(56)
وينظر إليها نظر المقدر لمنافعها الصحية ، والمعتبر لنجاح أثرها الطبيعي في معالجة الأدواء المختلفة والأمراض الكثيرة . كما أصبحت الأطباء في مختلف الظروف والمناسبات تحث مرضاها على إستعمالها . ذلك لما وجدت فيها من بساطة الأستعمال ، ونجاح الأثر وعدم الضرر أو قلته .
    ولا عجب ، فان تقدم الفكر البشري والسعي وراء طلب الحقيقة لابد وأن يصلا بالباحث من ذوي العقول السليمة ، والافكار الصافية إلى كنه بعض ما أودع الخالق الحكيم في تلك النباتات الطبيعية من المنافع والآثار التي خلقت هي لاجلها ونبتت للاستثمار بها .
    فاذا ما غفل أولئك الفطاحل من العلماء والاطباء عن ذكر فوائدها أو ذهل المجربون عن إستعمالها في مواضعها طيلة هذه المدة المديدة فان علماء القرآن وأئمة الدين الحنيف لم يغفلوها ، بل ذكروا من فرائدها وخواصها ما ملأ الكتب ، واستفاضت بها الأحاديث الصحيحة المروية عنهم . أنظر إلى كتاب ( طب الأئمة ) و( طب النبي «ص» ) و ( طب الرضا ) و ( كتاب كشف الأخطار) و كتاب ( البحار ) وغيرها من الكتب التي تجد فيها ما يغنيك ويغنينا عن الإطالة في هذا المقام .
    ولكي لا نخرج عن موضوعنا . وهو البحث عن طب الامام الصادق «ع» فانا نذكر لك بعض أقواله الطبية وإرشاداته الصحية في النباتات التي لم تدرك الأطباء منافعها إلا بعد ردح من الزمن . ثم نرجيء باقي أقواله الكثيرة فيها إلى مفصلات الكتب طلباً للاختصار .
    وإليك بعضها مع ذكر أقوال الاطباء المطابقة لها في هذا العصر كنموذج لها :
[[1ـ الثوم ]]

    قال الامام «ع» : تداووا بالثوم ولكن لا تخرجوا إلى المسجد (1) .

(1) البحار ج 14
( 57 )
    وقال «ع» : قال النبي ( ص) : كلوا الثوم فانه شفاء من سبعين داء (1) .
    كلمة ألقاها الامام على أصحابه مرشداً لهم ، ولكن أتراهم عرفوا الأدواء التي يشفيها هذا النبات العجيب ؟ اللهم لا ، حتى كشفها اليوم علم القرن العشرين وأظهر مغزى قوله «ع» بعد ان كان مختفيا على الكثير هذه المدة .
    نشرت الصحف الافرنسية مقالاً للدكتور ( ريم ) عربته مجلة الحكمة اللبنانية تحت عنوان ( هنيئاً لمن يحب الثوم ) جاء فيه :
    يسرك أن تعلم أن علماء الطب ، قد أعادوا الآن إلى هذا النبات مكانه اللائق به في ( الفارما كوبيا ) الحديث ، وذكروأ أن العمال الذين شادوا هرم ( خوفو ) سنة 5400 ق . م كانوا يكثرون من أكل الثوم لتقوية أبدانهم ووقايهتم من الأمراض .
    وجاء في محل آخر من المجلة قوله :
    وقد أظهرت تجارب الأطباء المشهورين مثل ( سالين ) و ( بيروث ) و ( لوثر ) و ( دوبريه ) وغيرهم : إن الثوم يذيب البلورات التي تتجمع في البنية فتسبب تصلب الشرايين . ويخفض ضغط الدم في الشرايين أيضاً .
    وبالجملة فقد ثبت في الطب الحديث : أن الثوم منشط للعظلات القلبية وبهذا التنشيط تنتظم الدورة الدموية ، وهو منق فعال للدم ، وبهذا النقاء يتغلب البدن على أمراض فساد الدم مطلقاً كعسر الحيض عند النساء ، وكالشيخوخة المبكرة والبواسير والروماطيسم ، وهو مطهر للمسالك التنفسية والشعبية ، وبهذا التطهير يفيد الربو ( ضيق النفس ) ويشفي بعض أنواع السل الرئوي ، لاسيما إذا كان الثوم ممزوجاً مع اللبن ، وذلك لتأثيره على مكروب ( كوخ ) سبب السل المباشر وهو موجد للمناعة في البدن ضد كثير من الأمراض مثل الانفلونزا وحمى الضنك وغيرها وهو محسن للون البشرة ومحمر للوجه ومطهر للأمعاء من التعفنات لا سيما في الأطفال وبذلك

(1) نفس المصدر السابق .
( 58 )
يكون واقياً من الاصابة بالتيفوئيد ومفيد للخناق ( ديفتريا ) مطلقاً ومسكناً للسعال الديكي ، إلى غير ذلك .
    وقد قيل : ان البلاد التي يكثر فيها استعمال الثوم لابد وأن تطول أعمار أهلها وأن يتمتعوا بصحة جيدة في عمرهم المديد .
    مضافاً إلى مافيه من تطهير التعفنات الداخلية والالتهابات المعوية والقروح المعدية مزمنة كانت أوحادة ، كما انه يدر الحيض والبول وينفع الحصى والديدان في الاطفال .
    هذا بعض ما وقفنا عليه مما وصل إليه الأطباء من فوائد هذا النبات النافع وقد أرجأنا معرفة باقي السبعين داءاً المشار إليها في الحديث إلى مفصلات الكتب الطبية . فانظر إلى جوامع كلم الامام «ع» الطبية وما أشار إليه ، وهو في عصر لا يمكن أن يدرك أهلوه ما أدركه أهل هذا العصر بعد حدوث الوسائل الكاشفة وبعد نمو العقل البشري بالتجارب واتساع العلوم .
[[ 2ـ البصل ]]

    قال أبو عبد الله «ع» : كل البصل فان له ثلاث خصال يطيب النكهة ويشد اللثة ويزيد في الماء والجماع (1) .
    وقال أيضاً: البصل يطيب النكهة ويشد الظهر ويرق البشرة (1) .
    وقال أيضاً: البصل يذهب بالنصب ويشد العصب ويزيد في الماء ويذهب الحمى (3) .
    هذا قول الامام الصادق «ع» منذ القرن الثاني للهجرة وقبل إكتشاف

(1) الفصول المهمة للحر العاملي 137 .
(2) أيضاً نفس المصدر .
(3) كشف الأخطار .

( 59 )
منافعه في الطب يوم كان ولم ينظر إليه بعين الاعتبار. أما اليوم وقد أخذت التجارب تحوم حول هذه النباتات الطبيعية لتدرك ما أودع فيها من الأسرار والمنافع فقد تمكن الدكتور ( لاكوفسكي ) (1) بعد الاختبارات العديدة من تقرير فوائد البصل النيء مثل أستخراج مصل خاص منه لمكافحة داء السرطان ذلك الداء الذي مازال حتى اليوم سر من الاسرار ، والذي أتعب العلماء كثيراً في كشف ميكروبه ومعرفة أسبابه وعلله .
    قال الدكتور ( لاكوفسكي ) : مازلنا نواصل التجارب ونأمل أن يصبح البصل النيء في المستقبل من أهم العلاجات الطبيعية لطائفة من الميكروبات .
    وقال الدكتور ( دامر ) : البصل طعام ودواء في وقت واحد ويستعمله الأطباء لاستدرار البول وأمراض الكلى وللاستسقاء ، ويفضل اكله نيا .
    وقال دكتور آخر : إن البصل يحتوي على مادة لها قيمتها الطبية في تخفيف الآلام في الانف والحلق ومجاري التنفس ، إلى غير ذلك .
    هذا ماوصل إليه الطب الحديث من منافع البصل ، والمستقبل كفيل بمعرفة باقي ماذكره الإمام منها ، فتأمل وأنصف في حكمك على معرفته الطبية ، وأنها مستقاة من آبائه وأجداده عن الوحي لا عن مدرس أو معلم أو أستاذ .
[[3ـ الفجل ]]

    قالت الاطباء في خواص هذا النبات : إنه مفرز للبول ، منبه للمعدة على الطعام ومقولها ومنشط لعصارتها ، ومسهل للهضم ، يعالج به الرماطيسم ، وهو ملطف ومحلل للأرياح ( الغازات ) وقد يولدها فيصلحها الملح والكمون ، ومطهر للصدر ، ومشهي للطعام وشاف من السعال مسلوقاً ، ومفتت للحصى ولاسيما حصى الكبد ، ومخرج للبلغم ومسكن للبواسير .

(1) مجلة الحكمة البيروتية .
( 60 )
    أقول : وهو على ما فيه من المواد المعدنية النافعة يحتوي على فيتامين ( بي ـ دي ـ سي ) .
    وقد قال الإمام عليه السلام قبل إثنى عشر قرناً :
    كل الفجل فان فيه ثلاث خصال ، ورقه يطرد الرياح ولبه يسهل البول ويهضم وأصوله تقطع البلغم (1) وله فيه أقوال كثيرة بهذا المضمون .
[[4ـ الجزر ]]

    قالت الاطباء في خواصه : الجزر يحتوي على مقدار واف من السكر النباتي وهو سريع التمثل ، عسر الهضم في معد الاطفال ، عصيره يفيد اليرقان ويكون مع العسل مقوياً للباه كما أنه يفيد في علاج الأمعاء ويوصف للمصابين بضيق الصدر ، ومرض الاعصاب ، ويساعد في نمو الاجسام في سن الطفولة ، ويزيل الرمل ، ويقضي على الديدان إذا أكل غير مطبوخ ويزيد الدم وينشطه في البدن إلى غير ذلك من الخواص التى أدركها الطب اليوم ونصحت لأجلها المرضى أطباؤهم .
    وقال الامام «ع» في حديث روي عنه :
    الجزر أمان من القولنج ومفيد للبواسير ومعين على الجماع (2) .
    وعنه «ع» : أكل الجزر يسخن الكليتين ويقيم الذكر(3) .
    أقول : وهو يحتوي على فيتامين ( أ ـ بي ـ سي ) .

(1) الكافي لثقة الاسلام الكليني .
(2) الفصول المهمة .
(3) كشف الأخطار .

( 61 )
[[ 5ـ الباذنجان ]]

    قال الأطباء في منافعه وخواصه : الباذنجان غذاء ملائم لأكثر الامراض فهو مقو للمعدة ، وملين للصلابات ، ومع الخل مدر للبول ، ومطبوخه ينفع الطحال والمرة السوداء .
    وقال الإمام «ع» :
    كلو الباذنجان فانه جيد للمرة السوداء ولايضر الصفراء (1) .
    كلوا الباذنجان فانه يذهب الداء ولا داء فيه (2) .
    أقول : وإنه يضر بذوي الامراض الجلدية والحكة ويصلحه الدهن إذا قلي فيه .
[[6ـ القرع ( الدبا) ]]

    قال الاطباء فيه : الدبا أو القرع وهو اليقطين ، مبرد ومرطب للدماغ ومفتح للسدود ومدر للبول وملين للمعدة لاسيما معدة المحرورين ، كما يفيد اليرقان والحميات الحادة ، ويستعمل كثيراً لذوي الأرق الشديد . أما الذين تعدوا منتصف العمر وانحطت قواهم وعقولهم ، فعليهم أن يكثروا من أكل القرع فان فيه مزايا خاصة لتجديد القوة والانجسة .
    وقال الامام عليه السلام : الدبا يزيد في العقل والدماغ وهو جيد لوجع القولنج (3) .
    أقول : ويقال أنه يحتوي على فيتامين ( أ ) فقط .
    هذا نموذج من ذكر خواص النباتات على رأي الإمام «ع» إقتضى الإختصار ذكر هذا القليل .

(1،2) نفس المصدر السابق .
(3) كشف الاخطار .

( 62 )
[[أقواله «ع» في بعض الفواكه والخضر ]]

    يؤكد العلم أن للفواكه والخضروات تأثيراً خاصا في سير بعض الأمراض بل أكثرها لذلك ترى أكثر الاطباء ينصح بالأكثار من أكلها خصوصاً المصابين بالرئة والنقرس وأشباههما ، ومما لاشك فيه ان تأثير الثمار في الجسم البشري كسواها من أنواع الغذاء ، أعني أن ذلك تابع لتركيبها الكيمياوي ونسبة المواد الحمضية والسكرية والازوتية الموجودة فيها ، لذلك ترى أن البعض منها هاضماً والبعض الآخر مليناً وقسماُ مدراً ورابعاً مقوياً إلى غير ذلك من الخواص والتأثيرات في الابدان .
    ثم ليعلم أن أهم ما يلحظه علم حفظ الصحة فيها ويأمر الاطباء من أجله مرضاهم في إرشاداتهم الصحية قبل ملاحظة خواصها ومنافعها ، هو تنظيفها وغسلها مما لصق بها من الخارج كالغبار والتراب ، وما علق بايدي الفلاحين والباعة من كل مايحمل الجراثيم الخارجية ، فانها إذا أكلها الانسان غير مطهرة بالماء دخلت البدن وهي حاملة لتلك الجراثيم واستوطنت المعدة ، وعند ذلك يحدث ما كان يحذر منه من فتك الميكروب في الجسم ، ولأجل ذلك ترى الاطباء والمعالجين لازالوا ينصحون مرضاهم ومن استشارهم بغسل كل فاكهة قبل أكلها ويحذروهم من أكلها قبل الغسل .
    وقد أمر الإمام الصادق «ع» بذلك قبل ان يدرك الطب ذلك ، وقبل ان يلتفت اليه كل معالج او طبيب ، حيث يقول :
    إن لكل ثمرة سماً فاذا أتيتم بها فامسوها بالماء ، واغمسوها فيه (1) .
    أقول : وبديهي أنه عليه السلام لم يقصد بالسم إلا الجراثيم العالقة بها وقد شبهها بالسم لضررها .
    وإليك بعض تلك الفوا كه والخضر على سبيل المثال ، إذ لم يمكن بيان كلما ورد عنه «ع» في مثل هذا الكتيب الصغير بمستطاع ، وهي :

(1) طب الائمة : وكشف الأخطار وغيرهما .
( 63 )
[[1ـ العنب ]]

    قال الامام«ع»: العنب [ الزبيب الطائفي خ ل ] يشد العصب ويذهب النصب ويطيب النفس (1) .
    وقال«ع» : شكا نبي من الانبياء إلى الله تعالى الغم ، فأمره بأكل العنب ، وفي لفظ أن نوحاً شكا إلى الله الغم فأوحى إليه أن كل العنب (2) .
    وقال الاطباء : إن للعنب فعلاً ثلاثياً ، فهو مسهل المعدة ، ومنق للدم ومغذ للبدن ، وعصيره مجدد للقوى ومنبه للدورة الدموية ومفيد للتخمرات المعدية ، ونافع في مداواة الكبد والكليتين ، ويشفي من داء الحميات ، وإن المداواة به تفيد في الدسيبيسيا ( سوء الهاضمة ) والنقرس وأمراض القلب والصفراء والريح والبواسير ، ويخفف من وطأة السل والسرطان .
    وتقول علماء الطب الكيمياوي : إنه ينشط عصارة الببسين في المعدة وينفع الطحال واحتقان النخاع ، وفيه شيء من الارسنيك ( مستحضر من سم الغاز ) به يجمل الوجه والبشرة ، وعلى هذا قد يفيد المصابين بالزهري ( السفليس ) والسل والسرطان ، كما انه يحتوي على فيتامين ( أي ـ بي ـ سي ) .
    أقول : فتأمل كلمات الامام عليه السلام على اختصارها كيف تشير إلى أكثر هذه المنافع التي أدركها الاطباء ، فان شد العصب وذهاب النصب وطيب النفس ماهي إلاّ نتاج أكثرها .
[[2ـ التفاح ]]
قال الإمام عليه السلام : كل التفاح فانه يطفي الحرارة ويبرد الجوف

(1) كشف الاخطار .
(2) الوسائل ـ 299 .

( 64 )
ويذهب الحمى (1) .
    وقال «ع» : لو علم الناس ما في التفاح ما داووا مرضاهم إلا به إلا أنه أسرع شيء منفعة للفؤاد خاصة ، فانه يفرحه (2) .
    وقال «ع» : أطعموا محموميكم التفاح ، فما شيء أنفع من التفاح (3) .
    هذا ماذكره الامام عنه في كلماته القصار الجامعة لكل ما عرفه وذكر الاطباء
    قال الأطباء فيه : التفاح مفرح ومقو للقلب والدماغ والكبد اكلاً وشماً وهو مفيد للخفقان والربو ، ومصلح لضعف فم المعدة ، ومنبه لشهوة الطعام ومطبوخه مصلح للسعال ، وهو مخفف لأمراض الجلد وجالب للنعاس .
    أقول : ويحتوي كل 100غرام على 65 فيتامين ( أ ) و15( بي ) و20 ( سي ) .
[[3ـ الرمان ]]

    قال الإمام «ع» : اطعموا صبيانكم الرمان فانه أسرع لشبابهم (4) .
    وقال «ع» : كلوا الرمان بشحمه فانه يدبغ المعدة ويزيد في الذهن (5) .
    وقال الأطباء : الرمان مصف للدم ، ومولد للخلط الصالح ، ومنعظ المحرورين ومفتح للسدد ، وملين للبطن ، ومدر للبول ، ومقو للكبد ، ومفيد لليرقان والطحال وخفقان القلب والسعال الحاد ، ومصف للصوت ، ومحسن لرونق الوجه ، ويروي به البدن وينفع من الديدان .

(1) الوسائل ج 3 ص30.
(2) كشف الأخطار.
(3) الكافي للكليني .
(4) الوسائل .
(5) الكافي .

( 65 )
    أقول : تأمل في كلمة ( أسرع لشبابهم ) تجد جل هذه الخواص التي ذكرها الاطباء موجودة فيها ، لانه لايسرع شبابهم أي نموهم الكامل إلا إذا صفا الدم وتولد الخلط الصالح وقوى الكبد وازداد رونق الوجه وحصل رواء البدن ، ثم انظر أيضاً إلى كلمته «ع» يدبغ المعدة ، تجد أن المعدة إذا دبغت أي جفت رطوبتها الفضلية المرخية لأعصابها قويت على الهضم ، والغذاء إذا هضم أولد الدم النقي الصالح وإذا صلح صلحت تغذية البدن وإذا صلحت التغذية قوى البدن وحصلت المناعة والطاقة التي بها يزول كل ما ذكره الاطباء من الامراض ، فيالها من كلمة جامعة لايفهمها أهل ذلك العصر بل أدرك معانيها العلم الحديث قصداً أو بلا قصد .
[[ 4ـ السفرجل ]]

    قال فيه الإمام الصادق «ع» : السفرجل يحسن ماء الوجه ، ويجم الفؤاد (1)
    وقال : من أكل سفرجلة على الريق طاب ماؤه وحسن ولده (2) .
    وقال «ع» : أكل السفرجل قوة للقلب وذكاء للفؤاد (3) .
    هكذا وصفه الإمام «ع» وهو لعمري لا يعدو أقوال الاطباء بعد التحقيق العلمي والعملي ، قال الاطباء : السفرجل يحسن الوجه ، وهو مفرح ومقو للقلب والدماغ والمعدة ، ومسرر للروح الحيواني والنفساني ، ومنعش لكثير من الاعضاء على عملها كالكلية والمثانة لذلك يدر البول ويلين المعدة ويخفف من آلامها .
    أقول : ويحتوي كل 100غرام منه على ( 10 فيتامين ـ أ ـ ) و ( 8 فيتامين ـ ب1 ـ ) و ( 21 فيتامين ـ ب2 ـ ) و ( 48 فيتامين ـ سي ـ ) مضافاً إلى مافيه من مقدار كثير من الاملاح المعدنية كالحديد والمنغنيز ، وقليل من الكلور والكالسيوم .

( 1، 2 ، 3 ) الوسائل 301 .
( 66 )
[[5ـ التين ]]

    قال أبو عبدالله «ع» : إن التين يذهب بالبخر ، ويشد العظم ، ويثبت الشعر ويذهب الداء ، ولا يحتاج إلى دواء (1).
    ذكر الإمام «ع» أكثر خواص هذه الفاكهة على مقدار إدراك سائليه ،
    قال الاطباء : إن التين هو الثمر المحتوي على العناصر المغذية والمادة السكرية التي تفيد الجسم فائدة جلى ، فهو يحسن الهضم وينظم الافراز ويقوي الجسم وينضر الوجه وينشط العضلات ، وإذا أخذ ليلاً نظم حركات الامعاء وأكسب الجسم صحة ونشاطاً ، وبالجملة فهو لذة وغذاء وصحة ، وقيل أنه يفيد في علاج الكبد وفساد الدم ، وقد يوصف لدائي السل والسرطان .
    أقول : ويحتوي على فيتامين ( أ ـ ب ـ سي ) وعلى مواد دهنية وسكرية وحديد وكالسيوم .
    إلى غيرها مما تفصله الكتب الطبية الخاصة بالفواكه والنباتات .

[[6ـ التمر ]]

    قال الإمام«ع» وقد وضع بين يديه طبق فيه تمر: ماهذا ؟ قيل له : البرني فقال : ان فيه شفاء (1) .
    وقال «ع» : ان فيه شفاء من السم ، وانه لاداء فيه ولاغائلة ، وان من أكل سبع تمرات عجوة عند منامه قتلت الديدان في بطنه (3) .

(1) الكافي .
(2) الكافي .
(3) نفس المصدر السابق .

( 67 )
    أراد الامام «ع» أن يحث الناس على أكله بقوله : فيه شفاء ولا داء فيه ، ولا غائلة . دون أن يفصل منافعه وخواصه لكثرة ما فيه من المنافع التي لا يستغنى عنها ، ولكن العلم أظهر خواصه وصرح بها بعد البحث .
    قال الاطباء : إن في التمر فوائد طبية كثيرة ، فهو يسخن البدن ويخصبه ويولد دماً غليظاً صالحاً ، وأن نقع في الحليب نفع من ضعف الباه . ومغليه يفيد في الآفات الالتهابية ، والسعال اليابس ، والالتهابات الرئوية وتهيجات الطرق البولية . أما البسر فهو نافع في نفث الدم والإسهال وإصلاح اللثة إلى غيرها من المنافع . وقيل أنه نافع من السرطان أيضاً ذلك لما يحتوي عليه من مادة ( المنغنيزيوم ) التي لها العلاقة الوثيقة مع السرطان ، كما وقد ثبت لدى المتتبعين أن أهالي الأراضي التي تزرع التمر بكثرة تقل اصابتهم بهذا المرض . وسوف يظهر مستقبل الطب أكثر من هذه الخواص لهذا الثمر النافع الطيب حتى يظهر مغزى كلمة الامام « ع » أن فيه شفاء ولا داء فيه .
    أقول : وفيه من الفيتامينات ( بي ـ سي ) كما يحتوي على السكر والسلولوز ومواد آلبو مينوئيد وأملاح معدنية ومنغنيزيوم أيضاً .

[[ 7 ـ الخس ]]

    قال أبو عبد الله «ع» : عليكم بالخس فانه يصفي الدم (1) .
    وقال الاطباء : إن الخس لغني بأنواع الفيتامينات ، وفيه كمية كبيرة من الاملاح المعدنية بشرط أن يؤكل منه ماكان عرضة للشمس أكثر، لاما أختبأ داخله
    وقال الكيمياوي ( نيومان ) : الخس بوفرة غناه بالحديد يزيد كريات الدم الحمراء وبهذا تزداد حمرة الخدود والشفاه من آكليه ، وهو يهديء الأعصاب ويجلب النعاس ويولي العينين بريقاً ويزيد في لون الشعر .


(1) رواه الكلينى في الكافي .
( 68 )
    أقول : وكل هذا من تصفية الدم ونقائه فتأمل هذه الكلمة الجامعة من الامام عليه السلام . وذكروا أنه يحتوي على فيتامين ( أي ـ بي ـ سي ) كما يوجد فيه اليود والكلسيوم والفسفور ومواد سكرية وأخرى دهنية . وإذا مضغ جيداً أعان على الهضم .

[[8 ـ الهندبا]]

    عن أبي عبدالله «ع» : نعم البقلة الهندبا (1) .
    وعنه أيضاً : عليك بالهندباء فانها تزيد في الماء وتحسن الولد (2) .
    وعنه أيضاً : من بات وفي جوفه سبع طاقات من الهندباء أمن من القولنج ليلته(3) .
    قال الاطباء : ان الهندباء تفيد في ضعف الاعصاب ، وضعف البصر ، وفساد الدم ، وانها ترد قوى الاجسام بعد الضعف والهزال ، وتنشيط القلب والكبد والكليتين ، وتنفع الرحم في تعديل مزاجه وتنقيته ، وتقضي على الحميات .
    اقول : يالله ما أبلغ كلمة الإمام «ع» وما أجمعها لجل تلك الخواص التي ذكرها الاطباء بعد تلك المدة غير القصيرة . تأمل تجد أن في كلمة ( يزيد في الماء ويحسن الولد ) خاصتين وفائدتين لم يحصلا إلا بعد تعديل مزاج الرحم وتنقيته ، وبعد أن يقوى القلب والعصب وبعد أن تعود قوى الاجسام بعد الضعف والهزال فكأنه عليه السلام قد جمع كل تلك الآثار والمنافع بذكر نتائجها من الزيادة في الماء وتحسين الولد .
    إلى هنا نكتفي بهذا النزر القليل مما ورد عن الامام أبي عبد الله عليه السلام من الخواص والمنافع التي ذكرها للفواكه والخضر كنموذج لبيان وفور علمه وجزيل معرفته بهذا العلم الجليل . إذلو أردنا سرد جميع ماعثرنا عليه فضلاً عما لم


( 1، 2 ، 3 ) في البحار ج 14 .
( 69 )
نوفق للعثور عليه في الكتب والمجاميع لضاق بنا هذا المختصر على أن الباحث مهما يراجع كتاب الأطعمة والأشربة من فقه أهل البيت ، ويمعن النظر فيه وفيما حوى من الآداب الجمة الواردة في الاكل والشرب ، قبلهما وبعدهما وفي أثنائهما ، وما جاء من البحث في وقتهما ، وبيان أقسام المأكولات والمشروبات ومضارهما ومنافعها والتفصيل الوارد في اللحوم والحبوب والفواكه والالبان والأدهان وغيرها فانه يجد هناك علماً جماً وأبحاثاً ضافية قيمة في الطب والوقاية وحفظ الصحة مما يجعلك ويجعل الباحث مذعنا خاضعا بأن الإمام الصادق «ع» في مقدم المتخصصين بعلم الأبدان قبل علم الشرايع والاديان ويخبت (1) إلى أنه صلوات الله عليه هو الحافل بعبئه الثقيل وعنده بجدته وهو ابن بجدته (2) وبيده عقدته وهو ابن عذره (3) وهو العالم الوحيد بحقائقه ودقائقه وعنده فذاذاته وجذاذاته (4) فكما هو المصدر والمورد في العلوم الدينية كذلك تنتهي إليه تلكم الدروس العالية في علم الأبدان .

[[ من كلماته الخالدة في الطب ]]

    إن للامام أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام من الكلمات الطبية الخالدة والآراء القيمة الحكيمة مالونظر بها وعمل عليها لصلحت أن تكون أسساً ثابتة عامة تقوم عليها دعائم الطب وأركان حفظ الصحة في كل عصر ومصر ولكل جيل من الأجيال ، فلعمري أنها الكلم القصار التي قصرت عن فهم كنه مراميها نطس الاطباء وفحول العلماء اللهم إلا بعد مرور العصور وتعاقب الاحوال

(1) يطمئن ويخضع .
(2) يقال للعالم بالأمر والبجدة باطن الامر وحقيقته .
(3) يقال لمن بيده الحل والعقد ، والعالم بكل جزيئات المسألة .
(4) الفذاذات القطع الصغار تتساقط من الذهب ، والجذاذات قطع الفضة ويراد منه الاحاطة بكل جزيئات الامر ودقائقه .

( 70 )
وتقدم العقل البشري وكثرة التجارب العلمية والعملية الواسعة .
    وإليك فيما يلي بعض ماعثرنا عليه من تلكم الكلم الطيب نقدمها كشاهد عدل على مانقول :
    قال الإمام عليه السلام : كان الطبيب يسمى المعالج ، فقال موسى بن عمران عليه السلام : يارب ممن الداء ؟ قال : مني ، فقال موسى : وممن الدواء قال : مني ، قال موسى : فما يصنع الناس بالمعالج ؟ قال تعالى : يطيب بذلك أنفسهم ، فسمي المعالج لذلك طبيباً (1) .
    وقال ((ع)) إجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء (2).
    أقول : الغرض من ذلك هو إرجاع إصلاح البدن إلى الطبيعة البدنية دون أن تعارضها الادوية التي ربما أحدثت مضاعفات أخرى غير المرض.
    وقال «ع» : من ظهرت صحته على سقمه فعالج نفسه بشيء فمات فأنا إلى الله منه بريء . وفي لفظ ، فقد أعان على نفسه (3) .
    أقول : قد ورد هذا المعنى في غير واحد من أحاديث أهل البيت ، والمراد سحق الأدواء بالطبيعة مهما تمكنت منه وعدم تعديل المزاج بالعلاج . قال الإمام الرضا «ع» إن معالجة البدن كتعمير الدار وإصلاحه فان قليله يفضي إلى كثيره وبعبارة أخرى ان المرض هو تخلف عن القوانين الطبيعية والدواء مما يظهر هذا التخلف والانحراف وهذان الانحرافان إذا إجتمعا على البدن أبعداه عن الصحة السريعة .
    وقال «ع» : غسل الاناء وكسح الفناء مجلبة للرزق (4).

(1) البحار 14.
(2) الفصول المهمة .
(3) الفصول المهمة .
(4) كتاب الاثنى عشرية .

( 71 )
    أقول : الظاهر من هذا الحديث هو الامر بالنظافة والحث على الاهتمام بها فانها من أركان الصحة والراحة وهما من النعم والرزق الذي تجلبه هذه النظافة إذ ليس الرزق هو تحصيل المال فقط كما نتصوره ، والكسح هو الكنس والفناء ساحة الدار .
    وقال عليه السلام : اقلل من شرب الماء فانه يمد كل داء (1) .
    أقول : من المسلم طباً أن إكثار شرب الماء لا سيما على الغذاء وبعضهم يقول حتى في اثناء الأكل مما يبطي الهضم في المعدة بمعنى أنه يضعف عمل إفرازات الغدد المعدية الهاضمة ، فاذا إختل الهضم أختل التغذي وإذا إختل التغذي لم يستفد البدن منه فيضعف ويصبح مستعداً لقبول أي عارض من عوارض المرض ، وهذا هو مراد الإمام «ع» بقوله : يمد كل داء .
    وقال «ع» : ينبغي للشيخ الكبير أن لاينام إلا وجوفه ممتليء من الطعام فانه أهدأ لنومه واطيب لنكهته (2) .
    اقول : من المشهور أن تقليل الطعام ليلاً عند النوم من صالح المعدة ومما يهديء الأعصاب ويريح النائم أما الشيخ الكبير فانه لما كان لا يمكنه أن يأكل كثيراً بل لايستطيع إلا المايعات والخفيف من الاغذية كان هذا القليل المايع يهضم عنده بمدة قليلة لذلك فهو يحتاج إلى أن يأكل هذا القليل بمدد متقاربة متعددة وعليه فاذا أكل الشيخ القليل ثم هضم في أثناء النوم وخلت معدته ظهر عليه الضعف فلا يستقر في نومته ولأجل ذلك كان عليه أن لاينام إلا وهو ممتليء الجوف ليهدأ نومه وتطيب نكهته .
    وقال «ع» لعنوان البصري : إياك وأن تأكل مالا تشتهيه ، فانه يورث الحماقة والبله ، ولاتأكل إلاعند الجوع . وإذا أكلت فكل حلالاً وسم بالله واذكر حديث رسول الله (ص) : ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، فاذا كان ولا بد فثلث

(1ـ2) كشف الأخطار .
( 72 )
لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه (1) .
    أقول : الاشتهاء هو الجوع أي طلب البدن للطعام عن حاجة ، او هو الرغبة والميل إلى الأكل ، والمراد من قوله «ع» مالا تشتهيه أي مالا تميل إليه ولاترغب به فان ماأكل خلاف الرغبة أورث في البدن عكس المطلوب ومنها النفرة والانقلاب والمزاج كما ينفر من الدواء البشع ، وبذلك يختل نظام البدن فلا يحصل من الغذاء ذلك الوقود اللازم وهنا تضعف الاعصاب وتضطرب وقد يسري هذا الضعف العصبي إلى الدماغ بالمداومة لأنه المنشأ للاعصاب فيحصل الخطر فيه وهو المشار إليه بقوله «ع» يورث الحماقة والبله ، وقد قال بعض الحكماء : ما أكلته وأنت تشتهيه فقد أكلته وما أكلته وأنت لا تشتهيه فقد أكلك أي أمرضك وأسقمك .
    أما قوله «ع» : فكل حلالاً وسم بالله ، فذلك لأن وسائل الصحة وسلامة الأبدان لو تأملتها تجدها غير منحصرة في الماديات فقط بل أن للمعنويات والروحيات اليد الطولى في ذلك وأهمها الاطمينان النفسي والسكون القلبي اللذان بهما تستقر النفوس وترتاح القلوب ، ولما كان الغذاء الحلال مما يرضي النفس والروح ويملاً القلب إطميناناً وسكوناً كان للقمة الحلال والتسمية التي تنهض العقيدة والايمان أهمية كبرى في نشاط البدن وإرتياحه بخلاف الحرام الذي يضطرب منه القلب ويفلق الروح ، لذلك عالج الامام «ع» أو بالأحرى حفظ الصحة بهذه الوصية الروحية وإنهاض العقيدة الساكنة .
    أما قول النبي (ص) : ما ملأ آدمي وعاء شراً إلخ . فانه أمر واضح لا يحتاج إلى شرح وهو كقوله (ص) المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء لانها إذا ملئت ثقل عملها وإذا ثقل العمل تصاعدت الابخرة والغازات إلى الأعلى أي إلى الدماغ فوقف الفكر ، لذلك يمنع الاطباء المطالعة بعد الطعام بلا فاصلة ثم يعتري الدماغ الفتور والميل إلى النوم والدعة كما قد يحدث لممتليء المعدة عند النوم رؤيا مخيفة

(1) البحار ج 1 وفي الكنى والالقاب للقمي في ترجمة البصري .
( 73 )
مزعجة وموحشة وقد تحصل له خيالات فاسدة وأفكار مشوشة ، وهذا هو ما أراده الامام «ع» بقوله الحمق والبلاهة أيضاً لذلك فقد أمر النبي (ص) أن تقسم المعدة إلى ثلاثة أقسام ثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للتنفس ، وعلى هذا قال بعض الأطباء إن ما تأكله لا تستفيد إلاّ من ثلثه أما الثلثان فهما من فائدة الطبيب المعالج لك بعد هذه الأكلة فتأمل وفكر .
    وقال «ع» : كل داء من التخمة إلا الحمى ، فانها ترد وروداً (1) .
    أقول: لقد ثبت طباً أن الحميات مطلقاً لاتنشاً إلا عن جراثيم خاصة وميكروبات مرضية معينة قد إكتشفها العلم الحديث خلافاً لما كان يعتقده القدماء من أنها لا تحدث إلا عن فساد الأخلاط الأربعة . ولكن علماء العصرين متفقان على أن إمتلاء المعدة والتخمة من أهم ما تحدث الأدواء المختلفة والاسقام المتعددة لأن المعدة بودقة وقود البدن ومبعث الغذاء الذي به يكون قوام الجسم والروح فاذا فسدت المعدة بالتخمة ضعفاً وأصبحا قابلين لكل عارض ممرض يعتريهما روحيا كان أو بدنيا ، ولذلك قال الامام «ع» : كل داء من التخمة بخلاف الحمى التي ترد وروداً أي تعرض على البدن من الخارج لأن الجراثيم تدخل البدن من الهواء ومن الماء ومن كلما يرد إلى البدن من حاملات الميكروب .
    وقال «ع» : إن عامة هذه الارواح ( جمع ريح ) من المرة الغالبة أو الدم المحترق أو البلغم الغالب ، فليشغل الرجل بمراعاة نفسه ، قبل أن يغلب عليه شيء من هذه الطبائع فيهلكه (2).
    أقول : إن بدن الانسان مركب من جامد ونصف جامد ومايع ، فالجامد كالعظام ونصف الجامد كالغضاريف والمايعات كالأخلاط الاربعة وهي الدم والصفراء والبلغم والسوداء فالدم في العروق والصفراء في الكبد والمرارة والبلغم

(1) رواه البرقي في المحاسن .
(2) البحار ج 14ـ 546 .

( 74 )
في العروق اللمفاوية والسوداء وهي الذرات الجامدة المختلطة مع الدم والمحترقة تماماً ومحلها الطحال وهذا على رأي بقراط الذي يسند كل الامراض إلى فساد الاخلاط ومنها تتولد الأرواح المؤلمة ولكن الطب الحديث يقول إن الغذاء إذا إحترق أوجد حرارة في البدن وإذا نقص إحتراقه حدثت فيه رسوبات قد تنتشر في الاعضاء فتتولد منها أمراض مختلفة ، وهذا هو عين قول القتدماء مع تغيير في المصطلحات والألفاظ ولأجل لفاظ ولأجل هذا أوصى الامام عليه السلام بان يراعي الرجل نفسه فلا يسرف في الأكل ولا يخلط الأغذية ولا يستعمل المواد المحترقة الحادة والحريفة أو أي شيء يفسد الاخلاط فينقص الاحتراق ويحدث مالا تحمد عقباه بتغلب أحد تلك الاخلاط الفاسدة التي إصطلح عليها هنا ( بالطبائع ) فيتولد من ذلك ما يهلك أو ينهك وما إلى ذلك .
    وقال «ع» : إن المشي للمريض نكس (1) .
    أقول : وفي هذا الحديث حث وتأكيد على الراحة المطلوبة لكل مريض لاسيما الناقه وعلى هذا جرى جل أطباء هذا العصر بل كلهم .
    وقال «ع» : لو إقتصد الناس في المطعم لاستقامت أبدانهم (2) .
    أقول : المراد من الاقتصاد هنا هو الاعتدال في الأكل وعدم الاسراف فيه لا تقليل الأكل إلى حد يقل عن الواجب للتغذية نعم إن الشره والتنوع في الطعام يجمع المتناقضات والتضادات في أكلة واحدة أوكثرة الأكل إلى حد التخمة التي هي أم الامراض بل باب الموت المحتم فان كل ذلك خلاف الاقتصاد ليس للبدن معها إستقامة أو سلامة .
    وقال عليه السلام : النوم راحة الجسد والنطق راحة الروح والسكوت راحة العقل (3) .

(1) الكافي .
(2) الفصول المهمة .
(3) مجالس الصدوق .