مكارم الاخلاق

اسم الكتاب

الحسن بن الفضل الطبرسي

المؤلف
الفهرسة

الفصل السادس: في التزيين للنساء بالحلي وغيره

الباب السادس: في اللباس والمسكن وما يتعلق بهما

الفصل الاول: في التجمل باللباس وكيفية لبسه

الفصل الثاني: في الثوب وتنظيفه

الفصل الثالث: في لبس أنواع اللباس

الفصل الرابع: في لبس الخز والحلة وغير ذلك

الفصل الخامس: في ما يتعلق باللباس

 

 

  

(في فصوص الخواتيم)

من كتاب اللباس، عن الحسين بن عبد الله قال: سألته عن الفص من حجارة زمزم يتختم به ؟ قال: نعم ولكن إذا أراد الوضوء نزعه من يده.

عن أحمد بن محمد قال: رأيته وعليه خاتم من عقيق، فقال: كيف ترى هذا الخاتم ونزعه من يده ؟ فقال: انظر إليه [ فنظرت إليه ] وقلت: ما أحسنه ! فقال: ما زلت أعرف من الله النعم منذ لبسته وإنه ليدخلني الاشفاق عليه، فأنزعه إذا أردت الوضوء، ولقد دخلت الطواف ليلا فبينا أنا أطوف إذ دخلتني الشفقة عليه، فنزعه من إصبعي، فوضعته في كفي فسقط، فقمت قائما أتبصره، فأتاني آت، فقال: ما يقيمك ؟ قلت: سقط خاتمي، فضرب بيده الارض فقال: هاكه، فأخذته منه. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): التختم بالياقوت ينفي الفقر، ومن تختم بالعقيق يوشك أن يقضى له بالحسنى. من طب الائمة، روى معاذ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: من تختم بالعقيق ختم الله له بالامن والايمان.

وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: تختموا بالعقيق، فإنه أول جبل أقر لله عزوجل بالربوبية ولمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوة ولعلي (عليه السلام) بالوصية وهو الجبل الذي كلم الله عزوجل عليه موسى تكليما، والمتختم به إذا صلى صلاته علا على المتختم بغيره من ألوان الجواهر أربعين درجة.

[ 87 ]

عن سليمان الاعمش (1) قال: كنت مع جعفر بن محمد (عليه السلام) على باب أبي جعفر المنصور، فخرج من عنده رجل مجلود بالسوط، فقال [ لي ]: يا سليمان [ ف ] انظر ما فص خاتمه ؟ قلت: يا ابن رسول الله فصه غير عقيق، فقال يا سليمان أما إنه لو كان عقيقا لما جلد بالسوط، قلت: يابن رسول الله زدني ؟ قال يا سليمان: هو أمان من قطع اليد قلت: يابن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان هو أمان من الدم، قلت: يابن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان إن الله عز وجل يحب أن ترفع إليه في الدعاء يد فيها فص عقيق قلت يابن رسول الله زدني ؟ قال: العجب [ كل العجب ] من يد فيها فص عقيق كيف تخلو من الدنانير والدراهم، قلت يابن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان إنه حرز من كل بلاء، قلت يابن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان هو أمان من الفقر، قلت: يابن رسول الله أحدث بها عن جدك الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين عليهم السلام، قال: نعم.

من كتاب ثواب الاعمال، عن الرضا (عليه السلام) قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول: من اتخذ خاتما من فضة فصه عقيق لم يفتقر ولم يقض له إلا بالتي هي أحسن.

عن علي (عليه السلام) قال: تختموا بالعقيق يبارك عليكم وتكونوا في أمن من البلاء.

عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: شكا رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قطع عليه الطريق، فقال له: هلا تختمت بالعقيق ؟ فإنه يحرس من كل سوء.

قال أبوجعفر (عليه السلام): من تختم بالعقيق لم يزل ينظر إلى الحسنى مادام في يده ولم يزل عليه من الله واقية.

ـــــــــــــــ

(1) هو أبومحمد سليمان بن مهران الكوفي، المعروف بالاعمش، كان من علماء القرن الثاني ومن رجال الفرس، وكان من أصحاب الامام جعفر الصادق (عليه السلام) بل من خواص أصحابه، المعروف بالفضل والثقة والجلالة والتشيع والاستقامة والعامة أيضا مثنون عليه، مطبقون على فضله وثقته، مقرون بجلالته مع إعترافهم بتشيعه. وكان من الزهاد والفقهاء ومحافظا على الصلاة في جماعة، وكان يقرأ كل يوم آية ففرغ من القرآن في سبع وأربعين سنة. وكان فصيحا عالما بالفرائض ومحدث أهل الكوفة في زمانه وروى عنه خلق كثير من أجلاء العلماء ويقاس بالزهري في الحجاز، يقال: إنه ظهر له أربعة آلاف حديث. وكان لطيف الخلق مزاجا ونقلوا عنه نوادر كثيرة. كان مولده رحمه الله بالكوفة في السنة التي قتل فيها الحسين بن علي (عليه السلام) وتوفى في 25 ربيع الاول سنة 147.

[ 88 ]

عن عبد الرحمن القصير قال: بعث الوالي إلى رجل من آل أبي طالب في جناية، فمر بأبي عبد الله (عليه السلام) فقال: اتبعوه بخاتم عقيق ؟ قال: فاتبع بخاتم فلم ير مكروها. عن عبد المؤمن الانصاري قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما افتقر كف يتختم بالفيروزج.

عن علي بن مهزيار قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) فرأيت في يده خاتما فصه فيروزج، نقشه " الله الملك "، قال: فأدمت النظر اليه، فقال لي: ما لك تنظر ؟ هذا حجر أهداه جبريل (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الجنة فوهبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي أمير المؤمنين (عليه السلام)، تدري ما اسمه ؟ قال: قلت: فيروزج، قال: هذا اسمه بالفارسية، تعرف اسمه بالعربية ؟ قال: قلت: لا، قال: هو الظفر.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: تختموا بالجزع اليماني، فإنه يرد كيد مردة الشياطين (1).

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نعم الفص البلور.

من كتاب مناقب الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). تختموا بالزبرجد، فإنه يسر لا عسر فيه.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): التختم بالزمرد ينفي الفقر.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من تختم بالياقوت الاصفر لم يفتقر.

(في نقوش الخواتيم)

من كتاب اللباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " محمد رسول الله " ونقش خاتم علي (عليه السلام) " الله الملك " ونقش خاتم أبي جعفر (عليه السلام) " العزة لله ".

عن محمد بن عيسى، عن صفوان، قال: أخرج إلينا خاتم أبي عبد الله (عليه السلام) وكان نقشه: " أنت ثقتي فاعصمني من خلقك ".

ـــــــــــــــ

(1) الجزع ـ واحدته جزعة ـ : خرز فيه سواد وبياض. والخرز ـ محركة ـ : فصوص من حجارة.

[ 89 ]

عن إبراهيم بن عبد الحميد مثل ذلك، قال: وأخرج إلينا خاتم أبي الحسن (عليه السلام) فكان نقشه: " حسبي الله " وفيه وردة في أسفل الكتاب وهلال في أعلاه.

عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه كان خاتمه من فضة وكان نقشه: " نعم القادر الله ".

عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام)، قال: قلت له: إنا روينا في الحديث أنه كان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " محمد رسول الله " ؟ قال: صدقوا، قال: فقال لي: تدري ما كان نقش خاتم آدم (عليه السلام) ؟ قال: قلت: لا، قال: كان نقش خاتم آدم " لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله " قال ابن خالد: قال لي أبوالحسن (عليه السلام) إن الله أوحى إلى نوح (عليه السلام) إذا استويت يا نوح أنت ومن معك على الفلك فهلل ألف مرة ثم سلني حاجتك، قال: فلما ركب ورفع القلع (1) عصفت عليه الريح فلم يأمن نوح الغرق حيث اضطربت السفينة، فقال: إن أنا هللت ألف مرة خفت أن تغرق السفينة قبل أن أفرغ من ذلك فأجمل الامر جملة بالسريانية، فقال: ألفا " هو هو هو يا بارئ اتقن " قال: فاستوت السفينة وسلمه الله، قال نوح: إن كلاما نجوت به ومن معي ممن آمن من الغرق ينبغي أن أتختم به ولا يفارقني، قال الحسين بن خالد: فقلت لابي الحسن (عليه السلام): وما تفسير كلام نوح (عليه السلام) ؟ قال: هذا كلام بالسريانية وتفسيره بالعربية " لا إله إلا الله ألف مرة يا الله أصلح ". قال: قال: وكان نقش خاتم إبراهيم (عليه السلام) ستة أحرف نزل بها جبريل (عليه السلام) حين وضع في كفة المنجنيق، فقال له: يا إبراهيم إن الله يقرؤك السلام ويقول لك: طب نفسا فلا بأس عليك، وأمرة أن يتختم بذلك الخاتم، فجعل الله النار عليه بردا وسلاما، وكانت الستة الاحرف [ هي ]: " لا إله إلا الله، محمد رسول الله، توكلت على الله، أسندت ظهري إلى الله، فوضت أمري إلى الله، لا حول ولا قوة إلا بالله " فكان هذا نقش خاتم إبراهيم (عليه السلام). وكان نقش خاتم سليمان بن داود (عليه السلام) " سبحان من ألجم الجن بكلمته ". ونقش خاتم موسى (عليه السلام) حرفين اشتقهما من التوراة: " أصبر توجر أصدق تنج ". وكان نقش خاتم عيسى (عليه السلام) حرفين من الانجيل " طوبى لعبد ذكر الله من أجله، والويل لعبد نسي الله

ـــــــــــــــ

(1) القلع ـ بالكسر ـ : شراع السفينة.

[ 90 ]

من أجله ".

الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام) قال: كان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " محمد رسول الله " وخاتم أمير المؤمنين (عليه السلام) " الله الملك ". وخاتم الحسن بن علي (عليه السلام) " العزة لله " وخاتم الحسين (عليه السلام) " إن الله بالغ أمره ". وخاتم علي بن الحسين (عليه السلام) خاتم أبيه. وأبوجعفر الكبير (عليه السلام) خاتمه خاتم جده الحسين أيضا. وخاتم جعفر بن محمد (عليه السلام) " الله وليي وعصمتي من خلقه ". وخاتم أبي الحسن الاول (عليه السلام) " حسبي الله " وأبي الحسن الثاني (عليه السلام) " ما شاء الله لا قوة إلا باالله ". قال الحسين بن خالد ومديده إلي وقال (عليه السلام): خاتمي خاتم أبي. ونقش خاتم أبي جعفر الثاني (عليه السلام) " حسبي الله حافظي " هكذا كان على خاتم أبي جعفر (عليه السلام). وعلى خاتم أبي الحسن الثالث (عليه السلام) " الله الملك ".

عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الخاتم فيه اسم الله هل يكره لبسه ويدخل فيه الخلاء ويجنب الرجل وهو عليه ؟ قال: كان نقش خاتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " محمد رسول الله ". ونقش خاتم علي (عليه السلام) " الله الملك " ونقش خاتم أبي جعفر (عليه السلام) " العزة لله ". ونقش خاتم أمير المؤمنين (عليه السلام) الخاتم الذي من جوهر الحديد الصيني الابيض الصافي وعليه منقوش هذه الاسطر على سبعة أسطر وكان يلبسه في الحرب عند الشدائد " أعددت لكل هول لا إله إلا الله ولكل كرب لا حول ولا قوة إلا بالله ولكل مصيبة نازلة حسبي الله ولكل ذنب وكبيرة أستغفر الله. ولكل هم وغم فادح ما شاء الله ولكل نعمة متجددة الحمد لله، ما بعلي بن أبي طالب من نعم فمن الله.

عن إسماعيل بن موسى قال: كان خاتم جدي جعفر بن محمد (عليه السلام) فضة كله وعليه " يا ثقتي قني شر جميع خلقك " وأنه بلغ في الميراث خمسين دينارا زائدا أبي علي عبد الله بن جعفر فاشتراه أبي.

عن علي (عليه السلام) قال: من كان نقش خاتمه " ما شاء الله لا قوة إلا بالله أستغفر الله " فذكر في ذلك ثوابا عظيما.

عن الباقر (عليه السلام): من كان نقش خاتمه آية من كتاب الله غفر الله له. ورأيت

[ 91 ]

نقش خاتم القاسم " وربك فكبر " (1).

عن الرضا، عن جده الصادق عليهما السلام قال: كان نقش أبي محمد بن علي الباقر (عليه السلام) " ظني بالله حسن وبالنبي المؤتمن وبالوصي ذي المنن وبالحسين والحسن ".

عن محمد بن عيسى قال: سمعت الموفق (2) يقول: قدام أبي جعفر الثاني (عليه السلام): وأراني خاتما في إصبعه، فقال لي: أتعرف هذا الخاتم ؟ فقلت له: نعم أعرف نقشه، فأما صورته فلا، وكان خاتم فضة كله وحلقته وفصه فص مدور وكان عليه مكتوبا " حسبي الله " وفوقه هلال وأسفله وردة، فقلت له: خاتم من هذا ؟ فقال: خاتم أبي الحسن (عليه السلام)، فقلت له: وكيف صار في يدك ؟ قال: لما حضرته الوفاة دفعه إلي، ثم قال لي: لا تخرج من يدك إلا إلى علي ابني.

(في كيفية التختم)

من كتاب اللباس، عن بحر (3) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التختم في اليمين وقلت: إني رأيت بني هاشم يتختمون في أيمانهم، فقال: نعم كان أبي يتختم في يمينه وكان أفضلهم وأفقههم.

عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام) قال: قلت له: إنا روينا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يستنجى وخاتمه في إصبعه وكذلك كان يفعل أمير المؤمنين (عليه السلام). وكان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " محمد رسول الله "، قال: صدقوا، قلت: وكذلك ينبغي لنا أن نفعل ؟ قال: لا، إن اولئك كانوا يتختمون في اليد اليمنى وإنكم أنتم تتختمون في اليد اليسرى، قال: فسكت.

عن ابن القداح، عن أبي جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن عليا والحسن والحسين

ـــــــــــــــ

(1) سورة 73 آية 3.

(2) هو موفق بن هارون من أصحاب علي بن موسى ومحمد بن علي عليهما السلام بل من خواص أبي جعفر الثاني محمد بن علي عليه السلام وأصحاب سره ومن خدامه وملازميه وأنه ثقة ويظهر من بعض الروايات أنه أخرج أبي جعفر الثاني (عليه السلام) وهو طفل على صدره.

(3) إعلم أن بحر مشترك بين خمسة نفر كلهم من أصحاب الصادق (عليه السلام).

[ 92 ]

عليهم السلام كانوا يتختموا في أيسارهم (1).

عن محمد بن علي، عن أبيه، عن أخيه عليهم السلام قال: كان الحسن والحسين عليهما السلام يتختمان في يسارهما.

عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أنهى أمتي عن التختم في السبابة والوسطى.

(في دعاء لبس الخاتم)

" اللهم سو مني بسيماء الايمان (2) وتوجني بتاج الكرامة وقلدني حبل الاسلام ولا تخلع ربقة الاسلام من عنقي ".

(في نقش فص يصلح لكل علة)

من طب الائمة، ينقش على بركة الله عزوجل في أول جمعة من شهر رمضان على فص حديد صيني على هذا المثال " كعسلهون لا اه لا الاول بالله لا آلاء إلا آلاؤك يا الله " سطرين.

الفصل السادس

في التزيين للنساء بالحلى والاسورة وغير ذلك

(في تزين النساء بالخمار والحلى وما يكره لهن)

من كتاب اللباس، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وما كان خمارها إلا هكذا: وأومأ بيده إلى وسط عضده وما استثنى أحدا.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يصلح للمرأة المسلمة أن تلبس من الخمر والدروع التي لا تواري شيئا.

ـــــــــــــــ

(1) ابن القداح هو عبد الله بن ميمون القداح مولى بني مخزوم من أصحاب جعفر الصادق (عليه السلام)، وكان من فقهاء الشيعة، ثقة وله كتب، منها كتاب مبعث النبي وأخباره وكتاب صفة الجنة والنار. ولعل الرواية محمول على التقية.

(2) يقال: سوم الشئ تسويما: جعل عليه سيمة. والسومة والسيمة والسيماء: العلامة والهيئة.

[ 93 ]

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا يصلح للمرأة المسلمة أن تلبس الخمر والدروع التي لا تواري شيئا وهي تلبسه.

عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام وسئل عن حلي الذهب للنساء ؟ فقال ليس به بأس ولا ينبغي للمرأة أن تعطل نفسها ولو أن تعلق في رقبتها قلادة ولا ينبغي لها أن تدع يدها من الخضاب ولو أن تمسحها بالحناء مسحا ولو كانت مسنة

(في الاسورة)

عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد السفر سلم على من أراد التسليم عليه من أهله، ثم يكون آخر من يسلم عليه فاطمة عليها السلام فيكون توجهه إلى سفره من بيتها، وإذا رجع بدأ بها، فسافر مرة وقد أصاب علي (عليه السلام) شيئا من الغنيمة، فدفعه إلى فاطمة، ثم خرج، فأخذت سوارين من فضة وعلقت على بابها سترا، فلما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل المسجد، فتوجه نحو بيت فاطمة عليها السلام كما كان يصنع، فقامت فرحة إلى أبيها [ صبابة وشوقا إليه ] (1)، فنظر (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا في يدها سواران من فضة وإذا على بابها ستر، فقعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث ينظر إليها، فبكت فاطمة وحزنت وقالت: ما صنع هذا أبي قبلها، فدعت ابنيها ونزعت الستر من بابها وخلعت السوارين من يدها، ثم دفعت السوارين إلى أحدهما والستر إلى الاخر، ثم قالت لهما: انطلقا إلى أبي فاقرئاه السلام وقولا له: ما أحدثنا بعدك غير هذا، فما شأنك به ؟ فجاءاه فأبلغاه ذلك عن أمهما، فقبلهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والتزمهما وأقعد كل واحد منهما على فخذه، ثم أمر بذينك السوارين فكسرا، فجعلهما قطعا قطعا، ثم دعا أهل الصفة ـ قوم من المهاجرين ـ لم يكن لهم منازل ولا أموال فقسمه بينهم قطعا، ثم جعل يدعو الرجل منهم العاري الذي لا يستتر بشئ. وكان ذلك الستر طويلا وليس له عرض، فجعل يؤزر الرجل فإذا التقا عليه قطعه حتى قسمه بينهم أزرا، ثم أمر النساء لا يرفعن رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال رؤوسهم وذلك أنهم كانوا من صغر إزارهم إذا ركعوا وسجدوا بدت عورتهم

ـــــــــــــــ

(1) الصبابة ـ بالفتح ـ : الشوق والولع الشديد ورقة الهوى. والسوار: حلية كالطوق تلبسه المرأة في معصمها أو زندها.

[ 94 ]

من خلفهم، ثم جرت به السنة أن لا ترفع النساء رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): رحم الله فاطمة ليكسونها الله بهذا الستر من كسوة الجنة وليحلينها بهذين السوارين من حلية الجنة.

عن الكاظم (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل على ابنته فاطمة وفي عنقها قلادة فأعرض عنها، فقطعها ورمت بها فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنت مني يا فاطمة، ثم جاء سائل فناولته القلادة.

(في تشبيك الاسنان بالذهب أو بسن غيره)

عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): وسألته عن الثنية تنقصم، أيصلح أن تشبك بالذهب وإن سقطت يجعل مكانها ثنية شاة ؟ قال: نعم، إن شاء فليضع مكانها ثنية (1) شاة او نحوها بعد أن تكون ذكية.

عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل تنقصم سنة، أيصلح له أن يسدها بذهب وإن سقطت أيصلح أن يجعل مكانها سن شاة ؟ قال: نعم، إن شاء فليشدها أو ليجعل مكانها سنا بعد أن يكون ذكية.

عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأله أبي ـ وأنا حاضر ـ عن الرجل يسقط سنة فيأخذ من أسنان إنسان ميت فيجعله مكانها ؟ قال: لا بأس.

ـــــــــــــــ

(1) الثنية: أسنان مقدم الفم ـ ثنتان من فوق وثنتان من أسفل ـ والجمع ثنايا. والانقصام بالقاف: انكسار الثنية من النصف. وفي بعض النسخ (تنفصم) بالفاء وهي الانكسار من غير بينونة.

[ 95 ]

الباب السادس

في اللباس والمسكن وما يتعلق بهما، وهو عشرة فصول

(هذا الباب بأسره مختار من كتاب اللباس إلا قليلا أذكره في موضعه)

الفصل الاول

في التجمل باللباس وكيفية لبسه والدعاء عند اللبس

(في التجمل)

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن ابن عباس لما بعثه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الخوارج لبس أفضل ثيابه وتطيب بأطيب طيبه وركب أفضل مراكبه وخرج اليهم فواقفهم، فقالوا: يا ابن عباس بيننا أنت خير الناس إذا أتيتنا في لباس الجبابرة ومراكبهم، فتلا عليهم هذه الاية: " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " (1) فألبس وأتجمل، فإن الله جميل يحب الجمال وليكن من حلال.

عن إسحاق بن عمار قال: سألته عن الرجل الموسر المتجمل يتخذ الثياب الكثيرة ـ الجباب (2) والطيالسة (ولها عدة) والقمص ـ يصون بعضها ببعض ويتجمل بها، أيكون مسرفا ؟ قال: فقال: إن الله يقول " لينفق ذو سعة من سعته " (3).

عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: الدهن يظهر الغنى والثياب تظهر الجمال وحسن الملكة يكبت الاعداء.

عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: وقف رجل على باب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يستأذن عليه، قال: فخرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجد في حجرته ركوة فيها ماء، فوقف يسوي

ـــــــــــــــ

(1) سورة الاعراف آية 30.

(2) الجباب ـ بالكسر ـ : جمع الجبة ـ بالضم والتشديد ـ : ثوب واسع يلبس فوق الثياب.

(3) أي على قدر وسعه. والاية في سورة الطلاق آية 7.

[ 98 ]

لحيته وينظر إليها، فلما رجع داخلا قالت له عائشة: يا رسول الله ـ أنت سيد ولد آدم ورسول رب العالمين ـ وقفت على الركوة، تسوي لحيتك ورأسك، قال: يا عائشة إن الله يحب إذا خرج عبده المؤمن إلى أخيه أن يتهيأ له وأن يتجمل.

عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: تهيئة الرجل للمرأة مما تزيد في عفتها.

(في لباس السري (1))

عن سفيان الثوري (2) قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أن تروي أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يلبس الخشن وأنت تلبس القوهي (3) والمروي ! قال: ويحك إن علي بن أبي طالب كان في زمان ضيق، فإذا اتسع الزمان فأبرار الزمان أولى به.

عن الحسن بن علي عنه ـ يعني الرضا (عليه السلام) ـ قال: كان يوسف يلبس الديباج ويتزر بالذهب ويجلس على السرير وإنما يذم إن كان يحتاج إلى قسطه.

وكان علي بن الحسين (عليه السلام) يلبس الثوبين في الصيف يشتريان له بخمسمائة دينار ويلبس في الشتاء المطرف الخز ويباع في الصيف بخمسين دينارا ويتصدق بثمنه.

عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: بينا أنا في الطواف إذا رجل يجذب ثوبي، فالتفت فإذا عباد البصري، فقال: يا جعفر بن محمد تلبس مثل هذا الثوب وأنت في الموضع الذي أنت فيه من علي (عليه السلام). قال: فقلت له: ويلك هذا الثوب قوهي اشتريته بدينار وكسر وكان علي (عليه السلام) في زمان يستقيم له ما لبس فيه ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا هذا لقال الناس: هذا مراء مثل عباد (4).

ـــــــــــــــ

(1) السري: الشريف، من سرا يسرو وسرى يسري كان سريا أي صاحب مروة وسخاء.

(2) هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الكوفي، المتوفى سنة 161، كان من علماء العامة ومحدثيهم، قيل أصله من مرو.

(3) القوهي: ثياب بياض، ينسب إلى قوهستان أو قوها، كورة بين نيسابور وهراة.

(4) المراد به عباد بن كثير البصري وقيل ابن بكير البصري ولعله سهو من الناسخ.

[ 79 ]

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ليتزين أحدكم لاخيه إذا أتاه كما يتزين للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة.

عن أبي خداش المهري (1) قال: مر بنا بالبصرة مولى للرضا (عليه السلام) يقال له: عبيد، فقال: دخل قوم من أهل خراسان على أبي الحسن (عليه السلام) فقالوا له: إن الناس قد أنكروا عليك هذا اللباس الذي تلبسه، قال: فقال لهم: إن يوسف بن يعقوب (عليه السلام) كان نبيا ابن نبي ابن نبي وكان يلبس الديباج ويتزرر بالذهب ويجلس مجالس آل فرعون فلم يضعه ذلك وإنما [ يذم لو ] احتيج منه إلى قسطه وإنما على الامام أنه إذا حكم عدل [ وإذا وعد وفى ] وإذا حدث صدق. وإنما حرم الله الحرام بعينه ما قل منه وما كثر، وأحل الله الحلال بعينه ما قل منه وما كثر.

عن محمد بن عيسى قال: أخبرني من أخبر عنه أنه قال: إن أهل الضعف من موالي يحبون أن أجلس على اللبود وألبس الخشن وليس يتحمل الزمان ذلك (2).

(في كثرة الثياب)

عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): يكون للمؤمن عشرة أقمصة ؟ قال: نعم، قلت: عشرين ؟ قال: نعم، وليس ذلك من السرف إنما السرف أن يجعل ثوب صونك ثوبك بذلتك (3).

عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله، قال: قلت: يكون للمؤمن مائة ثوب ؟ قال: نعم.

عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي إبراهيم الكاظم (عليه السلام) الرجل يكون له عشرة أقمصة، أيكون ذلك من السرف ؟ فقال: لا ولكن ذلك أبقى لثيابه، ولكن السرف أن تلبس ثوب صونك في المكان القذر.

ـــــــــــــــ

(1) اسمه عبد الله بن خداش البصري المهري، ينسب إلى مهرة محلة بالبصرة، كان من أصحاب الكاظم (عليه السلام)، وله كتاب.

(2) اللبود جمع اللبد ـ بالكسر ـ : البساط من صوف وما يجعل على ظهر الفرس.

(3) ثياب الصون: التي تلبس للتجمل. والبذلة: الثوب الرث الخلق وثوب الخدمة وما يلبس كل يوم. يقال: بذل الثوب وابتذله أي لبسه في أوقات الخدمة والامتهان.

[ 98 ]

(في الدعاء عند اللبس)

عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في ثوب يلبسه: " اللهم اجعله ثوب يمن وبركة، اللهم ارزقني فيه شكر نعمتك وحسن عبادتك والعمل بطاعتك، الحمد لله الذي رزقني ما أستر به عورتي وأتجمل به في الناس ".

وعنه (عليه السلام) أيضا قال: من قطع ثوبا جديدا وقرأ " إنا أنزلناه في ليلة القدر " ستا وثلاثين مرة، فإذا بلغ " تنزل الملائكة " قال: " تنزل الملائكة، ثم أخذ شيئا من الماء ورش بعضه على الثوب رشا خفيفا، ثم صلى فيه ركعتين ودعا ربه عزوجل وقال في دعائه: " الحمد لله الذي رزقني ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتي وأصلي فيه لربي " وحمد الله، لم يزل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب.

عن أبي جعفر (عليه السلام) وسألته عن الرجل يلبس الثوب الجديد، فقال (عليه السلام): يقول: " بسم الله وبالله، اللهم اجعله ثوب يمن وتقوى وبركة، اللهم ارزقني فيه حسن عبادتك وعملا بطاعتك وأداء شكر نعمتك، الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في الناس ".

من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن صالح الازرق، عن جده مدان قال: ما رأيت رجلا قط كان أزهد في الدنيا من علي (عليه السلام) ولا أقسم بالسوية، لا والله ما لبس قط ثوبين قطوانيين حتى هلك وما كان يلبسهما يومئذ إلا سفلة الناس (1).

عن علي بن أبي ربيعة قال: رأيت على علي (عليه السلام) ثيابا فقلت: ما هذا ؟ فقال: أي ثوب أستر منه للعورة وأنشف للعرق ؟

عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام: من رضي من الدنيا بما يجزيه كان أيسر الذي فيها يكفيه، ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن فيها شئ يكفيه.

روي عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يروون أن لك مالا كثيرا، فقال: ما يسوءني ذلك، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) مر ذات

ـــــــــــــــ

(1) القطوان ـ محركة ـ : موضع بالكوفة ومنه الاكسية. والسفلة ـ محركة ـ : جمع السافل.

[ 99 ]

يوم على ناس شتى من قريش وعليه قميص مخرق، فقالوا: أصبح علي لا مال له، فسمعها علي (عليه السلام) فأمر الذي يلي صدقته أن يجمع تمره ولا يبعث إلى إنسان منه بشئ وأن يوفره ثم يبيعه الاول فالاول ويجعله دراهم ففعل ذلك وحملها إليه فجعلها حيث التمر، ثم قال للذي يقوم عليه: إذا دعوت بتمر فاصعد فاضرب المال برجلك كأنك لا تعمد الدراهم حتى تنثرها، ثم بعث إلى رجل منهم يدعوه، ثم دعا بالتمر، فلما لم ير التمر ضرب برجله فانتثرت الدراهم، فقالوا: ما هذا المال يا أبا الحسن ؟ قال: هذا مال من لا مال له، فلما خرجوا أمر بذلك المال، فقال: انظروا كل أهل بيت كنت أبعث اليهم من التمر فابعثوا اليهم من هذا المال بقدره، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا أحب أن يرووا غير ذلك.

عن مختار التمار قال: كنت أبيت في مسجد الكوفة وأنزل في الرحبة (1) وآكل الخبز من البقال وكان من أهل البصرة، فخرجت ذات يوم فإذا رجل يصوت بي: إرفع ازارك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك، فقلت: من هذا ؟ فقيل: علي بن أبي طالب، فخرجت أتبعه وهو متوجه إلى سوق الابل، فلما أتاها وقف وقال: يا معشر التجار إياكم واليمين الفاجرة فإنها تنفق السلعة وتمحق البركة، ثم مضى حتى أتى إلى التمارين فإذا جارية تبكي على تمار، فقال: ما لك ؟ قالت: إني أمة أرسلني أهلي أبتاع لهم بدرهم تمرا، فلما أتيتهم به لم يرضوه، فرددته، فأبى أن يقبله، فقال: يا هذا خذ منها التمر ورد عليها درهمها، فأبى، فقيل للتمار: هذا علي بن أبي طالب، فقبل التمر ورد الدرهم على الجارية وقال: ما عرفتك يا أميرالمؤمين، فاغفر لي، فقال: يا معشر التجار اتقوا الله وأحسنوا مبايعتكم يغفر الله لنا ولكم. ثم مضى وأقبلت السماء بالمطر فدنا إلى حانوت فاستأذن صاحبه فلم يأذن له صاحب الحانوت ودفعه، فقال: يا قنبر أخرجه إلي، فعلاه بالدرة (2)، ثم قال: ما ضربتك لدفعك إياي ولكني ضربتك لئلا تدفع مسلما ضعيفا فتكسر بعض أعضائه فيلزمك. ثم مضى حتى أتى سوق الكرابيس، فإذا هو برجل وسيم فقال: يا هذا عندك ثوبان بخمسة دراهم ؟ فوثب الرجل فقال: يا أمير المؤمنين عندي حاجتك، فلما عرفه مضى عنه،

ـــــــــــــــ

(1) الرحبة ـ بالفتح ـ محلة بالكوفة وأصله الارض الواسعة.

(2) الدرة ـ بالكسر ـ السوط يضرب به.

[ 100 ]

فوقف على غلام فقال: يا غلام عندك ثوبان بخمسة دراهم ؟ قال: نعم عندي، فأخذ ثوبين ـ أحدهما بثلاثة دراهم والاخر بدرهمين ـ ثم قال: يا قنبر خذ الذي بثلاثة، فقال: أنت أولى به تصعد المنبر وتخطب الناس، قال: وأنت شاب ولك شرة الشباب (1) وأنا أستحيي من ربي أن أتفضل عليك، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ألبسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تطعمون، فلما لبس القميص مد يده في ذلك، فإذا هو يفضل عن أصابعه، فقال: أقطع هذا الفضل، فقطعه، فقال الغلام: هلم أكفه، قال: دعه كما هو فإن الامر أسرع من ذلك.

عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) اشترى قميصا سنبلانيا بأربعة دراهم ثم لبسه، فمد يده فزاد على أصابعه، فقال للخياط: هلم الجلم، فقطعه حيث انتهت أصابعه، ثم قال: " الحمد لله الذي كساني من الرياش ما أستر به عورتي وأتجمل به في الناس، اللهم اجعله ثوب يمن وبركة، أسعى فيه لمرضاتك عمري وأعمر فيه مساجدك "، ثم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول: من لبس ثوبا جديدا فقال هذه الكلمات غفر له.

(الدعاء)

من كتاب النجاة [ يقول ] عند لبس السراويل: " اللهم استر عورتي وآمن روعتي وأعف فرجي ولا تعجل للشيطان في ذلك نصيبا ولا له إلى ذلك وصولا فيصنع إلي المكائد ويهيجني لارتكاب محارمك ".

عن الصادق، عن علي عليهما السلام [ قال ]: لبس الانبياء القميص قبل السراويل.

 وفي رواية قال: لا تلبسه من قيام ولا مستقبل القبلة ولا الانسان.

عن الصادق (عليه السلام) قال: اغتم أمير المؤمنين (عليه السلام) يوما فقال: من أين أتيت فما أعلم أني جلست على عتبة باب ولا شققت بين غنم ولا لبست سراويلي من قيام ولا مسحت يدي ووجهي بذيلي.

ـــــــــــــــ

(1) يقال شرة الشباب ـ بالكسر فالتشديد ـ أي نشاطه.

[ 101 ]

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا لبستم وتوضأتم فابدؤا بميامنكم.

عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا كسا الله مؤمنا ثوبا جديدا فليتوضأ وليصل ركعتين يقرأ فيهما أم الكتاب وقل هو الله أحد وآية الكرسي وإنا أنزلناه، ثم ليحمد الله الذي ستر عورته وزينه في الناس وليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنه لا يعصى الله فيه وله بكل سلك فيه ملك يقدس له ويستغفر له ويترحم عليه.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا توضأ أحدكم أو شرب أو أكل أو لبس أو فعل غير ذلك مما يصنعه ينبغي له أن يسمي، فإن لم يفعل كان للشيطان فيه شرك. وفي رواية: من أخذ قدحا وجعل فيه ماء وقرأ عليه إنا أنزلناه خمسا وثلاثين مرة ورش الماء على ثوبه لم يزل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب.

وفي رواية أخرى عن الرضا (عليه السلام) كان يلبس ثيابه مما يلي يمينه، فإذا لبس ثوبا جديدا دعا بقدح من ماء وقرأ عليه إنا أنزلناه عشرا وقل هو الله أحد عشرا وقل يا أيها الكافرون عشرا، ثم رش ذلك الماء على ذلك الثوب، ثم قال: فمن فعل ذلك لم يزل كان في عيشة رغد ما بقي من ذلك الثوب سلك (1).

عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) اشترى بالعراق قميصا سنبلانيا غليظا بأربعة دراهم، فقطع كميه إلى حيث بلغ أصابعه مشمرا إلى نصف ساقه، فلما لبسه حمد الله وأثنى عليه (2).

عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من لم يجد إزارا فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفا.

ـــــــــــــــ

(1) السلك ـ بالكسر والفتح ـ : الخيوط، جمع السلكة ـ بالكسر والسكون ـ : الخيط يخاط به.

(2) الكم ـ بالضم والتشديد ـ : مدخل اليد ومخرجها من الثوب.

[ 102 ]

الفصل الثاني

(في طي الثوب وتنظيفه)

عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أدنى الاسراف هراقة فضل الاناء وابتذال (1) ثوب الصون وإلقاء النوى.

وعنه (عليه السلام) قال: إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك.

وعن الحسن بن علي بن يقطين رفع الحديث قال: قال أبوجعفر (عليه السلام): طي الثياب راحتها وهو أبقى لها.

وعنه (عليه السلام) قال: الثوب النقي يكبت العدو والدهن يذهب بالبؤس والمشط للرأس يذهب بالوباء والمشط للحية يشد الاضراس.

وعنه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال: غسل الثياب يذهب الهم والحزن وهو طهور للصلاة. قال الله تبارك وتعالى: " وثيابك فطهر " (2) أي فشمر.

وعنه، عن أبيه (عليه السلام) قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من اتخذ ثوبا فلينظفه. وعنه (عليه السلام) في " وثيابك فطهر " أي فارفعها ولا تجرها.

وعنه (عليه السلام) في قول الله تعالى: " وثيابك فطهر " قال: وثيابك فقصر.

الفصل الثالث

في لبس أنواع اللباس مع اختلاف ألوانها

(في لبس الثياب البيض)

عن أبي عبد الله، عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال: البسوا من القطن فإنه لباس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولباسنا، ولم يكن يلبس الصوف والشعر إلا من علة.

وقال (عليه السلام): إن الله جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

ـــــــــــــــ

(1) ابتذال الثوب: لبسه في أوقات الشغل والخدمة.

(2) سورة المزمل: آية 4.

[ 103 ]

وعنه (عليه السلام) قال: الكتان من لباس الانبياء.

عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس من ثيابكم شئ أحسن من البياض فالبسوه وكفنوا فيه موتاكم

(في لبس الاسود)

عن سليمان بن رشيد، عن أبيه قال: رأيت على أبي الحسن (عليه السلام) دراعة سوداء وطيلسانا أزرق (1).

عن أبي ظبيان الجنبي قال: خرج علينا أمير المؤمنين (عليه السلام) ونحن في الرحبة وعليه خميصة سوداء (2).

عن الحسين بن المختار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): يحرم الرجل في الثوب الاسود، فقال: لا يجوز في الثوب الاسود ولا يكفن به الميت.

(في لبس الاصفر والمزعفر)

عن أبي ظبيان الجنبي قال: خرج علينا أمير المؤمنين (عليه السلام) ونحن في الرحبة وعليه إزار أصفر وخميصة سوداء وبرجليه نعلان وبيده عنزة (3).

عن زرارة قال: خرج أبوجعفر (عليه السلام) يصلي على بعض أطفالهم وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف (4) خز أصفر.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من شئ أحسن على الكعبة من الرياط (5) السابري المصبوغ بالزعفران.

ـــــــــــــــ

(1) دراعة، بالضم فالتشديد، جبة مشقوقة المقدم ولا يكون إلا من صوف كالمدرعة.

(2) الخميصة، مؤنث الخميص: كساء أسود مربع له علمان فان لم يكن معلما فليس بخميصة. وأبوظبيان الجنبي، منسوب إلى جنب بطن من العرب وقيل: حي من اليمن، كان من أصحاب علي (عليه السلام).

(3) العنزة ـ بالتحريك ـ : رميح بين العصا والرمح، أطول من العصا وأقصر من الرمح.

(4) المطرف: رداء من خز ذو أعلام.

(5) الرياط، جمع ريطة: الملاءة إذا كانت قطعته واحدة ونسجا واحدا ولم تكن لفقين أي قطعتين وإذا كانت لفقين فهي ملاءة. ويطلق أيضا على كل ثوب يشبه الملحفة وكل ثوب لين. والسابري: درع دقيقة النسج محكمة وثوب رقيق جيد.

[ 104 ]

(في لبس المعصفر)

عن عبد الله بن عطا قال: رأيت على أبي جعفر (عليه السلام) ملحفة حمراء مشبعة قد أثرت في جلده، فقلت: ما هذا ؟ فقال: ملحفة المرأة.

عن الحكم بن عيينه قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وعليه ملحفة مصبوغة بعصفر قد نفض صبغها على عاتقه، قال: فنظرت إليها، فقال: يا حكم ما تقول في هذا ؟ قلت: إنا لنعيب الشاب [ المراهق ] عندنا مثل هذا، فأي شئ أقول وهي عليك ؟ فقال: يا حكم " من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " يا حكم إني حديث عهد بعرس.

وعنه (عليه السلام) قال: ما زال لبس الاحمر المفدم (1) يكره إلا بعرس.

عن مالك قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وعليه ملحفة حمراء شديدة الحمرة فتبسمت حين دخلت، فقال: إني أعلم لم ضحكت ؟ ضحكت من هذا الثوب علي إن الثقفية أكرهتني على لبسها، ثم قال: إنا لانصلي في هذا، فلا تصلوا في المصبغ المضرج (2). ثم دخلت عليه بعد فسألته عن الثقفية ؟ قال: طلقتها، إني خلوت بها فإذا هي تتبرأ من علي (عليه السلام)، فلم يسعني أن امسكها وهي تتبرأ من علي (عليه السلام).

عن الحكم بن عيينه قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) وعليه إزار أحمر، قال: فأحددت النظر إليه، فقال: يا أبا محمد إن هذا ليس به بأس، ثم تلا " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " (3).

(في لبس الوردي والعدسي والازرق والاخضر)

عن الحسن الزيات قال: رأيت على أبي جعفر (عليه السلام) ملحفة وردية.

عن محمد بن علي قال: رأيت على أبي الحسن (عليه السلام) ثوبا عدسيا (4).

ـــــــــــــــ

(1) المفدم: المشبع حمرة، كأنه لتناهي حمرته كالممتنع من قبول زيادة الصبغ.

(2) المضرج: المصبوغ بالحمرة والمتلطخ بها.

(3) سورة الاعراف: آية 30

(4) كان يشبه لون العدس.

[ 105 ]

عن سليمان بن رشيد، عن أبيه قال: رأيت على أبي الحسن (عليه السلام) طيلسانا أزرق. عن أبي العلاء قال: رأيت على أبي عبد الله (عليه السلام) بردا أخضر وهو محرم.

عن أبان بن تغلب قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) في آخر يوم من شهر رمضان بعد العصر، فقال لي: يا أبان إن جبريل (عليه السلام) نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر يوم من شهر رمضان بعد العصر، فلما صعد إلى السماء دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة عليها السلام ـ وكانت إذا سمعته أجابته ـ فأجابته في عباءة محتجزة (1) بنصفها والنصف الاخر على رأسها، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ادع زوجك عليا، فدعته فاطمة فأجلسه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن يمينه، ثم أخذ كفه فوضعها في حجره، وأجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة عليها السلام عن يساره وأخذ كفها فوضعها في حجره، ثم قال لهما: ألا أخبر كما بما أخبرني به جبريل (عليه السلام) ؟ قالا: بلى يا رسول الله، قال: أخبرني أني عن يمين العرش يوم القيامة وأن الله كساني ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي، وأنك يا علي عن يمين العرش وأن الله كساك ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي، وأنك يا فاطمة عن يمين العرش وأن الله كساك ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي، قال: فقلت: جعلت فداك فإن الناس يكرهون الوردي، قال: يا أبان إن الله لما رفع المسيح (عليه السلام) إلى السماء رفعه إلى جنبه فيها سبعون غرفة وأنه كساه ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي، قال: قلت: جعلت فداك أخبرني بنظيره من القران ؟ قال: يا أبان إن الله يقول: " فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان " (2).

الفصل الرابع

في لبس الخز والحلة وغير ذلك

(في لبس الخز)

عن عبد الله بن سليمان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن علي بن الحسين (عليه السلام) كان رجلا صردا (3) وكان يشتري الثوب الخز بألف درهم أو خمسمائة درهم، فإذا

ـــــــــــــــ

(1) إحتجز بالازار: شده على وسطه.

(2) سورة الرحمن: آية 37.

(3) صرد، ككتف: الذي كان قويا على الصرد وضعيف عنه (ضد). والصرد: البرد.

[ 106 ]

خرج الشتاء باعه وتصدق بثمنه ولم يكن يصنع ذلك بشئ من ثيابه غير الخز.

عن قتيبة بن محمد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إنا نلبس الثوب الخز وسداه أبريسم، قال: لا بأس بالابريسم إذا كان معه غيره، قد أصيب الحسين (عليه السلام) وعليه جبة خز سداها أبريسم. قلت: إنا نلبس هذه الطيالسة البربرية وصوفها ميت، قال: ليس في الصوف روح، ألا ترى أنه يجز ويباع وهو حي ؟

عن الحسن بن علي، عنه قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يلبس ثوبين في الصيف يشتريان له بخمسمائة دينار، ويلبس في الشتاء المطرف الخز ويباع في الصيف بخمسين دينارا ويتصدق بثمنه.

عن محمد بن مسعدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي يلبس الثوب الخز بخمسمائة درهم فإذا حال عليه الحول تصدق به، فقيل له: لو بعته وتصدقت بثمنه، قال: أبيع ثوبا قد صليت فيه ؟ !

عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن جلود الخز ؟ وأنا حاضر، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ليس به بأس، فقال له الرجل: جعلت فداك هي من بلادي وإنما هي كلاب تخرج من الماء، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فإذا خرجت من الماء تعيش وهي خارج في البر ؟ قال: لا، قال: ليس به بأس.

من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن علي بن أبي عمران قال: خرج الحسين ابن علي (عليه السلام) ـ وعلي (عليه السلام) في الرحبة ـ وعليه قميص خز وطوق من ذهب، فقال: هذا إبني ؟ قالوا: نعم، فدعاه فشقه عليه وأخذ الطوق فقطعه قطعا.

(في لبس الحلة)

عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) بحلل فيها حلة (1) جيدة، فقال الحسين (عليه السلام): أعطني هذه، فأبى وقال: اعطيك مكانها حلتين، فأبى وقال: هي خير من ذلك، فقال: اعطيك مكانها ثلاث حلل،

ـــــــــــــــ

(1) الحلة ـ بالضم ـ : كل ثوب جديد، والجمع حلل. وقيل: إزار ورداء من برد او غيره.

[ 107 ]

قال: هي خير من ذلك، فقال: أربعا، حتى بلغ خمسا فأعطاه إياها، ثم قال: أما انك تلبسها فيقال: ابن أمير المؤمنين، ثم تلبسها فتوسخ فتفسدها وأكسو بهذه الخمس حلل خمسة من المسلمين.

(في لبس الحرير والديباج)

عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: أتى أسامة بن زيد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه ثوب حرير، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هذا لباس من لا خلاق (1) له، ثم أمره فشقه خمرا بين نسائه.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يصلح لبس الحرير والديباج للرجال، فأما بيعه فلا بأس به.

عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام أنه سئل عن لبس الحرير والديباج ؟ فقال: أما في الحرب فلا بأس وإن كان فيه تماثيل.

من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن علي بن عمران قال: خرج الحسين ابن علي (عليه السلام) وعلي (عليه السلام) في الرحبة إلى آخر الحديث.

عن عمرو أو عمر بن نعجة السكوني قال: أتى علي (عليه السلام) بدابة دهقان ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال: " بسم الله "، فلما وضع يده على القربوس (2) يده [ عن الصفة ] فقال: أديباج هي ؟ قالوا: نعم، فلم يركب حين أنبئ أنه ديباج.

(في لبس القسي وغيره)

عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عليا (عليه السلام) قال: نهاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ولا أقول نهاكم ـ عن لبس القسي (3) والتختم بالذهب وأن أركب على مثيرة حمراء وأن أقرأ وأنا راكع.

ـــــــــــــــ

(1) الخلاق: النصيب.

(2) القربوس: قسمة المقوس المرتفع من قدام السرج ومن مؤخره أي حنو السرج.

(3) القسي منسوب إلى قس ـ بالفتح وقد يكسر ـ : موضع بمصر.

[ 108 ]

الفصل الخامس

في التبختر في الثياب والتواضع فيها والترقيع لها والاقتصاد فيها ولبس الخشن

(في التبختر في الثياب)

عن عبد الله بن هلال قال: أمرني أبو عبد الله (عليه السلام) أن أشتري له إزارا، فقلت: إني لست أصيب إلا واسعا، قال: اقطع منه وكفه، ثم قال: إن أبي قال: ما جاوز الكعبين ففي النار.

عن عبد الله بن هلال، عنه (عليه السلام) ذكر مثله وقال: ما جاوز الكعبين من الثوب ففي النار.

أبوإسحاق السبيعي (1) رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إتزر إلى نصف الساق أو إلى الكعبين وإياك وإسبال الازار، فإن إسبال الازار من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة قال: إن الاسبال في الازار والقميص والعمامة، [ وقال ]: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.

ومن كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أبي مطر قال: إن عليا (عليه السلام) مر بي يوما ومعي ابن عم لي، قال: فضربني بقضيب معه أو بدرة وقال: إرفع ثوبك وإزارك لا تأكله الارض، فقال ابن عمي: من ذا الذي يضرب ابن عمي ؟ قال: فقال: علي (عليه السلام): إنما أقول ارفع ثوبك وإزارك لا تأكله الارض، ثم قال (عليه السلام) لقنبر: ألا تمنعني كما يمنع هذا ابن عمه.

عن جابر، [ عن أبي جعفر (عليه السلام) ] قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن ريح الجنة ليوجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها جار إزاره خيلاء، إنما الكبرياء لله رب العالمين.

ـــــــــــــــ

(1) هو عمرو بن عبد الله بن علي الكوفي الهمداني، إبن اخت يزيد بن الحصين الهمداني، من أصحاب الحسين (عليه السلام)، ممن شهد الطف وقتل. وكان أبوإسحاق من أعيان وثقاة علي بن الحسين (عليه السلام) وعاش تسعون سنة، ونقل عنه أنه قال: رفعني أبي حتى رأيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يخطب وهو أبيض الرأس واللحية، إلى آخر الحديث.

[ 109 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله يبغض الثاني عطفه والمسبل إزاره والمنفق سلعته بالايمان (1).

وعنه، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المرخي ذيله من العظمة، والمزكي سلعته بالكذب، ورجل استقبلك بنور صدره [ فيواري ] وقلبه ممتلئ غشا (2).

وعنه عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا تصامت أمتي عن سائلها وأرخت شعورها ومشت تبخترا، حلف ربي بعزته لاذعرن بعضهم ببعض (3).

وعنه، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من مشى على الارض اختيالا لعنته الارض من تحته.

عن بشير النبال قال: إنا لفي المسجد مع أبي جعفر (عليه السلام) إذ مر علينا أسود عليه حلتان متزر بواحدة مترد بالاخرى وهو يتبختر في مشيته، فقال لي أبوجعفر (عليه السلام): إنه جبار، قلت: جعلت فداك إنه سائل، قال: إنه جبار.

من جملة ما وصى به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لابي ذر رضي الله عنه: يا أباذر إن أكثر من يدخل النار المستكبرون ـ فقال رجل: هل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله ؟ قال: نعم، من لبس الصوف وركب الحمار وحلب العنز وجالس المساكين ـ يا أباذر: من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر ـ يعني ما يشترى من السوق ـ . يا أباذر: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. يا أباذر: إزرة الرجل إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين كعبيه، فما أسفل منه في النار. يا أباذر: من رفع ثوبه لوجه الله تعالى فقد برئ من الكبر.

ـــــــــــــــ

(1) أسبل الستر:، أرخاه. وأنفق ماله أي أنفده وأفناه. والسلعة: المتاع.

(2) الغش ـ بالكسر ـ : اسم من الغش ـ بالفتح ـ بمعنى الغل والحقد.

(3) تصام عن الحديث: تظاهر أنه أصم. وفي بعض النسخ " تضامت " بالضاد المعجمة. يقال: تضام الشئ: جمعه إلى نفسه. وشعور: جمع شعر. والذعر، بالفتح: الخوف والدهشة.

[ 110 ]

(في التواضع في الثياب)

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن علي بن الحسين (عليه السلام) خرج في ثياب حسان فرجع مسرعا يقول: يا جارية ردي علي ثيابي فقد مشيت في ثيابي هذه فكأني لست علي بن الحسين. وكان إذامشى كأن الطير على رأسه لا يسبق يمينه شماله.

وعنه (عليه السلام) قال: إن الجسد إذا لبس الثوب اللين طغى.

عن الحسن الصيقل قال: أخرج إلينا أبو عبد الله (عليه السلام) قميص أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي أصيب فيه، فشبرت أسفله اثني عشر شبرا وبدنه ثلاثة أشبار ويديه ثلاثة أشبار (1).

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن صاحبكم ليشتري القميصين السنبلانيين، ثم يخير غلامه فيأخذ أيهما شاء، ثم يلبس هو الاخر، فإذا جاوز أصابعه قطعه وإذا جاوز كفيه حذفه (2).

عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) اشترى بالعراق قميصا سنبلانيا غليظا بأربعة دراهم، فقطع كميه إلى حيث يبلغ أصابعه مشمرا إلى نصف ساقه، فلما لبسه حمدالله وأثنى عليه وقال: ألا أريكم ؟ قلت: بلى. فدعاه به، فإذا كميه ثلاثة أشبار وبدنه ثلاثة أشبار وطوله ستة أشبار.

من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن الاصبغ بن نباتة قال: خرجنا مع علي (عليه السلام) حتى أتينا التمارين، فقال: لا تنصبوا قوصرة على قوصرة، ثم مضى حتى أتينا إلى اللحامين، فقال: لا تنكوا في اللحم، ثم مضى [ حتى أتى ] إلى سوق السمك، فقال: لا تبيعوا الجري ولا المارماهي ولا الطافي (3)، ثم مضى حتى أتى

ـــــــــــــــ

(1) الشبر (بالكسر): مابين طرفي الابهام والخنضر ممتدين، جمعة: أشبار. والراوي هو أبومحمد حسن بن زياد العطار الكوفي، المعروف بالصيقل، من أصحاب محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، حسن وله كتاب.

(2) سنبلاني: منسوب إلى بلدة بالروم، في اللغة: سنبلان وسنبل بلدان بالروم بينهما عشرون فرسخا. وفي بعض النسخ " فإذا جاز أصابعه قطعه وإذا جاز كفيه جذبه ".

(3) الجري كذمي: سمك طويل أملس وليس له عظم إلا عظم الرأس والسلسلة، المعروف بالحنكليس. والطافي: السمك الذي يموت في الماء فيعلو ويظهر فوق الماء.

[ 11 ]

البزازين فساوم رجلا بثوبين ومعه قنبر، فقال: بعني ثوبين، فقال الرجل: ما عندي يا أمير المؤمنين، فانصرف حتى أتى غلاما، فقال: بعني ثوبين، فماكسه الغلام حتى اتفقا على سبعة دراهم، ثوب بأربعة دراهم وثوب بثلاثة دراهم، فقال لغلامه قنبر: إختر أحد الثوبين، فاختار الذي بأربعة ولبس هو الذي بثلاثة وقال: " الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في خلقه "، ثم أتى المسجد الاكبر فكومه كومة من حصباء (1)، فاستلقى عليه فجاء أبوالغلام فقال: إن ابني لم يعرفك وهذان درهمان ربحهما عليك فخذهما، فقال علي (عليه السلام): ما كنت لافعل، ماكسته وماكسني واتفقنا على رضى.

عن أبي مسعدة قال: رأيت عليا (عليه السلام) خرج من القصر، فدنوت منه فسلمت عليه، فوقع يده على يدي، ثم مشى حتى أتى إلى دار فرات، فاشترى منه قميصا سنبلانيا بثلاثة دراهم أو أربعة دراهم، فلبسه وكان كمه كفاف يده (2).

عن وشيكة (3) قال: رأيت عليا (عليه السلام) يتزر فوق سرته ويرفع إزاره إلى أنصاف ساقيه وبيده درة يدور في السوق يقول: " إتقوا الله وأوفوا الكيل " كأنه معلم صبيان.

عن مجمع قال: إن عليا (عليه السلام) أخرج سيفه فقال: من يرتهن سيفي ؟ أما لو كان لي قميص ما رهنته، فرهنه بثلاثة دراهم، فاشترى قميصا سنبلانيا كمه إلى نصف ذراعيه وطوله إلى نصف ساقيه.

عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: رأيت على علي (عليه السلام) قميصا زابيا (4) إذا مد طرف كمه بلغ ظفره وإذا أرسله كان إلى ساعده.

عن أبي الاشعث العبري، عن أبيه قال: رأيت عليا (عليه السلام) اغتسل في

ـــــــــــــــ

(1) الكومة: القطعة المجتمعة المرتفعة من التراب وغيره.

(2) الكفاف بالفتح الذي لا يفضل عن الشئ ويكون بقدره.

(3) بفتح الواو وكسر الشين المعجمة: الظاهر أنه أيوب بن وشيكة من أصحاب الباقر (عليه السلام).

(4) الزابي: منسوب إلى الزاب، في القاموس: الزاب بلد بالاندلس او كورة ونهر بالموصل ونهر باربل ونهر بين سوراء وواسط ونهر آخر بقربه وعلى كل واحد منهما كورة.

[ 112 ]

الفرات يوم الجمعة، ثم ابتاع قميص كرابيس بثلاثة دراهم، فصلى بالناس فيه الجمعة وما خيط جربانه (1).

عن سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عليا (عليه السلام) كان عندكم فأتى بني ديوار، فاشترى ثلاثة أثواب بدينار، القميص إلى فوق الكعب والازار إلى نصف الساق والرداء من قدامه إلى ثدييه ومن خلفه إلى إليتيه، فلبسها، ثم رفع يده إلى السماء، فلم يزل يحمد الله على ما كساه حتى دخل منزله. ثم قال: هذا اللباس الذي ينبغي أن تلبسوه ولكن لا نقدر أن نلبس هذا اليوم لو فعلنا لقالوا: مجنون أو لقالوا: مراء، فإذا قام قائمنا كان هذا اللباس.

عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إذا هبطتم وادي مكة فالبسوا خلقان ثيابكم أو سمل ثيابكم أو خشن ثيابكم، فإنه لن يهبط وادي مكة أحد ليس في قلبه شئ من الكبر إلا غفر الله له، قال: فقال عبد الله بن أبي يعفور: ما حد الكبر ؟ قال: الرجل ينظر إلى نفسه إذا لبس الثوب الحسن يشتهي أن يرى عليه، ثم قال: " بل الانسان على نفسه بصيرة " (2).

عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان لابي ثوبان خشنان يصلي فيهما صلاته، فإذا أراد أن يسأل الله الحاجة لبسهما وسأل الله حاجته.

(في ترقيع الثياب)

عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خطب علي (عليه السلام) الناس وعليه إزار كرباس غليظ، مرقوع بصوف، فقيل له في ذلك، فقال: يخشع له القلب ويقتدي به المؤمن.

عن عبد الله بن عباس لما رجع من البصرة وحمل لمال ودخل الكوفة وجد أمير المؤمنين (عليه السلام) قائما في السوق وهو ينادي بنفسه: معاشر الناس من أصبناه بعد

ـــــــــــــــ

(1) الجربان، بضم الاول والثاني أو بكسرهما وتشديد الباء: من القميص: جيبه وطوقه.

(2) سورة القيامة: آية 14.

[ 113 ]

يومنا هذا يبيع الجري والطافي والمارماهي علوناه بدرتنا هذه ـ وكان يقال لدرته: السبتية ـ . قال ابن عباس: فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم قال: يا ابن عباس ما فعل المال ؟ فقلت ها هو يا أمير المؤمنين وحملته إليه فقربني ورحب بي، ثم أتاه مناد ومعه سيفه ينادي عليه بسبعة دراهم، فقال: لو كان لي في بيت مال المسلمين ثمن سواك أراك ما بعته، فباعه واشترى قميصا بأربعة دراهم له وتصدق بدرهمين وأضافني بدرهم ثلاثة أيام.

عن يزيد بن شريك قال: أخرج علي (عليه السلام) ذات يوم سيفه فقال: من يبتاع مني سيفي هذا، فلو كان عندي ثمن إزار ما بعته.

عن الفضل بن كثير قال: رأيت على أبي عبد الله (عليه السلام) ثوبا خلقا مرقوعا، فنظرت إليه، فقال لي: ما لك ؟ انظر في ذلك الكتاب ـ وثم كتاب ـ ، فنظرت فيه فإذا فيه " لا جديد لمن لا خلق له ".

وفي رواية: رؤي على علي (عليه السلام) إزار خلق مرقوع، فقيل له: في ذلك، فقال: يخشع له القلب وتذل به النفس ويقتدي به المؤمنون.

(في الاقتصاد في اللباس)

عن معاوية بن وهب قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): الرجل يكون قد غنى دهره وله مال وهيئة في لباسه ونخوة، ثم يذهب ماله ويتغير حاله، فيكره أن يشمت به عدو، فيتكلف ما يتهيؤ به، فقال: " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " (1) على قدر حاله.

(في لبس الصوف والخشن)

عن محمد بن كثير قال: رأيت على أبي عبد الله (عليه السلام) جبة صوف بين قميصين غليظين، فقلت له في ذلك، فقال: رأيت أبي يلبسها، وإنا إذا أردنا أن نصلي لبسنا أخشن ثيابنا.

ـــــــــــــــ

(1) الشماتة: السرور ببلية الاعداء، يقال: شمت به ـ بالكسر ـ : إذا فرح بمصيبته. والاية في سورة الطلاق، آية 7.

[ 114 ]

عن معمر بن خلاد قال: سمعت أباالحسن الرضا (عليه السلام) يقول: والله لئن صرت إلى هذا الامر (1) لاكلن الخبيث بعد الطيب ولالبسن الخشن بعد اللين ولاتعبن بعد الدعة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لابي ذر رضي الله عنه: يا أباذر إني ألبس الغليظ وأجلس على الارض وألعق أصابعي وأركب الحمار بغير سرج وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني. يا أباذر البس الخشن من اللباس والصفيق من الثياب (2) لئلا يجد الفخر فيك مسلكا.

من أمالي الشيخ أبي جعفر بن بابويه رحمه الله، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): خمس لا أدعهن حتى الممات: الاكل على الحضيض مع العبيد وركوبي الحمار مؤكفا وغير مؤكف (3) وحلبي العنز بيدي ولبس الصوف والتسليم على الصبيان، لتكون سنة من بعدي.

من كتاب الفردوس قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): البسوا الصوف وكلوا في أنصاف البطون فإنه جزء من النبوة.

وقال أيضا: البسوا الصوف وشمروا وكلوا في أنصاف البطون تدخلوا في ملكوت السماوات.

من كتاب المحاسن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ذكر له أن راهبا قال في لباس الشعر: هو أشبه بلباس المصيبة، فقال: وأي مصيبة أعظم من مصائب الدين ؟ !

من كتاب الفردوس قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الايمان، وقلة الاكل تعرفوا في الاخرة. وإن النظر إلى الصوف يورث التفكر والتفكر يورث الحكمة والحكمة تجري في أجوافكم مثل الدم.

ـــــــــــــــ

(1) أي أمر الخلافة والسلطنة. والدعة ـ بفتحتين ـ : الراحة وخفض العيش، والهاء عوض الواو.

(2) صفيق اللباس: خلاف السخيف أي ما كثف نسجه، من سخف وزان قرب: رق لقلة غزله.

(3) الحضيض: قرار الارض. الاكاف والوكاف: البردعة، وهي كساء يلقى على ظهر الدابة.

[ 115 ]

الصفحة التالية

حقوق الطبع محفوظة لشبكة أهل البيت للأخلاق الإسلامية©

المملكة العربية السعودية1999-2000

 الصفحة السابقة