرْس.

3. الوَهْن: الضعف.

4. السَقْطة: الغلطة.

5. أحزم: أقرب للحزم.

6. أمثل: أولى وأحسن.

7. المُعْورِ ـ كمجرم ـ: الذي أمكن من نفسه وعجز عن حمايتها، وأصله أعْوَرَ: أبدى عورته.

8. أجهَزَ على الجريح: تمم أسباب موته.

الصفحة 599
النِّسَاءَ بِأَذىً، وَإِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ، وَسَبَبْنَ أُمَرَاءَكُمْ، فَإِنَّهُنَّ ضَعِيفَاتُ الْقُوَى وَالاَْنْفُسِ وَالْعُقُولِ، إِنْ كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وَإِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَتَنَاوَلُ الْمَرْأَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالْفِهْرِ(1) أَوِ الْهِرَاوَةِ(2) فَيُعَيَّرُ بِهَا وَعَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ.

[ 15 ]
وكان(عليه السلام) يقول إذا لقى العدوّ محارباً

اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَفْضَتِ(3) الْقُلُوبُ، وَمُدَّتِ الاَْعْنَاقُ، وَشَخَصَتِ الاَْبْصَارُ، وَنُقِلَتِ الاَْقْدَامُ، وَأُنْضِيَتِ(4) الاَْبْدَانُ.

اللَّهُمَّ قَدْ صَرَّحَ مَكْنُونُ الشَّنَآنِ(5)، وَجَاشَتْ(6) مَرَاجِلُ(7) الاَْضْغَانِ(8).

اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُوا إِلَيكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنَا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنَا، وَتَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا.

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ)

____________

1. الفِهْر ـ بالكسر ـ: الحجر على مقدار ما يدق به الجوز أو يملا الكف.

2. الهِرَاوَة ـ بالكسر ـ: العصا أو شبه المِقمَعَة من الخشب.

3. أفْضَتْ: انتهت ووصلت.

4. أنْضَيْتُ: أبَلَيْتُ بالهُزالِ والضعف في طاعتك.

5. صرّحَ مكنونُ الشّنآن: صرح القوم بما كانوا يكتمون من البغضاء.

6. جاشت: غَلَت.

7. المراجل: القُدُور.

8. الاضغان: جمع ضِغْن وهو الحقد.


الصفحة 600

[ 16 ]
وكان يقول (عليه السلام)
لاصحابه عند الحرب

لاَ تَشْتَدَّنَّ عَلَيْكُمْ فَرَّةٌ بَعْدَهَا كَرَّةٌ(1)، وَلاَ جَوْلَةٌ بَعْدَهَا حَمْلَةٌ، وَأَعْطُوا السُّيُوفَ حُقُوقَهَا، وَوَطِّئُوا لِلْجُنُوبِ مَصَارِعَهَا(2)، وَاذْمُرُوا(3) أَنْفُسَكُمْ عَلَى الطَّعْنِ الْدَّعْسِيِّ(4)، وَالضَّرْبِ الطِّلَحْفِيِّ(5)، وَأَمِيتُوا الاَْصْوَاتَ(6)، فإِنَّهُ أَطْردُ لِلْفَشَلِ، [فـ] والَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، مَا أَسْلَمُوا وَلَكِنِ اسْتَسْلَمُوا، وَأَسَرُّوا الْكُفْرَ، فَلَمَّا وَجَدُوا أَعْوَاناً عَلَيْهِ أَظْهَرُوهُ.

____________

1. لا تشتدن عليكم فَرّة بعدها كرّة: لايشق عليكم الامر إذا انهزمتم متى عدتم للكَرّة، ولا تثقل عليكم الدورة من وجه العدوإذا كانت بعدها حملة وهجوم عليه.

2. وَطّئوا: مهّدوا للجُنوب، جمع جَنْب. مَصارِعها: أماكن سقوطها، أي اذا ضربتم فأحكموا الضرب ليصيب، فكأنكم مهدتم للمضروب مصرعه.

3. اذْمُرُوا ـ على وزن اكتبوا ـ أي: حرضوا.

4. الدَعْسيّ: اسم من الدَعْس أي الطعن الشديد.

5. الطِّلَحْفِيّ ـ بكسر الطاء وفتح اللام ـ: أشد الضرب.

6. إماتة الاصوات: انقطاعها بالسكوت.

الصفحة 601

[ 17 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى معاوية، جواباً عن كتاب منه

وَأَمَّا طَلَبُكَ إِلَيَّ الشَّامَ، فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لاُِعْطِيَكَ الْيَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ.

وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَكَلَتِ الْعَرَبَ إِلاَّ حُشَاشَاتِ أَنْفُس بَقِيَتْ، فَمَنْ أَكَلَهُ الْحَقُّ فَإِلَى [الْجَنَّةِ،مَنْ أَكَلَهُ الْبَاطِلُ فَإِلَى] النّارِ.

وَأَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِي الْحَرْبِ والرِّجَالِ، فَلَسْتَ بِأَمْضَى عَلَى الشَّكِّ مِنِّي عَلَى الْيَقِينِ، وَلَيْسَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَحْرَصَ عَلَى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى الاْخِرَةِ.

وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَاف، فَكَذلِكَ نَحْنُ، وَلكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمَ، وَلاَ حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَلاَ أَبُوسُفْيَانَ كَأَبِي طَالِب، وَلاَ المُهَاجرُ(1) كَالطَّلِيقِ(2)، وَلاَ الصَّرِيحُ(3) كَاللَّصِيقِ(4)، وَلاَ الْـمُحِقُّ كَالْمُبطِلِ، وَلاَ

____________

1. المُهَاجِر: من آمن في المخافة وهاجر تخلصاً منها. 2. الطّليق: الذي أسر فاطلق بالمنّ عليه أو الفدية، وأبوسفيان ومعاوية كانا من الطلقاء يوم الفتح.

3. الصريح: صحيح النسب في ذوي الحسب.

4. اللَصِيق: من ينتمي إليهم وهو أجنبي عنهم.

الصفحة 602
الْمُؤْمِنُ كَالمُدْغِلِ(1)، وَلَبِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ.

وَفِي أَيْدِينَا بعْدُ فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِي أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِيزَ، وَنَعَشْنَا(2) بِهَا الذَّلِيلَ.

وَلَمَّا أَدْخَلَ اللهُ الْعَرَبَ فِي دِينِهِ أَفْوَاجاً، وَأَسْلَمَتْ لَهُ هذِهِ الاُْمَّةُ طَوْعاً وَكَرْهاً، كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الدِّينِ: إِمَّا رَغْبَةً وَإِمَّا رَهْبَةً، عَلَى حِينَ فَازَ أَهْلُ السَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ، وَذَهَبَ الْمُهَاجِرُونَ الاَْوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ.

فَلاَ تَجْعَلَنَّ لِلشَّيْطَانِ فِيكَ نَصِيباً، وَلاَ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلاً، وَالسَّلاَمُ.

____________

1. المُدْغِل: المفسد.

2. نَعَشْنا: رَفَعْنا.

الصفحة 603

[ 18 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)

إلى عبد الله بن العباس وهو عامله على البصرة

وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَصْرَةَ مَهْبِطُ إِبْلِيسَ، وَمَغْرِسُ الْفِتَنِ، فَحَادِثْ أَهْلَهَا بِالاِْحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَاحْلُلْ عُقْدَةَ الْخَوْفِ عَنْ قُلُوبِهِمْ.

وَقَدْ بَلَغَنِي تَنَمُّرُكَ(1) لِبَنِي تَمِيم، وَغِلْظَتُكَ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّ بَنِي تَمِيم لَمْ يَغِبْ لَهُمْ نَجْمٌ(2) إِلاَّ طَلَعَ لَهُمْ آخَرُ(3)، وَإِنَّهُمْ لَمْ يُسْبَقُوا بِوَغْم(4) فِي جَاهِلِيَّة وَلاَ إِسْلاَم، وَإِنَّ لَهُمْ بِنَا رَحِماً مَاسَّةً، وَقَرَابَةً خَاصَّةً، نَحْنُ مَأْجُورُونَ عَلَى صِلَتِهَا، وَمَأزُورُونَ عَلَى قَطِيعَتِهَا.

فَارْبَعْ(5) أَبَا الْعَبَّاسِ، رَحِمَكَ اللهُ، فِيَما جَرَى عَلَى يَدِكَ وَلِسَانِكَ مِنْ خَيْر وَشَرّ! فَإِنَّا شَرِيكَانِ فِي ذلِكَ،كُنْ عِنْدَ صَالِحِ ظَنِّي بِكَ، وَلاَ يَفِيلَنَّ رَأَيِي(6) فِيكَ، وَالسَّلاَمُ.

____________

1. تَنَمّرُكَ: أي تنكّر أخلاقك.

2. غَيْبُوبة النجم: كناية عن الضعف.

3. طلوع النجم: كناية عن القوة.

4. الوَغْم ـ بفتح فسكون ـ: الحرب والحقد.

5. اربَعْ: الرفُقْ وقف عند حد ما تعرف.

6. فالَ رأيُهُ: ضعف.

الصفحة 604

[ 19 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى بعض عماله

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ دَهَاقِينَ(1) أهْلِ بَلَدِكَ شَكَوْا مِنْكَ غِلْظَةً وَقَسْوَةً، وَاحْتِقَاراً وَجَفْوَةً، وَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَهُمْ أَهْلاً لاََنْ يُدْنَوْا(2) لِشِرْكِهِمْ، وَلاَ أَنْ يُقْصَواْ(3) وَيُجْفَوْا(4) لِعَهْدِهِمْ، فَالْبَسْ لَهُمْ جِلْبَاباً مِنَ اللِّينِ تَشُوبُهُ(5) بِطَرَف مِنَ الشِّدَّةِ، وَدَاوِلْ(6) لَهُمْ بَيْنَ الْقَسْوَةِ وَالرَّأْفَةِ، وَامْزُجْ لَهُمْ بَيْنَ التَّقْرِيبِ وَالاِْدْنَاءِ، وَالاِْبْعَادِ وَالاِْقْصَاءِ، إِنْ شَاءَاللهُ.

____________

1. الدَهَاقين: الاكابر، الزعماء أرباب الاملاك بالسواد، واحدهم دِهقان ـ بكسر الدال ـ ولفظه معرّب.

2. يُدْنَوا: يقرّبوا.

3. يُقْصَوْا: يبعدوا. 4. يُجْفَوا: يعاملوا بخشونة.

5. تشوبه: تخلطه.

6. داول: اسلك فيهم منهجاً متوسطاً.

الصفحة 605

[ 20 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى زياد بن أبيه

وهو خليفة عامله عبدالله بن العباس على البصرة، وعبد الله عامل أميرالمؤمنين(عليه السلام)يومئذ عليها وعلى كور الاهواز(1) وفارس وكرمان:

وَإِنِّي أُقْسِمُ بِاللهِ قَسَماً صَادِقاً، لَئِنْ بَلَغَني أَنَّكَ خُنْتَ مِنْ فَيْءِ(2) الْمُسْلِمِينَ شَيْئاً صَغِيراً أَوْ كَبِيراً، لاََشُدَّنَّ عَلَيْكَ شَدَّةً تَدَعُكَ قَلِيلَ الْوَفْرِ(3)، ثَقِيلَ الظَّهْرِ(4)، ضَئِيلَ الاَْمْرِ(5)، وَالسَّلاَمُ.

[ 21 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إليه أيضاً

فَدَعِ الاِْسْرَافَ مُقْتَصِداً، وَاذْكُرْ فِي الْيَوْمِ غَداً، وَأَمْسِكْ مِنَ الْمَالِ بِقَدْرِ ضَرُورَتِكَ، وَقَدِّمِ الْفَضْلَ(6) لِيَوْمِ حَاجَتِكَ.

أَتَرْجُوا أَنْ يُعْطِيَكَ اللهُ أَجْرَ الْمُتَوَاضِعِينَ وَأَنْتَ عِنْدَهُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ! وَتَطْمَعُ ـ وَأَنْتَ مُتَمَرِّغٌ فِي النَّعِيمِ(7)، تَمْنَعُهُ الضَّعِيفَ والاَْرْمَلَةَ ـ أَنْ يُوجِبَ لَكَ ثَوَابَ الْمتَصَدِّقِينَ؟ وَإِنَّمَا الْمَرْءُ مَجْزِيٌ بَمَا [أ] سلَفَ(8)، وَقَادِمٌ عَلَى مَا قَدَّمَ، وَالسَّلاَمُ.

____________

1. كُوَر: جمع كُورة وهي الناحية المضافة إلى أعمال بلد من البلدان. والاهواز: تسع كُوَر بين البصرة وفارس.

2. فيئهم: ما لهم من غنيمة أو خراج.

3. الوَفْر: المال.

4. ثقيل الظهر: أي مسكين لا تقدر على مؤونة عيالك.

5. الضَئِيل: الضعيف النحيف. وضئيل الامر: الحقير.

6. الفضل: ما يفضل من المال. 7. المتمرّغ في النعم: المتقلب في الترف.

8. أسلف: قدم في سالف أيامه.


الصفحة 606

[ 22 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى عبدالله بن العباس

وكان ابن عباس يقول: ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول الله كانتفاعي بهذا الكلام:

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَسُرُّهُ دَرَكُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ(1)، وَيَسُوؤُهُ فَوْتُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُدْرِكَهُ(2)، فَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا نِلْتَ مِنْ آخِرَتِكَ، وَلْيَكُنْ أسَفُكَ عَلَى مَا فَاتَكَ مِنْهَا، وَمَا نِلْتَ مِنْ دُنْيَاكَ فَلاَ تُكْثِرْ بِهِ فَرَحاً، وَمَا فَاتَكَ مِنْهَا فَلاَ تَأْسَ عَلَيْهِ جَزَعاً، وَلْيَكُنْ هَمُّكَ فِيَما بَعْدَ الْمَوْتِ.

____________

1. يفوته الشيء: يذهب عنه إلى غير رجعة.

2. يدركه: يناله ويصيبه.

الصفحة 607

[ 23 ]
ومن كلام له (عليه السلام)
قاله قُبَيْلَ موته لمّا ضربه ابن ملجم على سبيل الوصية

وَصِيَّتِي لَكُمْ: أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئاً، وَمُحَمَّدٌ(صلى الله عليه وآله) فَلاَ تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ، أَقِيمُوا هذَيْنِ الْعَمُودَينِ، وَخَلاَ كُمْ ذَمٌّ(1).

أَنَا بالاَْمْسِ صَاحِبُكُمْ، وَالْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ، وَغَداً مُفَارِقُكُمْ، إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي، وَإِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ مِيعَادِي، وَإِنْ أَعْفُ فَالْعَفْوُ لِي قُرْبَةٌ، وَهُوَ لَكُمْ حَسَنَةٌ، فَاعْفُوا (أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ)

وَاللهِ مَا فَجَأَنِي مِنَ الْمَوْتِ وَارِدٌ كَرِهْتُهُ، وَلاَ طَالِعٌ أَنْكَرْتُهُ، وَمَا كُنْتُ إِلاَّ كَقَارِب(2) وَرَدَ، وَطَالِب وَجَدَ، (وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلاَْبْرَارِ)
وقد مضى بعض هذا الكلام فيما تقدّم من الخطب، إلاّ أنّ فيه هاهنا زيادة أوجبت تكريره.

____________

1. خلاكم ذمّ: عداكم وجاوزكم اللوم بعد قيامكم بالوصية.

2. القارب: طالب الماء ليلاً، ولايقال لطالبه نهاراً.

الصفحة 608

[ 24 ]
ومن وصية له (عليه السلام)
بما يُعمل في أمواله، كتبها بعد منصرفه من صفين

هذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب أمِيرُالْمُؤْمِنِينَ فِي مَالِهِ، ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ، لِيُولِجَني(1) بِهِ الْجَنَّةَ، وَيُعْطِيَني الاَْمَنَةَ(2).

منها:

فَإِنَّهُ يَقُومُ بِذلِكَ الْحَسنُ بْنُ علِيّ، يأْكُلُ مِنْهُ بِالْمعْروفِ، وَيُنْفِقُ مِنْهُ فِي المَعْروفِ، فَإِنْ حَدَثَ(3) بِحَسَن حَدَثٌ وَحُسَيْنٌ حَيٌّ، قَامَ بِالاَْمْرِ بَعْدَهُ، وَأَصْدَرَهُ(4) مَصْدَرَهُ.

وَإِنَّ لاِبْنَيْ فَاطِمَةَ مِنْ صَدَقةِ عَلِيّ مِثْلَ الَّذِي لِبَنِي عَلِيّ، وَإِنِّي إِنَّمَا جَعَلْتُ الْقِيَامَ بِذلِكَ إِلَى ابْنَيْ فَاطِمَةَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ، وَقُرْبَةً إِلَى رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله)، وَتَكْرِيماً لِحُرْمَتِهِ، وَتَشْرِيفاً لِوُصْلَتِهِ(5).

وَيَشْتَرِطُ عَلَى الَّذِي يَجْعَلُهُ إِلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ الْمَالَ عَلَى أُصُولِهِ(6)، وَيُنْقفِقَ مِنْ ثَمَرِهِ حَيْثُ أُمِرَ بِهِ وَهُدِيَ لَهُ،أَلاَّ يَبِيعَ مِنْ أَوْلاَدِ نَخِيلَ هذِهِ الْقُرَى

____________

1. يُولِجُهُ: يُدْخله.

2. الامَنَةُ ـ بالتحريك ـ: الامن.

3. الحَدَث ـ بالتحريك ـ: الحادث، أي الموت.

4. أصدره: أجراه كما كان يجري على يد الحسن.

5. الوُصْلة ـ بالضم ـ: الصلة وهي ـ هنا ـ القرابة.

6. ترك المال على أصوله: أن لا يباع منه شيء ولا يقطع منه غرس.