من هذين الصنفين استقلالاً ، ورغم انه قال في سورة آل عمران :
( الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ) (1) .
ويبين الجميع بصورة مذكر ، لكنه يقول في سورة الإحزاب :
( ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات ... ) .
ثم يقول :
( والذّاكرين الله كثيراً والذّاكرات أعدّ الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً ) (2) .
ان الله تعالى يعبر بطريقة تفهمنا المعنى وتفهمنا انه يتكلم بثقافة الحوار وليس بالثقافة الكلاسيكية . ومع إنه صرح وقال :
( ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ) .
ولكنه حين يخبر ، لا يقول : ( أعدّ الله لهم ولهنّ ) بل يقول : ( أعدّ لهم ) ، أي لا تفكروا بانه كلما ورد كلام عن ( كم ) و( هم ) فالمقصود هو الرجل ( إلاّ بقرينة التقابل ) . وعليه فالشخص العارف بثقافة القرآن لا يخطر في ذهنه انه لماذا ورد في تلك الرواية ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) حتى يكون في فكر الجواب ما دام مستأنساً بالقرآن ويفهم ان الله يذكر بصراحة الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات بشكل مشروح في آية واحدة .
____________
(1) سورة آل عمران ، الآية : 17 .
(2) سورة الأحزاب ، الآية : 35 .

( 80 )

بناء على هذا ، فان قوله في شأن مريم عليها السلام : ( صدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) ، لا لأجل انه ليس لدينا قانتات ، لأنه قال صريحاً في سورة الأحزاب : ( والقانتين والقانتات ) بل لأجل حفظ ثقافة الحوار ، وعلامته انه هكذا في جهة العكس ايضاً ، ففي جهة العكس أيضاً يعد المرأة الخاطئة في زمزة الرجال الخاطئين على أساس طريقة الحوار ويقول في سورة يوسف :
( واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ) (1) .
لا ( من الخاطئات ) . وهذا لا لأنه ليس لدينا خاطئات ، بل لأجل انه يتكلم على أساس لغة الحوار .

نتيجة الكلام :
أولاً : بيّن القرآن الكريم أنه يخاطب أرواح الناس ، والأرواح ليست مذكرة ولا مؤنثة .
وثانياً : ان موضع الذكورة والأنوثة هو بدن الإنسان ، والبدن ، ليس له علاقة بالفضائل والمعارف .
وثالثاً : إذا لم تكن هناك قرينة خاصة في الكلام ولا تقتضي القوانين الأدبية ، فان آيات القرآن وكلام الله يجب حمله على أساس لغة الحوار .
ورابعاً : أولئك الذين يدعون لمساواة المرأة والرجل عندما يريدون التكلم عن جماهير الناس ـ مجموع النساء والرجال ـ هل يقولون : ان الرجال والنساء ثاروا ، الرجال والنساء اعترضوا ، النساء والرجال صوتوا ؟ أم يقولون : الناس ثاروا ، الناس أدلوا بأصواتهم و .. ؟ هذه هي طريقة الحوار
____________
(1) سورة يوسف ، الآية : 29 .
( 81 )

والعرف العالمي . بناء على هذا يجب عدم القول : ان القرآن يهتم بالذكور دون الإناث .

حالات التصريح بالذكورة والأنوثة في القرآن :
الحالات التي يذكر فيها القرآن الكريم بصراحة اسم المرأة والرجل ، علّتها انه يريد تخطئة الأفكار الجاهلية قبل الإسلام ، فلأن أولئك كانوا يفرقون بين المرأة والرجل وكانوا يرون العبادات والفضائل منحصرة بالرجال ، لذا جاء في القرآن الكريم بتحليل عقلي أن الذي يجب أن يكمل هي الروح والروح لا هي مذكر ولا مونث .
لم تكن تعطى للمرأة قبل الإسلام أية قيمة ، وكانوا ينظرون دائماً إلى المرأة بعين الغضب ، كما انه ليس لها أية قيمة في الأماكن المتقدمة ، صناعياً ، إلا من أجل إرضاء شهوة الرجال ، وكلاهما احتقار لمقام المرأة الرفيع ، ولكن الله تعالى ذكر في القرآن انه يتولى تربية قلوب وأرواح الناس ، وأرواح وقلوب الناس لا هي مذكر ولا مؤنث ، لذا ينفي القرآن موضوع المرأة والرجل لكي لا يبقى محلاً لبيان التساوي أو الاختلاف بين هذين الاثنين ، لذا عندما يبحث في كل القرآن وكذلك في كل كلام العترة الطاهرة عليهم السلام لا يلاحظ حالة اعتبر فيها القرآن كمالاً من الكمالات المعنوية مشروطاً بالذكورة أو عدها ممنوعة عن الأنوثة .
في البحوث القادمة ( فصل العرفان ) سوف يتضح انه في جميع الأسفار الأربعة كلا المرأة والرجل سالكان هذا الطريق ، وإذا كان هناك اختلاف فهو في الأعمال التنفيذية ، والأعمال التنفيذية هي وظيفة لا كمال . وفي العبادة أيضاً ليست هناك أية عبادة تفوت المرأة ، حتى في مسألة ( دعي الصلاة أيام


( 82 )

اقرائك ) (1) قالوا : إذا توضأت وجلست في مصلاها نحو القبلة وذكرت فان لها ثواب الصلاة ، لذا ليس هناك أي كمال شرطه الذكورة ومانعه الأنوثة .
طبعاً في المسائل الفقهية التي تتولى تقسيم العمل وتشرح المسائل التنفيذية ، هناك يذكرون أي الأعمال شرطها الذكورة. والأنوثة مانعة ، ولكن هذا يتعلق بالأعمال التنفيذية . أما في البحوث التفسيرية ، الكلامية ، الفلسفية والعرفانية ، فليس هناك أي بحث عن الذكورة أو الأنوثة ، بل هي تتعلق بإنسانية الإنسان .
بناء على هذا ، إذا كان الكلام هو عن تهذيب الروح ، فالروح ليست مذكراً ولا مؤنثاً ، فالكلام هو عن عدم الذكورة والأنوثة ، ولذا لا يأتي بحث التساوي ويبين بسهولة وذلك الجزء من القرآن الذي تشعر كلماته بالذكورة عدة طائفة من الآيات :
بناء على هذا تقسم آيات القرآن الكريم إلى عدة طوائف :
الطائفة الأولى : هي الآيات التي لا تختص بصنف خاص مثل الآيات التي طرح فيها الناس أو الإنسان ، أو ذكرت بلفظ ( من ) .
الطائفة الثانية : هي الآيات التي تتكلم على الرجل ، مثل الآيات التي استعمل فيها ضمير جمع المذكر السالم ، والآيات التي استفيد المذكر فيها من لفظ ( ناس ) ، وأمثال ذلك ، كأن يقول : ( يعلمكم ، يعلمهم ) .
ولكن هذا هو على أساس لغة الحوار . فحين يريدون التكلم يقولون : ان الناس يقولون كذا ، الناس يتوقعون ، الناس في الساحة الناس يصوتون . هؤلاء الـ ( ناس ) ليسوا في مقابل النساء ، بل الناس يعني ( جماهير الناس ) .
____________
(1) فروع الكافي ، ج 3 ، ص 85 .
( 83 )

فيجب عدم الاستنتاج إن القرآن له قاموس مذكري من كيفية التعبير الرائجة في قاموس الحوار والأدب .
الطائفة الثالثة : هي الآيات التي استعمل فيها لفظ الرجل والمرأة ، وهي تصرح بانه في هذه الناحية ليس في الأمر امرأة ورجل او لا يختلفان ، مثل قوله تعالى :
( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) (1) .
إن القرآن نزل لأجل تهذيب الروح . حين العبادة والتقرب حكم ذلك العامل ، سواء كان بدنه امرأة ، أو رجلاً ، حكمه لا يختلف ، طبعاً حين العمل والتنفيذيات ، البدن دخيل ، ويقسم البدن بشكل امرأة ورجل ، ولكن الذي يؤمن في مقام المعرفة ، ويؤمن في مقام الإرادة واخلاص النية ، في محل المعرفة والعزيمة ، في محل الجزم والعزم ، ليس هو مذكراً ولا مؤنثاً .
بناء على هذا اتضح ان هذه الأصناف ليس لها دور في المناهج التعليمية ومناهج التزكية في القرآن الكريم ، ولذا يقول تعالى بأن بدنكم هذا ( البشر الأولي ) من التراب .
( إني خالق بشراً من طين ) (2) .
أحياناً يقول من التراب ، وأحياناً يقول : من ( حمأ مسنون ) ، وأحياناً من ( من صلصال ) ، وأحياناُ ( طين ) وأمثال ذلك ، وأحياناً يقول بأن امرأة ورجلاً دخيلان في ظهروكم ( البشر الثانوي ) ، بناء على هذا ، بماذا تفخرون ؟ وإذا أردتم ان تتفاخروا ، فان فخركم هو في اللاّفخر . عامل الفخر هي التقوى فقط التي ترافق عدم الفخر وعدم التفاخر ، هذه الآية المعروفة في
____________
(1) سورة النحل ، الآية : 97 .
(2) سورة ص ، الآية : 71 .

( 84 )

سورة الحجرات تتولى قسم البدن وقسم الروح أيضاً ، ان قوله تعالى ( يا أيها الناس ) أي الناس الذين جاء القرآن لهدايتهم .
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) (1) .
أي انكم إذا أردتم الفخر بالبدن فان الرجل خلق من امرأة ورجل والمرأة أيضاً ولدت من امرأة ورجل ، لا ان خلق بدن الرجل أفضل من خلق بدن المرأة ولا بالعكس . حيث انه إذا أراد شخص أو صنف أو عرق التفاخر على عرق آخر ، يقال له أيضاً ان كل فريق منكم هو من امرأة ورجل .
من حيث مسألة العرق واللغة أيضاً قال : بانها عامل للتعارف والهوية الطبيعية ، فالإنسان لا يستطيع ان يحمل معه هوية بلده إلى أي مكان يذهب ، الوجوه . الهياكل ، اللغات واللهجات هي هوية طبيعية للإنسان وهي تعود إلى البدن أيضاً ، وإلا فالروح لا شرقية ولا غربية ، لا عرب ولا عجم و ...
( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) (2) .
والهوية ليست عامل فخر أيضاً ، فإذا أراد شخص ان يتفاخر لا محل لذلك ، لأن الجميع هم من ذكر وأنثى ، والشعوب والقبائل تتعلق بالبدن ، والأرواح لها حساب منفصل « الأرواح جنود مجندة » (3) . لها واد آخر ليس فيه كلام عن الهوية وأمثالها ، ثم إذا أراد شخص ان يرتفع يجب أن يرتفع بدون تفاخر ، وذلك :
( ان أكرمكم عند الله أتقاكم ) (4) .
____________
(1) سورة الحجرات ، الآية : 13 .
(2) المصدر السابق .
(3) بحار الأنوار ، ج 61 ، ص 31 .
(4) سورة الحجرات ، الآية : 13 .

( 85 )

والآيات من هذا القبيل كثيرة سوف يشار إلى بعضها .

ذكر شواهد قرآنية (1) :
الملائكة لا مذكرة ولا مؤنثة :

المقدمة الأولى : ذكر في القرآن الكريم كمالات للملائكة ، وذكرت هذه الكمالات أيضاً للناس العلماء والواعين ـ سواء كمالات علمية أو كمالات عملية . المقدمة الثانية : إذا ثبت ان الملائكة ليست جسماً ومنزهة عن الذكورة والأنوثة يتضح الوجه المشترك للملائكة والإنسان ، وانه روح الإنسان ، لا جسمه ولا مجموع الجسم والروح .
بهاتين المقدمتين ، يتضح كما بين سابقاً ان في المسائل القيمية ليس هناك كلام عن الذكورة والأنوثة ، بل ان هذين الصنفين متساويان ، لذا فأساس القضية سالب بانتفاء الموضوع ، ولكن يرى الماديون أن هذه القضية سالبة بانتفاء المحمول . لأنهم يتصورون حقيقة الإنسان هي البدن ، والبدن أما مذكر أو مؤنث ثم يقولون : ان المرأة والرجل لا يختلفان في المسائل القيمية ، ولكن الإسلام يرى روح الإنسان تمام الحقيقة وفي نفس الوقت الذي يعد البدن ضرورياً ، يعرفّه كأداة ، لا بصفة تمام الذات ، ولا جزء الذات ، وهي يقول : إن المرأة والرجل لا يختلفان ، يعني في المسائل القيمية ليس هناك كلام عن الذكورة والأنوثة أساساً ، لا أنهما صنفان ولا يختلفان .
لأجل تأييد هذه المسألة نرى ان القرآن الكريم عندما يذكر المسائل العلمية يعرف الملائكة والعلماء بنحو واحد ويقول :
( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله


( 86 )
إلا هو العزيز الحكيم ) (1) .
في هذه الآية يسند الشهادة بوحدانية الله إلى الله سبحانه أولاّ وبعد ان ينهي الجملة الأولى يذكر الملائكة والعلماء في محل واحد ، والملائكة لا مذكر ولا مؤنث ، وفي هذه المسائل العلمية يثمن الله سبحانه شهادة الملائكة بحيث ذكر شهادتهم بعد شهادته بوحدانيته ، ثم ذكر العلماء إلى جانب الملائكة ، من هنا يتضح ان المقصود من ( أولوا العلم ) هذه ، ليس الرجال العلماء ، كما انه لا يخص النساء العالمات .
فالعالم هو الروح . والروح لا مذكر ولا مؤنث ، الروح هي التي تستطيع ان تكون كالملائكة شاهدة بوحدانية الله لا الجسم ولا مجموع الجسم والروح والوجه المشترك للملائكة والعلماء هو مقام تجرد الروح .
وقال حول ( الكمال العملي ) أيضاً في تأييد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم :
( فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ) .
في هذه الآية إذا كان هناك توقف على صالح المؤمنين ، أو لم يكن فان معنى جامعاً يستفاد من هذا الآية ، وهو ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت ولاية الله ، والصالحون من المؤمنين أولياؤه ، الملائكة أيضاً ظهيره ، وهذا عمل صالح يصدر من مؤمن صالح . في مثل هذه الحالات يذكر المؤمنين الصالحين قبل الملائكة أحياناً ، وأحياناً يذكر الملائكة قبل العلماء ، فحين الكلام عن علم التوحيد ذكرت الملائكة قبل العلماء ( والملائكة وأولوا العلم ) ولكن حين يوجد ، العمل الصالح بالإضافة إلى العلم ، أو تذكر مساندة الرسالة ، وبعبارة أخرى حين يوجد المقام العملي بالإضافة إلى المقام العلمي ، هناك تذكر
____________
(1) سورة آل عمران ، الآية : 18 .
( 87 )

الملائكة بعد المؤمنين ، لأن هذه المجموعة من المؤمنين هي معلّمة الملائكة ، والمعلم له مقام أفضل ، لذا يذكر المتعلم بعد المعلم ، قال تعالى : ( والملائكة بعد ذلك ظهير ) (1) . هنا أيضاً جهة جامعة بين الملائكة والناس الصالحين ، وتلك الجهة الجامعة بين المؤمنين الصالحين ( ومثالها الكامل هم العترة عليهم السلام ) والملائكة ، هي الروح المجردة ، لا الروح بالإضافة إلى الجسم ولا خصوص الجسم ، وهذان نموذجان أحدهما في مسألة ( الكمال العلمي ) والآخر ( الكمال العملي ) ، ان الملائكة والناس متساويان ، والمقصود من الناس أيضاً ، تلك الكمالات الروحية والمجردات العقلية .

الملائكة منزهة عن الذكورة والأنوثة :
يطرح القرآن الكريم أحياناً كلاماً عن أنوثة الملائكة ، ولكن هذا كلام بلغة الآخرين ، في سورة النساء يقول :
( ان يدعون من دونه إلا إناثاً وان يدعون إلا شيطاناً مريداً ) (2) .
هذا ليس بمعنى ان الملائكة مؤنثة ، ان قوله تعالى : إنهم يعبدون إناثاً ، أي ان الوثنيين يتصورون الملائكة إناثاً ، أولاً . وثانياً ، انهم ـ يرون الملائكة واسطة في الفيض بشكل مستقل ، ثالثاً ، من أثر تصور الاستقلال قاموا بعبادة الملائكة ، رابعاً ، هذه هي دسيسة ووسوسة شيطان ، لذا ذكر حصرين إلى جانب بعضهما البعض وقال ( ان يدعون من دونه إلا إناثاً وان يدعون إلا شيطاناً مريداً ) ويدل هذان الحصران على انهما في طول بعضهما لا في العرض ؛ لأنه لا يمكن القبول بحصرين في عرض بعضهما البعض قال : إن
____________
(1) سورة التحريم ، الآية : 4 .
(2) سورة النساء ، الآية : 117 .

( 88 )

هؤلاء يعبدون ويدعون إناثاً فقط . بعد ذلك قال : إن هؤلاء يريدون ويدعون الشيطان فقط أي ان توهم أنوثة الملائكة مثل توهم شفاعة الملائكة ، وتوهم تأثير عبادة الملائكة ، كل هذه الثلاثة هي من شيطنة الشيطان ( وان يدعون إلا شيطاناً ) ، وهذا الشيطان هو مريد أيضاً ، أي هو متمرد ومارد ، ولأنه متمرد على الحق لذا تكون وساوسه باطلة أيضاً . فعندما ذكرت الملائكة بصفة إناث في القرآن الكريم ، أوضح إلى جانبه فوراً توهم وسوسة الشيطان ، وعندما ذكر الملائكة بصفة إناث في آية اُخرى أيضاً ، وذلك بصفة فرض حين قال :
( ألكم الذكر وله الأنثى ) (1) .
( أمّ اتّخذ ممّا يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ) (2) .
إن هذا ليس معنى ان الملائكة إناث وأعطيتم الإناث إلى الله ، وتحبون الذكور لأنفسكم بل هو على أساس الفرض والتسليم . فحين قال ( ألكم الذكر وله الأنثى ) هذا لا يعني صحة انوثة الملائكة ، بل هو بصفة فرض وتقدير ؛ لأن القرآن الكريم أبطل صريحاً مسألة أنوثة الملائكة في آيات كثيرة :
( أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون ) (3) .
وفي آية أخرى :
( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً اشهدوا خلقهم ستكتب
____________
(1) سورة النجم ، الآية : 21 .
(2) سورة الزخرف ، الآية : 16 .
(3) سورة الصافات ، الآية : 150 .

( 89 )

شهادتهم ويسألون ) (1) .
فهو يشجب كلتا المسألتين ، أي ان الله تعالى يقول : انه لم يخلق الملائكة إناثاً ، كما ان أولئك لم يكونوا شاهدين خلق الملائكة ( أم خلقنا الملائكة إناثاً ) والذين ( جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً ) هم يظنون ذلك . ثم يقول تعالى : إن جعلهم هذا هو ظن نشأ من أثر إنكار المعاد والربوبية .
( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمّون الملائكة تسمية الأنثى ) (2) .

بعض الاوصاف العلمية للملائكة :
من بين الأوصاف العلمية للملائكة هي انه كما ان الملائكة شاهدون بوحدانية الله ، كذلك هم شاهدون برسالة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، لذا نقرأ في القرآن الكريم :
( لكن الله يشهد بما أنزل إليك انزله بعلمه والملائكة يشهدون ) (3) .
وهذه الصفة العالية ـ أي الشهادة برسالة خاتم الأنبياء ـ ثابتة للناس أيضاً . قال تعالى في نهاية سورة الرعد :
( ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) (4) . وجملة ( من عنده علم الكتاب ) طبقت على أمير المؤمنين عليه السلام .
بناء على هذا ، فان الإنسان يشهد بالشيء يشهد به الملائكة .
____________
(1) سورة الزخرف ، الآية : 19 .
(2) سورة النجم ، الآية : 27 .
(3) سورة النساء ، الآية : 166
(4) سورة الرعد ، الآية : 43 .

( 90 )

وجميع المكلفين ، نساء ورجالاً يشهدون بوحدانية الله تعالى ورسالة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في جميع الصلوات وآذان وإقامة الصلوات . هذه الشهادة بالرسالة ـ في مدخل الصلاة ـ باسم ( الآذان والإقامة ) وفي ( التشهد ) هي الطريق العلمي للملائكة .
التولي والتبري :
من الأوصاف العلمية اللملائكة : ( التولي والتبري ) . وقد مر في ذيل الآية 4 من سورة التحريم جزء من تولي الملائكة ، وفي هذا القسم نذكر بعضاً من ذلك . قال تعالى :
( ان الله وملائكته يصلون على النبي ) .
ثم قال :
( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) (1) .
الله سبحانه يصلي على النبي ، وكذلك الملائكة يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك المؤمنون نساءً ورجالاً مكلفون بالصلاة على النبي ، في الصلاة وغير الصلاة .
بناء على هذا فان الصلاة والتسليم وهما عمل الملائكة ، موضع أمر الناس أيضاً . ان شهادة الملائكة بوحدانية الله والرسالة هو أمر علمي والصلاة أمر عملي ، فالناس يشاركون الملائكة في أمر علمي وأمر عملي أيضاً .
وكما ان التبري إلى جانب التولي يعد من فرائضنا الدينية ، وكما ان الصلاة والصوم واجبان ، فإن تولي أولياء الله والتبري من أعداء الله واجبان على جميع المكلفين ، وكما أن الملائكة لهم تولٍ كذلك لهم تبري ، وفي
____________
(1) سورة الاحزاب ، الآية : 56 .
( 91 )
مسألة تبري الملائكة قال القرآن الكريم :
( ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) (1) .
وكلمة ( ناس ) في الآية لا تختص بالرجل ، لعنة الناس على الكافرين ، كذلك لعنة الملائكة على الكافرين .

الملائكة سفراء الله :
ان مجموع الأوصاف العلمية التي يعود بعضها إلى الشهادة بالوحدانية وبعضها إلى الشهادة بالرسالة ، والأوصاف العملية التي يعود بعضها إلى التولي وبعضها إلى التبري أصبحت عاملاً لأن يطرح الملائكة بصفة سفراء كرام الله ، قال تعالى :
( بأيدي سفرة * كرامٍ بررة ) (2) .
أي أن كتاب دعوتي هذا وصلكم بواسطة سفرة كرام ، أي انه تعالى لم يرسل سفيراً صغيراً ، بل سفيراً مكرماً ، وقال : فيها كتب قيمة ، صحف مطهرة وقيمة ( بأيدي سفرة * كرام بررة ) ، أرسل بواسطة الملك المكرم ، رسالة كرامة ، ولذا أصبح الإنسان كريماً :
( ولقد كرمنا بني آدم ) (3) .
كرامة الملائكة :
التعبير في القرآن الكريم عن الملائكة هو انهم عباد مكرمون :
( وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه
____________
(1) سورة البقرة ، الآية : 161 .
(2) سورة عبس ، الآيتين : 15 ـ 16 .
(3) سورة الاسراء ، الآية : 70 .

(92)

بالقول وهم بأمره يعملون ) (1) نفس التعبير عن العباد الصالحين في سورة الفرقان ، موجودة بشأن الملائكة في هذا الجزء من القرآن ، في سورة الفرقان يذكر العباد الصالحين بصفة عباد الرحمن :
( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) (2) .
كلمة ( عباد الرحمن ) هذه من أبرز الأوصاف التي اختارها الله للناس الشرفاء ، ونفس هذا اللقب الشريف اطلقه على الملائكة وقال :
( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً ) .
عباد الرحمن ليسوا رجالاً ولا إناثاً ، الملائكة هم عباد الرحمن كما ان سائر الناس الصالحين هم عباد الرحمن . لذا قال تعالى :
( ان الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى * وما لهم به من علم ان يتبعون إلا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئاً ) (3) .
إن كلام الذين يقولون بأنوثة الملائكة ليس علمياً ، بل قائم على الظن ، والمظنة لا تفيد في الرؤية الكونية والمسائل الاساسية ولا تحل محل العلم . يمكن ان يكون دليل الحجية في المسائل العملية والفرعية مظنة ، تحل المظنة مكان العلم ، وتعمل المظنة عمل اليقين ، ولكن لا تستطيع المظنة ان تفعل شيئاً في الرؤية الكونية والمسائل الأساسية .

خلاصة البحث :
أ ـ ان الله تعالى مدح الناس بالكرامة التي هي صفة الملائكة ودعاهم
____________
(1) سورة الأنبياء ، الآيتين : 26 ـ 27 .
(2) سورة الفرقان ، الآية : 63 .
(3) سورة النجم ، الآيتين : 27 ـ 28 .

(93)

إلى تلك الكرامة ، وهذا دليل على ان ما بينه الله في القرآن بشأن الملائكة قرره أيضاً للناس الصالحين ـ سواء كانت كمالات علمية أو كمالات عملية ـ .
ب ـ الملائكة لا هم مذكر ولا مؤنث ، فالذي يسلك طريق الملك لا هو مذكر ولا مؤنث ، والإنسان هو الذي يسير في طريق الملائكة والإنسان لا هو رجل ولا امراة ، لأن إنسانية الإنسان هي بروحه . والروح منزهة عن الذكورة ومبرئة من الأنوثة .
ج ـ الذين كان لديهم توهم أنوثة الملائكة ، قال تعالى ان توهمهم ناشىء من عدم الإيمان ، لأنه لم يخلق الله الملائكة إناثاً ولم يكن أولئك شاهدين خلق الملائكة .
د ـ سنلاحظ ان الله تعالى يقسم بخلق المرأة والرجل ، ويعطي للمخلوقات والخلق قيمة وفي هذه الناحية ليس هناك أي فرق بين المرأة والرجل .

ذكر شواهد قرآنية (2) :
خلق الإنسان وخلافته :

يحلل الله تعالى مسألة الإنسان إلى أصل هي الروح ، وإلى فرع هو الجسم ويسند هذا الفرع إلى الطين والتراب والطبيعة والمادة .
( إني خالق بشراً من طين ) (1) .
ويسند ذلك الأصل إليه ويقول :
( ونفخت فيه من روحي ) (2) .
____________
(1) سورة ص ، الآية : 71 .
(2) سورة الحجر ، الآية : 29 .

(94)

وفي سورة المؤمنون حين تصل مسألة الجنين إلى النهاية ويقطع الطفل المراحل الجنينية يقول تعالى :
( ثم أنشأناه خلقاً أخر ) (1) .
أعطيناه الروح ، أي الروح تأتي عندما تكون مسألة المرأة والرجل قد انتهت ، أي بعد :
( فكسونا العظام لحماً ) (2) .
عندما قام المصور بالتصوير وانتهت مسألة الذكورة والأنوثة ، قال : ( ثم أنشأناه خلقاً آخر ) ، وذلك الخلق الآخر ليس مكوناً ذكور وإناث .
في سورة القيامة نقرأ آية تشير بشكل كامل إلى أن ارتباط الذكورة والأنوثة يعود إلى الطبيعة والمادة لا إلى الروح . قال تعالى :
( ألم يك نطفة من منّي يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوّى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى )(3) هذه الآية تشير إلى ان الوالدين لا يقومان إلا بالإمناء ، وما يسمى بالخلق هو من الله .
في هذه الآية يقول تعالى بأن المذكر والمؤنث يعود إلى ( منّي يمنى ) لا إلى ( نفخت فيه من روحي ) كيفية الصورة مختلفة ، مسألة المذكر والمؤنث هي من العلقة وما بعد ذلك ، ومسألة الذكور والإناث مطروحة في نظام البدن . وبعد ان تنتهي مسألة الذكور والإناث ، يأتي عند ذلك دور الروح ، وسواء فسرت الروح على أساس ، ما يعين ان ( الأرواح جنود مجندة ) حيث يقول البعض ان الارواح هي قبل الأبدان ، أو على أساس ان
____________
(1) سورة المؤمنون ، الآية : 14 .
(2) المصدر السابق .
(3) سورة القيامة ، الآيات : 37 ـ 39 .

(95)

الروح المجردة تحدث متزامنة مع كمال البدن ، أو على أساس ثالث . فعلى أيّ حال فإن الروح هي بعد حدوث الذكورة والأنوثة ، أي أنه بعد أن يعبر البدن مرحلة المذكر والمؤنث ، عند ذلك حديث الروح ، وهذا يجب تبيينه في الفصل الثاني والثالث بالاستعانة بالفصل الأول .
ولأن الله تعالى يعتبر عمل الوالدين الإمناء وعمله الخلق ، لذا يثمن عمله ويقسم في جملة واحدة وسياق واحد بخلق المرأة والرجل ويعطي هذه الخلقة حرمة ويقول :
( والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى * وما خلق الذكر والأنثى ) (1) .
عندما يقسم بالليل ويقسم بالنهار في حالتيهما المتنوعتين ، يقسم أيضاً بخلق المرأة والرجل لأن كلمة ( ما ) في ( وما خلق الذكر والأنثى ) هي مصدرية ، الخلق هو موضع القسم ، وليس المخلوق ، والله لا يقسم بالمرأة والرجل ، بل يقسم بخلق المرأة والرجل وهو فعله ، ولو لم يكن الاثنان محترمين ، لما أقسم بخلقهما .

الزوج والزوجة في القرآن :
كلمة زوج وزوجة متقابلتان في التعابير العرفية ، ولكن القرآن الكريم كما يرى الرجل زوجاً يرى المرأة كذلك . يعد المرأة زوجاً ، فكلمة زوجة أو زوجات لم تستعمل في القرآن ، بل يستعمل أزواج . المرأة زوج كما ان الرجل زوج ويعبر بأن الله خلق آدم . وخلق زوجه من تلك النفس .
( وخلق منها زوجها ) (2) .
____________
(1) سورة الليل ، الآيات : 1 ـ 3 .
(2) سورة النساء ، آية : 1 .

(96)

ولأن الزوج هو الشيء الذي يصبح الواحد بواسطته اثنين . فحين يرد كلام عن المرأة والرجل ، يقول :
( فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ) .
أو يذكر نساء الجنة بصفة ( أزواج ) مطهرة . لا ( زوجات ) . وكما ان الرجل هو زوج المرأة ، فالمرأة أيضاً هي زوج الرجل ، أحياناً يرد الكلام عن الزوج والزوجة لرفع الالتباس والتكلم على أساس المعايير الأدبية والدراسية ، وإلا فتعبير القرآن الكريم بشأن المرأة والرجل متساوٍ .

الإنسان ومقام الخلافة :
المسالة الأخرى المطروحة في هذا البحث هي ان أرفع مقام يفرض للإنسان هو مقام الخلافة ، أي خلافة الله . إذا وصل في الخلافة إلى مقام رفيع ، فهناك إلى جانب ذلك مسألة الولاية والرسالة والنبوة ، وأمثالها . وإذا دخل إلى المراحل الوسطى أو النازلة فهو الإيمان وأمثاله ، ويمكن ان لا ترافقه الرسالة أو النبوة .
والسؤال المطروح هو : هل ان الخلافة الإلهية هي للرجل والذكورة شرط والأنوثة مانع ؟ أم ان الخلافة ليست للرجل ، ولكن الرجال استطاعوا النجاح في تحصيل الخلافة ولم تنجح النساء ؟ أم أنها غير مشروطة بالذكورة ولا ممنوعة بالأنوثة ، والذين نجحوا في أن يصبحوا خليفة الله إنسانيتهم أدت إلى ذلك ذكورتهم ، الرجل لم يصبح خليفة ، بل الذي أصبح خليفة الله ، إنسان له بدن رجل .
توضيح المسألة أنه جاء في القرآن الكريم كلام عن خلافة آدم :
( إني جاعل في الأرض خليفة ) (1) .
____________
(1) سورة البقرة ، الآية : 30 .
(97)

ثم قال الملائكة :
( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) (1) .
فأوضح الله تعالى لهم بأنه معلمهم وخليفته عن طريق تعليم الاسماء لآدم . وقد توضح في بحوث الخلافة ان آدم ، ليس ( قضية شخصية ) وشخصاً معيناً خليفة الله ، بل أن مقام الإنسانية هو خليفة الله . لذا جميع الأنبياء ، خاصة خاتمهم صلى الله عليه وآله وسلم هم خلفاء الله ، هذه ليست ( قضية في واقعة ) بل هي تشير إلى مقام الإنسانية ، فكيف يكون آدم خليفة الله ، مع انه ليس من الأنبياء أولي العزم ، ولا يكون الأنبياء الآخرون خاصة أولوا العزم وبالأخص خاتمهم ـ عليهم السلام ـ خليفة الله ؟ بل المقصود هو الإنسان الكامل ، فالفرض ليس شخص آدم ، بل شخصيته الإنسانية .
وفي هذه المسألة ( ان خليفة الله هو مقام الانسانية لا الذكورة ) شهد آخر على أن سر كون مقام الإنسانية خليفة الله ، هو بسبب تعليم الاسماء . قال تعالى :
( وعلّم وآدم الاسماء كلها ) (2) .
إن م حور التعليم والتعلم كما مر في البحوث السابقة هي روح الإنسان ، لا البدن ولا مجموع الروح والبدن . ان الذي يصبح عالماً هي الروح ، والروح ليست مذكراً ولا مؤنثاً . بناء على هذا فان العالم بالاسماء الإلهية هي الروح وليس الجسم ، والنتيجة : أن معلم الملائكمة هي روح الإنسان وليس البدن . وثمرة البحث هي ان خليفة الله هي روح الإنسان وليس
____________
(1) سورة البقرة ، الآية : 30 .
(2) سورة البقرة ، الآية : 31 .

(98)

الجسم .

مقام الإنسانية ، مسجود الملائكة :
من البحث السابق يستنتج ان مسجود الملائكة هي روح الإنسان وليس الجسم ، حيث أن الملائكة خاضعة لروح الإنسان و الشياطين أعداء لروح الإنسان .
فالشيطان ليس شيئاً مع الرجال لأنه كان سيئاً مع آدم . وإنما هو مسيء للإنسانية وعدو للناس ( سواء كانوا رجالاً رجالاً أو نساءً ) ، لذا نجد الله تعالى يخاطب المجتمع البشري بأن عدوكم المبين هو الشيطان بناء على هذا ، فان مسجود الملائكة هو مقام الإنسانية ، ولأن معلم الملائكة هو مقام الإنسانية ، فالعالم بالاسماء هو مقام الإنسانية ، ومقام الإنسانية العالم بالاسماء ، منزه عن الذكورة والأنوثة ، فارفع مقام وهو مقام الخلافة ، هو لإنسانية الإنسان ولا بختص بالمرأة أو الرجل ، وما ورد في سورة الأعراف يؤيد هذه المسالة أحياناً ، جاء في أوائل سورة الأعراف :
( و لقد خالقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) (1) .
أي انه ذكر خلاصة الناس وهو مقام الإنسانية بعنوان آدم وقال للملائكة ان يكونوا خاضعين لمقام المعلم ، ورغم ان البعض يظنون انه يمكن الاستفادة من هذه الآية وجود أناس كانوا قبل آدم ، ولكن آيات سورة آل عمران وأمثالها توضح جيداً أن هؤلاء الناس هم نسل آدم عليه السلام وآدم من ( تراب ) ، رغم انه طبقاً لبعض الروايات قد وجد بشر كثيرون جاؤوا قبل آدم ، ولكنهم رحلوا والنسل الفعلي للبشر ينتهي إلى آدم ، حيث قال تعالى :
( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن
____________
(1) سورة الأعراف ، الآية : 11 .