مكارم الاخلاق

اسم الكتاب

الحسن بن الفضل الطبرسي

المؤلف
الفهرسة

الفصل السادس: في كراهية لباس الشهرة ونكت في اللباس

الفصل السابع: في العمائم والقلانس

الفصل الثامن: في لبس الخف والنعل

الفصل التاسع: في المسكن وما يتعلق به

الفصل العاشر : في الاثاث والفراش وما يتعلق بهما

الباب السابع: في الاكل والشرب وما يتعلق بهما

الفصل الاول: في فضل الاطعام والصدقة والصوم

الفصل الثاني: في آداب غسل اليد وغيرها

الفصل الثالث: في آداب الاكل وما يتعلق به

 

 

  

الفصل السادس

في كراهية لباس الشهرة والنكت في اللباس (1)

(في لباس الشهرة)

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كفى بالرجل خزيا أن يلبس ثوبا مشهرا أو يركب دابة مشهرة.

وعنه (عليه السلام) قال: إن الله يبغض شهرة اللباس.

قيل: دخل عباد بن كثير البصري على أبي عبد الله (عليه السلام) بثياب الشهرة، فقال (عليه السلام): يا عباد ما هذه الثياب ؟ قال: يا أبا عبد الله تعيب علي هذا ؟ قال: نعم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من لبس ثياب شهرة في الدنيا ألبسه الله لباس الذل يوم القيامة، قال عباد: من حدثك بهذا ؟ قال (عليه السلام): يا عباد تتهمني ؟ حدثني والله أبي عن آبائي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: لم يكن شئ أبغض إليه من لبس الثوب المشهور وكان يأمر بالثوب الجديد فيغمس في الماء ويلبسه.

(في القناع)

عن عبد الله بن وضاح قال: رأيت أباالحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وهو جالس في مؤخر الكعبة وتقنع وأخرج أذنيه من قناعه.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: القناع بالليل ريبة (2).

عن عبد الله بن الوليد بن صبيح قال: سألني شهاب بن عبد ربه أن استأذن له على أبي عبد الله (عليه السلام)، فأدخلته عليه ليلا وهو متقنع وأخذت له وسادة فطرحتها له فجلس عليها، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ألق قناعك يا شهاب، فإن القناع ريبة بالليل ومذلة بالنهار، فألقى قناعه.

ـــــــــــــــ

(1) النكت ـ بضم ففتح ـ : جمع النكتة وهي النقطة السوداء في الابيض او البيضاء في الاسود.

(2) الريبة ـ بالكسر ـ : التهمة والظنة، هي اسم من الريب.

[ 116 ]

عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): القناع ريبة بالليل ومذلة بالنهار.

(في التوشح)

وعنه (عليه السلام) في الرجل يتوشح بالازار فوق القميص، قال: لا تفعل، فإن ذلك من الكبر (1).

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه كره التوشح بالازار فوق القميص وقال: هو من فعل الجبابرة.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنهى امتي عن اشتمال الصماء (2).

وعنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أنهى امتي عن حل الازار وعن الاقبية وكشف الافخاذ (3).

(في لبس الصوف)

من كتاب مجمع البيان، عن الصادق (عليه السلام) قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على فاطمة عليها السلام وعليها كساء من ثلة الابل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أبصرها، فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة، فقد أنزل الله علي " ولسوف يعطيك ربك فترضى " (4) (والثلة: الصوف والوبر)، عن الزهري من عيون الاخبار، عن ابن أبي عباد قال: كان جلوس الرضا (عليه السلام) في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسح (5)، ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزين لهم.

ـــــــــــــــ

(1) توشح بثوبه: هو أن يدخله تحت إبطه الايمن ويلقيه على منكبه الايسر كما يتوشح الرجل بحمائل سيفه.

(2) اشتمال الصماء: الالتحاف بالثوب من غير أن يجعل له موضع يخرج منه اليد.

(3) الاقبية: جمع قباء وهو ثوب مشقوق قدامه ولم يكن له أزرار ويلبس فوق الثياب.

(4) سورة الضحى: آية 5. والثلة: الصوف وحده ومجتمعا بالشعر والوبر.

(5) المسح ـ بالكسر ـ : كساء معروف يعبر عنه بالبلاس ويقعد عليه.

[ 117 ]

(في تشبه الرجال بالنساء)

عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام، سئل عن الرجل يجر ثوبه ؟ قال: إني لاكره أن يتشبه بالنساء.

عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يزجر الرجل يتشبه بالنساء وينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها.

وعنه (عليه السلام) قال: خير شبابكم من تشبه بكهولكم، وشر كهولكم من نشبه بشبابكم.

(في فرو السنجاب وغيره)

عن يونس بن يعقوب قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وهو معتل وهو في قبة وقباء عليه غشاء مذاري (1) وقدامه مخضبة حناء يهيئ فيها ريحان مخروط وعليه جبة خز ليست بالثخينة ولا بالرقيقة وعليه لحاف ثعالب مظهر بيمنية، فقلت: جعلت فداك ما تقول في الثعالب ؟ قال: هو ذا علي.

عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام، أنه سئل عن لحوم السباع وجلودها ؟ فقال: أما لحوم السباع ـ والسباع من الطير ـ فإنا نكرهها، وأما الجلود فاركبوا فيها ولا تلبسوا منها شيئا في الصلاة.

عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اهديت لابي جبة فرو (2) من العراق، فكان إذا أراد أن يصلي نزعها فطرحها.

عن عبد الله بن سنان، عنه (عليه السلام) قال: ما جاءك من دباغ اليمن فصل فيه ولا تسأل عنه.

وسئل الرضا (عليه السلام) عن جلود الثعالب والسنجاب والسمور ؟ فقال: قد رأيت السنجاب على أبي ونهاني عن الثعالب والسمور.

ـــــــــــــــ

(1) مذاري: ينسب إلى مذار بلد بين الواسط والبصرة. والمخضبة، بالكسر: شبه المركن: وعاء لغسل الثياب أو خضبها.

(2) الفرو، بالفتح: الذي يلبس من الجلود التي صوفها معها.

[ 118 ]

الفصل السابع

في العمائم والقلانس

(في العمائم)

عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): العمائم تيجان العرب، فإذا وضعوا العمائم وضع الله عزهم.

وقال (عليه السلام): اعتموا تزدادوا حلما.

عن أبي إسحاق (1) قال: أراني أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يخطب وعليه إزار ورداء وعمامة.

عن إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله تعالى: " مسومين " قال: العمائم، اعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسدلها من بين يديه ومن خلفه. واعتم جبريل (عليه السلام) فسدلها من بين يديه ومن خلفه.

عن معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) وهو يقول: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحرم يوم دخل مكة وعليه عمامة سوداء وعليه السلاح، ثم خرج إلى حنين، فلما فرغ منهم انتهى إلى أوطاس بقيت منهم بقية ففرغ منهم، ثم إنتهى إلى الجعرانة فقسم الغنائم بين المسلمين، ثم أحرم ودخل مكة (2).

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ركعتان بعمامة أفضل من أربعة بغير عمامة.

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر.

عن عبد الله بن سليمان، عن أبيه قال: كنت مع أبي في المسجد فدخل علي بن

ـــــــــــــــ

(1) هو ابوإسحاق السبيعي، وقد مر ذكره.

(2) حنين: واد بين مكة والطائف، حارب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون، في العاشر من الهجرة، وكانوا زهاء إثنى عشر ألفا، وانهزم المشركون إلى أوطاس (واد بديار هوازن) وغنم المسلمون بأموال المشركين وأهلهم ثم ساروا إليهم فاقتتلوا في الاوطاس وانهزم المشركون إلى الطائف. والجعرانة، بتسكين العين وتخفيف الراء وقد تكسر العين وتشدد الراء: موضع بين مكة والطائف على سبعة أميال من مكة. وفيها قسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغنائم بين المسلمين.

[ 119 ]

الحسين (عليه السلام) ولست أثبته وعليه عمامة سوداء قد أرسل طرفيها من كتفيه، فقلت لرجل قريب المجلس مني: من هذا الشيخ الذي أرى ؟ فقال: ما لك لم تسألني عن أحد دخل هذا المسجد غير هذا الشيخ ؟ قال: قلت: إني لم أر أحدا دخل المسجد أحسن هيأة في عيني منه فلذلك سألتك عنه، قال: فإنه علي بن الحسين (عليه السلام).

(في كيفية التعمم)

عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: عمم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) بيده فسدلها من بين يديه وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم هكذا يكون تيجان الملائكة.

عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: إني ضامن لمن خرج يريد سفرا معتما تحت ذقنه ثلاثا لا يصيبه: السرق والغرق والحرق.

(الدعاء عند التعمم)

من كتاب النجاة " اللهم سو مني بسيماء الايمان وتوجني بتاج الكرامة وقلدني حبل الاسلام ولا تخلع ربقة الايمان من عنقي " وليتعمم من قيام محنكا.

(في القلانس)

عن محمد بن علي قال: رأيت على أبي الحسن (عليه السلام) قلنسوة خز مبطنة بسمور.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس قلنسوة بيضاء مضربة وكان يلبس في الحرب قلنسوة لها أذنان.

عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس من القلانس اليمنية والبيضاء والمضربة وذات الاذنين في الحرب. وكانت له عمامته السنجاب. وكان له برنس يبرنس به.

سئل الرضا (عليه السلام) عن الرجل يلبس البرطلة (1) قال: قد كان لابي عبد الله (عليه السلام) مظلة يستظل بها من الشمس.

ـــــــــــــــ

(1) البرطل ـ كقنفذ ـ : قلنسوة ومظلة.

[ 120 ]

عن يزيد بن خليفة قال: رآنى أبو عبد الله (عليه السلام) أطوف حول الكعبة وعلي برطلة، فقال (عليه السلام): لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود.

عن الحسن بن مختار قال: قال لي أبوالحسن الاول (عليه السلام): اعمل لي قلنسوة لا تكون مصنعة فإن السيد مثلي لا يلبس المصنع (والمصنع: المكسر بالظفر).

الفصل الثامن

(في لبس الخف والنعل)

عن ياسر الخادم، عنه (عليه السلام) من قال: كان (عليه السلام) يدخل المتوضأ (1) في خف صغير.

عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عليا (عليه السلام) كان في سفر وكان إذا سافر أدلج فبينا هو قد أخذ في الدلجة (2) فلبس ثيابه وتناول أحد خفيه فلبسه، ثم أهوى إلى الخف الاخر ليلبسه إذ انحط طير من السماء فضرب خفه فأخذه، فانطلق علي (عليه السلام) فاتبعه ليأخذ الخف منه، فسبقه وارتفع إلى السماء، فما زال يدور حتى أصبح فألقى الخف فخرج من الخف حنش وهو حية.

من مسموعات ناصح الدين أبي البركات، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لبس الخف يزيد في قوة البصر.

عن الصادق (عليه السلام) قال: إدمان لبس الخف أمان من الجذام، فقيل له: في الشتاء أم في الصيف ؟ قال: شتاء كان أم صيفا.

عن أبي الجارود (3) قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) لابسا خفا أحمر، فقال لي: أو ما علمت أن الخف الاحمر لبس الجبابرة، فالابيض المقشور لبس الاكاسرة، والاسود سنتنا وسنة بني هاشم ؟ قال أبوالجارود: فصحبت أبا عبد الله (عليه السلام) في طريق مكة وعليه خف أحمر، فقلت له: يا ابن رسول الله كنت حدثتني منه في الاحمر

ـــــــــــــــ

(1) المتوضأ: موضع يتوضأ فيه أي يستنجى ويكنى به عن الكنيف والمستراح.

(2) الدلجة ـ من أدلج الرجل ـ : سار الليل كله.

(3) الظاهر هو زياد بن المنذر الهمداني من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام، له أصل وكتاب زيدي المذهب وإليه ينسب الجارودية.

[ 121 ]

أنه لبس الجبابرة، قال: أما في السفر فلا بأس به فإنه أحمل للماء والطين، وأما في الحضر فلا.

عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من اتخذ نعلا فليستجدها.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: انتعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقام رجل فناوله النعل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " اللهم إن عبدك تقرب إليك فقربه " ولا أظنه إلا قال: وأدبه. قال: وتمضمض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم مجه (1)، فوثب إليه رجل فأخذه فشربه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اللهم إن عبدك تحبب اليك فأحبه.

وعنه، عن علي عليهما السلام قال: استجادة الحذاء وقاية للبدن وعون على الصلاة والطهور.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: " فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى " (2) قال: كانتا من جلد حمار.

(في استحباب الانتعال بالنعل المخصرة المعقبة)

عن صباح الحذاء قال: أتاني الحلبي بنعل، فقال لي: إحذ لي على هذه، فإن هذا حذاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت: ومن أين صارت اليك ؟ قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ألا أريك حذاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ فقلت: بلى. فأخرج إلي هذا النعل، فقلت: هبها لي، قال: هي لك. قال صباح: فحذوت عليها نعله وكنت أحذو لاصحابنا عليها، فقال ابوأحمد: وقد رأيتها وهي مخصرة معقبة (3).

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إني لامقت الرجل الذي لا أراه معقب النعلين.

عن صباح الحذاء قال: حذوت نعلا لابي عبد الله (عليه السلام) على نعل وجه به إلي فكانت مخصرة من نصف النعل.

ـــــــــــــــ

(1) مج الماء من فيه: رماه.

(2) سورة طه: آية 12.

(3) المخصرة: الدقيق الخصر، وهي النعل التي قطع خصراها حتى صارا مستدقين أي مستدقة الوسط.

[ 122 ]

عن منهال قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعلي نعل ممسوحة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): هذا حذاء اليهود، قال: فانصرف، فأخذ سكينا فخصرها به.

عن علي السابري قال: رآني أبوالحسن (عليه السلام) وعلي نعل غير مخصرة، فقال: يا علي متى تهودت ؟

(في كراهية عقد الشراك)

روي أن أبا عبد الله (عليه السلام) كره عقد شراك النعل. قال: وأخذ نعل بعضهم فحل شراكها (1).

وعنه (عليه السلام) قال: أول من عقد شراك نعله إبليس.

(في كيفية الانتعال)

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من السنة لبس نعل اليمين قبل اليسار وخلع اليسار قبل اليمين.

من كتاب النجاة، الدعا المروي عند لبس الخف والنعل يلبسهما جالسا ويقول: " بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد ووطئ قدمي في الدنيا والاخرة وثبتهما على الصراط يوم تزل فيه الاقدام "، فإذا خلعهما فمن قيام ويقول: " بسم الله الحمد لله الذي رزقني ما أوقي به قدمي من الاذي، اللهم ثبتهما على صراطك ولا تزلهما عن صراطك السوي ".

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في قوله تعالى: " خذوا زينتكم عند كل مسجد " (2): النعل والخاتم.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): تعاهدوا نعالكم عند أبواب المسجد.

(في الشسع إذا انقطع)

عن يعقوب السراج قال: خرجنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) وهو يريد أن يعزي

ـــــــــــــــ

(1) الشراك ـ بالكسر ـ سير النعل على ظهر القدم، أي حبلها.

(2) سورة الاعراف آية 30.

[ 123 ]

عبد الله بن الحسن بابنة له أو ابن، فانقطع شسع نعله فنزع بعض القوم نعله وحل شسعها وناوله إياه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها (1).

وعنه (عليه السلام) قال: من رقع جبته وخصف نعله وحمل سلعته فقد برئ من الكبر (2).

(في المشي في نعل واحدة وخف واحد)

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عليا (عليه السلام) كان يمشي في نعل واحدة ويصلح الاخرى.

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من شرب ماء وهو قائم أو تخلي على قبر، أو بات على غمر (3)، أو مشى في حذاء واحد فعرض له الشيطان لم يفارقه إلا أن يشاء الله.

(في خلع النعال والخفاف إذا جلس)

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إخلعوا نعالكم فإنها سنة حسنة جميلة وهو أروح للقدمين. وفي رواية إذا أكلتم فاخلعوا نعالكم فإنه أروح لاقدامكم وإنها سنة جميلة.

من كتاب طب الائمة في الخف والنعل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من لبس نعلا صفراء لم يبلها حتى يستفيد مالا، ثم تلى هذه الاية " صفراء فاقع لونها تسر الناظرين " (4).

وعنه (عليه السلام) قال: من لبس نعلا صفراء كان في سرور حتى يبليها.

عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخلت عليه لابسا نعلا سوداء فقال: مالك ولبس النعل السوداء ؟ أما علمت أن فيها ثلاث خصال ؟ قلت ؟ وما هي

ـــــــــــــــ

(1) الشسع ـ بالكسر ـ : زمام النعل بين الاصبع الوسطى والتي تليها.

(2) السلعة ـ بالكسر ـ : المتاع وما يشتري للمنزل.

(3) الغمر: الحقد، العطش.

(4) سورة البقرة: آية 64.

[ 124 ]

قال (عليه السلام): تضعف البصر وترخي الذكر وتورث الهم وهي مع ذلك من لبس الجبابرة عليك بلبس النعل الصفراء فإن فيها ثلاث خصال، قلت: وما هي ؟ قال: تحد البصر وتشد الذكر وتنفي الهم وهي مع ذلك من لبس الانبياء عليهم السلام.

وعنه (عليه السلام) قال: من السنة الخف الاسود والنعل الصفراء.

وعنه (عليه السلام) قال: لبس الخف يريد في قوة البصر.

عن أبي الحسن العسكري (عليه السلام) فيمن أصابه عقر الخف والنعل قال: تأخذ طينا من حائط بلبن، ثم تحكه بريقك على صخرة أو على حجر، ثم تضعه على العقر فيذهب إن شاء الله (1).

الفصل التاسع

في المسكن وما يجوز منه وما لا يجوز وما يتعلق به

(في المسكن الواسع وغيره)

عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من السعادة سعة المنزل. وعنه (عليه السلام) قال: للمؤمن راحة في سعة المنزل.

وسئل أبوالحسن (عليه السلام) عن أفضل عيش في الدنيا ؟ قال: سعة المنزل وكثرة المحبين.

وعنه (عليه السلام) أيضا قال: العيش بالسعة في المنازل والفضل في الخدم.

عن معمر بن خلاد قال: إن أباالحسن اشترى دارا وأمر مولى له أن يتحول إليها وقال له: إنه منزلك، فقال له المولى: قد أجرت هذه الدار لي ؟ فقال أبوالحسن (عليه السلام): إن كان أبوك أحمق فينبغي أن تكون مثله.

عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من سعادة المرء المرأة الصالحة والمسكن الواسع والمركب البهي والولد الصالح.

عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: إن للدار شرفا وشرفها

ـــــــــــــــ

(1) عقر النعل: الجراحة الحاصلة منها.

[ 125 ]

الساحة الواسعة والخلطاء الصالحون (1) وإن لها بركة وبركتها جودة موضعها وسعة ساحتها وحسن جوار جيرانها.

قال الصادق (عليه السلام): من سعادة المرء حسن مجلسه وسعة فنائه ونظافة متوضاه (2).

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أربع من السعادة وأربع من الشقاوة، فالاربع التي من السعادة: المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب البهي. والاربع التي من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيق، والمركب السوء.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): حرمة الجار على الانسان كحرمة أمه.

(في مقدار سمك البيت)

عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: يا محمد ابن بيتك سبعة أذرع فما كان فوق ذلك سكنة الشياطين. إن الشياطين ليست في السماء ولا في الارض، إنما يسكنون الهواء.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمك البيت سبعة أذرع أو ثمان أذرع فما فوق ذلك فمحضر للشياطين.

وعنه (عليه السلام) أيضا قال: كل شئ يرفع من سمك البيوت على تسعة أذرع فهو مسكن الشياطين.

عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا كان سمك البيت فوق ثمانية أذرع فاكتب فيه آية الكرسي.

عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كل شئ فوق التسع

ـــــــــــــــ

(1) الساحة: الفضاء. والخلطاء ـ جمع ـ خليط ـ : المخالطون الذين أمرهم واحد من الزوج والزوجة والولد والجار والاهل.

(2) الفناء ـ بالكسر ـ : الساحة، أمام البيت، ما امتد من جوانبه. والمتوضأ: المستراح.

[ 126 ]

يعني سمك البيت فما زاد على التسع فهو مسكون، يعني البيوت، أو ما كان سمكها فوق التسع فما كان فوق التسع مسكون.

وعنه، عن آبائه عليهم السلام أن رجلا من الانصار شكا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أن الدور قد اكتنفته، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ارفع ما استطعت واسأل الله أن يوسع عليك.

عن أبي عبد الله (عليه السلام): ما من إنسان يبني فوق ثمانية أذرع إلا ويأوي الشيطان فيما فوق ثمانية أذرع والواجب أن يكتب له فيه آية الكرسي حتى لا يأوي فيه الشيطان.

وعنه (عليه السلام) قال: كل بناء فوق الكفاية يكون وبالا على صاحبه يوم القيامة. وعنه (عليه السلام) أنه قال: ما يبني إنسان فوق ثمانية أذرع إلا وينادي مناد من السماء: إلى أين تريد يا فاسق ؟

من جوامع الجامع، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما لابد منه.

(فيما يستحب عند البناء)

عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من بنى منزلا فليذبح كبشا وليطعم لحمه المساكين وليقل: " اللهم ادحر عني وعن أهلي وولدي مردة الجن والشياطين وبارك لي فيه بنزولي " فإنه يعطي ما سأل إن شاء الله.

 (في الاسراف في البناء)

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كل بناء ليس بكفاف فهو وبال على صاحبه.

وعنه (عليه السلام) قال: من كسب مالا من غير حله سلط على الماء والطين.

(في كنس المنازل)

عنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اكنسوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود.

وقال الصادق (عليه السلام): غسل الاناء وكسح الفناء مجلبة للرزق.

[ 127 ]

(في وقت في البيت والخروج عنه)

عنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا خرج من البيت في الصيف خرج يوم الخميس، وإذا أراد أن يدخل في الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة.

وفي رواية، عن ابن عباس قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يخرج إذا دخل الصيف ليلة الجمعة، وإذا دخل الشتاء دخل ليلة الجمعة.

(في اغلاق الابواب وغيرها)

عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام، سئل عن إغلاق الابواب وإكفاء الاناء (1) وإطفاء السراج ؟ قال: اغلق بابك فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا. وأطفئ سراجك من الفويسقة وهي الفأرة لا تحرق بيتك. وأكفئ إناءك فإن الشيطان لا يرفع إناء مكفأ.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون.

عن الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أطفؤا المصابيح، لا تجرها الفويسقة فتحرق البيت وما فيه.

(فيما يتعلق بالمسكن)

عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه أتاه رجل [ فشكا إليه ] فقال: أخرجتنا الجن من منازلنا يعني عمار منازلهم، فقال: إجعلوا سقوف بيوتكم سبعة أذرع واجعلوا الحمام في أكناف الدار. قال الرجل: ففعلنا فما رأينا شيئا نكرهه.

عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: رأيت حماما خرج من تحت سريرة فقلت له: جعلت فداك أهدي لك طيورا عندنا بلقا تقرقر (2) ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): تلك مسوخ من الطير، إذا كنت متخذا فاتخذ مثل هذه فإنها بقية حمام إسماعيل (عليه السلام).

ـــــــــــــــ

(1) إكفاء الاناء: قلبه. ويأتي أيضا بمعني الاستتار ومنه الكفاء، ككتاب.

(2) البلق: الابلق وهو الذي كان في لونه سواد وبياض. وتقرقر الطير: تصوت وتردد صوته.

[ 128 ]

من كتاب من لا يحضره الفقيه، شكا رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الوحشة، فأمره باتخاذ زوج من الحمام.

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن خفيف أجنحة الحمام ليطرد الشياطين.

وقال (عليه السلام) أيضا: إتقوا الله فيما خولكم (1) وفي العجم من أموالكم، فقيل له: ما العجم من أموالنا ؟ قال: الشاة والهر والحمام وأشباه ذلك.

من الفردوس، عن أنس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الشاة في البيت ترد سبعين بابا من الفقر.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الشاة في الدار بركة. والسنور في الدار بركة. والرحا في الدار بركة. والشاة بركة. والشاتان بركتان. والثلاثة بركات كثيرة.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الشاة من دواب الجنة.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من مؤمن يكون في منزله عنز حلوب إلا قدس أهل ذلك المنزل وبورك عليهم، فإن كانتا اثنتين قدسوا كل يوم مرتين، فقال رجل كيف يقدسون ؟ قال: يقال لهم: بورك عليكم وطبتم ما طاب إدامكم.

وعنه (عليه السلام) قال: إن امرأة عذبت في هرة ربطتها حتى ماتت عطشا.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تمنعوا الخطاطيف أن تسكن في بيوتكم (2).

وقال: لا تطرقوا الطير في أوكارها فإن الليل أمان لها وذلك لما جعله الله عليه من الرحمة.

من كتاب طب الائمة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اتخذوا في بيوتكم الدواجن يتشاغل بها الشيطان عن صبيانكم.

عن أبي جعفر (عليه السلام): من أحبنا ـ أهل البيت ـ أحب الحمام.

ـــــــــــــــ

(1) فيما خولكم أي ملككم وأعطاكم. والخول: الخدام والحشم وغيرهم من الحاشية.

(2) الخطاطيف جمع الخطاف: طائر يشبه السنونو، طويل الجناحين، قصير الرجلين، أسود اللون، وقيل: هو الخفاش.

[ 129 ]

وقال أبوالحسن (عليه السلام): لا ينبغي أن يخلو بيت أحدكم من ثلاثة وهن عمار البيت: الهرة والحمام والديك، فإن كان مع الديك أنيسة فلا بأس بذلك لمن لا يقدرها.

قال الرضا: في الديك خمس خصال من خصال الانبياء: معرفته بأوقات الصلوات والغيرة والشجاعة والسخاوة وكثرة الطروقة (1).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا سمعتم أصوات الديكة فإنها رأت ملكا فاسألوا الله وارغبوا إليه. وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا.

عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الديك الابيض صديقي وعدوه عدو الله، يحرس صاحبه وسبع دور. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبيته معه في البيت.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الدجاج غنم فقراء أمتي.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تسبوا الديك فإنه يدل على مواقيت الصلاة.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تسبوا الديك فإنه صديقي وأنا صديقه وعدوه عدوي والذي بعثني بالحق لو يعلم بنو آدم ما في قترته لاشتروا ريشه ولحمه بالذهب والفضة. وإنه يطرد مذمومة من الجن.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من اتخذ ديكا أبيض في منزله يحفظ من شر ثلاثة: من الكافر والكاهن والساحر.

من كتاب روضة الواعظين، عن الباقر (عليه السلام) قال: إن الله تعالى خلق ديكا أبيض عنقه تحت العرش ورجلاه في تخوم الارض السابعة، له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب لا يصيح ديك في الارض حتى يصيح، فإذا صاح خفق بجناحيه، ثم قال: " سبحان الله العظيم الذي ليس كمثله شئ " فيجيبه الله فيقول: " ما آمن بما تقول من يحلف بي كاذبا " (2).

روى الجعفري قال: رأيت أبا الحسن (عليه السلام) في بيته زوج حمام: أما الذكر فأخضر وأما الانثى فسوداء. ورأيته (عليه السلام) يفت لهما الخبز ويقول: يتحركان من الليل فيؤنسان وما من انتفاضة ينتفضانها من الليل إلا اتقى من دخل البيت من عرمة الارض (3).

ـــــــــــــــ

(1) الطروقة: الجماع.

(2) تخوم الارض: حدها ومنتهاها. وخفق الطائر أي طار.

(3) الفت: الدق والكسر بالاصابع. الانتفاض: مطاوع نفض وهو حركة الشئ ليزول عنه الغبار.

[ 130 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس من بيت نبي إلا وفيه حمام، لان سفهاء الجن يعبثون بصبيان البيت، فإذا كانه فيه حمام عبثوا بالحمام وتركوا الناس.

الفصل العاشر

(في النجد والاثاث والفرش والتواضع فيها)

عن عبد الله بن عطا قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فرأيت في منزله نضدا ووسائد وأنماطا ومرافق (1)، فقلت له: ما هذا ؟ قال (عليه السلام): متاع المرأة.

عن جابر بن عبد الله، عن الباقر (عليه السلام) قال: دخل قوم على الحسين بن علي (عليه السلام) فقالوا: يا ابن رسول الله نرى في منزلك أشياء مكروهة ـ وقد رأوا في منزله بساطا ونمارق ـ فقال: إنما نتزوج النساء فنعطيهن مهورهن فيشترين بها ما شئن ليس لنا منه شئ.

عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما تزوج علي فاطمة عليها السلام بسط البيت كثيبا وكان فراشهما إهاب كبش ومرفقتهما محشوة ليفا ونصبوا عودا يوضع عليه السقاء فستره بكساء (2).

عن الحسين بن نعيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: أدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة على علي عليهما السلام وسترها عباء وفرشها إهاب كبش ووسادتها أدم محشوة بمسد.

وعنه (عليه السلام) قال: إن فراش علي وفاطمة عليهما السلام كان سلخ كبش يقلبه فينام على صوفه.

وفي كتاب مواليد الصادقين عليهما السلام، قال محمد بن إبراهيم الطالقاني روى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) اعتزل نسائه في مشربة له شهرين ـ والمشربة العلية ـ فدخل عليه عمرو في

ـــــــــــــــ

(1) النضد ـ بالتحريك ـ : ما نضد من متاع البيت وضم بعضه إلى بعض متسقا أو مركوما. والانماط ـ جمع نمط ـ كسبب وأسباب: ما يفرش من مفارش الصوف الملونة. والمرافق: جمع مرفق ـ بالكسر فالسكون ـ : التي تجعل تحت المرفق من المخدة والمتكأ. والنمارق: جمع نمرق ونمرقة: الوسادة يتكأ عليها.

(2) بسط البيت: سعته. والكثيب: الرمل. إهاب ـ ككتاب ـ : الجلد، أو ما لم يدبغ.

[ 131 ]

البيت أهب عطنة وقرظ والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نائم على حصير قد أثر في جنبه ووجد عمر ريح الاهب، فقال: يا رسول الله ما هذه الاهب ؟ قال: يا عمر هذا متاع الحي (1) فلما جلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان قد أثر الحصير في جنبه. فقال عمر: أما أنا فأشهد أنك رسول الله ولانت أكرم على الله من قيصر وكسرى وهما فيما هما فيه من الدنيا وأنت على الحصير قد أثر في جنبك. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الاخرة.

عن الفضل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن السرير يكون فيه الذهب أيصلح إمساكه في البيت ؟ قال (عليه السلام): إن كان ذهبا فلا وإن كان ماء الذهب فلا بأس.

عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ربما قمت أصلي وبين يدي وسادة فيها تماثيل طائر، فجعلت عليها ثوبا. وقد أهديت إلي طنفسة من الشام (2) فيها تماثيل طير فأمرت به فغير رأسه فجعل كهيئة الشجر. وقال: إن الشيطان أشد ما يهم بالانسان إذا كان وحده.

عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: دخل قوم على أبي جعفر (عليه السلام) وهو على بساط فيه تماثيل، فسألوه ؟ فقال: أردت أن أهبه.

عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا بأس أن يكون التماثيل في البيوت إذا غيرت الصورة.

عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن تماثيل الشجر والشمس والقمر ؟ قال: لا بأس به، ما لم يكن فيه شئ من الحيوان.

عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عزوجل: " يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل " (3) ما التماثيل الذي كانوا يعملون ؟ قال: أما والله ما هي التماثيل التي تشبه الناس ولكن تماثيل الشجر ونحوه.

عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إنما نبسط عندنا الوسائل فيها

ـــــــــــــــ

(1) العلية ـ بالكسر وقد تضم ـ : الغرفة. وأهب ـ كعمد ـ : جمع إهاب ـ كعماد ـ : الجلد ما لم يدبغ. وعطنة: المنتنة، والقرظ ـ بالتحريك ـ : ورق السلم يدبغ به الاديم.

(2) الطنفسة: البساط الذي له خمل رقيق. وأيضا: القالي. وقيل: والذي يجعل على ظهر الدابة.

(3) سورة سبأ: آية 12.

[ 132 ]

التماثيل ونفرشها، قال: لا بأس بما يبسط منها ويفرش ويوطأ، إنما نكره منها ما نصب على الحائط والسرير.

من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن عقيل بن عبد الرحمن الخولاني قال: كانت عمتي تحت عقيل بن أبي طالب فدخلت على علي (عليه السلام) بالكوفة وهو جالس على برذعة حمار مبتلة (1) قالت: فدخلت على علي (عليه السلام) امرأة له من بني تميم، فقلت لها: ويحك إن بيتك ممتلئ متاعا وأمير المؤمنين (عليه السلام) جالس على برذعة حمار مبتلة، فقالت: لا تلوميني فوالله ما يرى شيئا ينكره إلا أخذه فطرحه في بيت المال.

عن شريك بن عبد الله، عن شيخ، عن أمه قالت: رأيت خبز علي (عليه السلام) تحت فراشه أو في فراشه.

ـــــــــــــــ

(1) بتله بتلا من باب قتل: قطعه وأبانه. وبتل وتبتل: انقطع. والمبتلة على بناء المفعول: القطعة.

[ 133 ]

الباب السابع

(في الاكل والشرب وما يتعلق بهما وهو ثلاثة عشر فصلا)

الفصل الاول

(في فضل اطعام الطعام واصطناع المعروف وصوم التطوع)

من كتاب من لا يحضره الفقيه، قال الله سبحانه تعالى: " وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين " (1) وقد مدح الله عزوجل [ في ذلك ] صاحب القليل فقال في كتابه [ العزيز ]: " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون " (2).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما آمن بالله من شبع وأخوه جائع. ولا آمن بالله من اكتسى وأخوه عريان، ثم قرأ " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ". وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة.

وسمع أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلا يقول: الشحيح أعذر من الظالم. فقال (عليه السلام): كذبت، إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الظلامة على أهلها والشحيح إذا شح منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وقرى الضيف والنفقة في سبيل الله وأبواب البر وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح.

عن الصادق (عليه السلام) قال: المنجيات ثلاث: إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام.

وعنه (عليه السلام) قال: لو أن رجلا أنفق على طعام ألف درهم وأكل منه مؤمن واحد لم يعد سرفا.

ـــــــــــــــ

(1) سورة سبأ: آية 38.

(2) سورة الحشر: آية 9.

[ 134 ]

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه. ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا أو ليسكت. و [ كان ] يقول: لا تلزم ضيفك بما يشق عليه.

روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: أول ما يبدأ به في الاخرة صدقة الماء يعني في الاجر.

عن الباقر (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى يحب إيراد الكبد الحراء ومن سقى كبدا حراء من بهيمة وغيرها أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.

عن الصادق (عليه السلام) قال: من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة. ومن سقى الماء في موضع لايوجد فيه الماء كان كمن أحيا نفسا. " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " (1).

وعنه (عليه السلام) قال: من أحب الاعمال إلى الله عزوجل إشباع جوعة المؤمن وتنفيس كربته وقضاء دينه.

عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: من لم يستطع أن يصلنا فليصل فقير شيعتنا. ومن لم يستطع أن يزور قبورنا فليزور قبور صلحاء إخواننا.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الصدقة بعشرة. والقرض بثمانية عشر. وصلة الاخوان بعشرين. وصلة الرحم بأربعة وعشرين.

وعنه (عليه السلام) قال: إن الله تعالى يقول: ما من شئ إلا وقد تكفلت به من يقبضه غيري إلا الصدقة فإني اتلقفها بيدي تلقفا (2) حتى أن الرجل ليتصدق بالتمرة أو بشق التمرة فأربيها كما يربي الرجل فلوه وفصيله، فيلقاني يوم القيامة وهو مثل أحد وأعظم من أحد.

وعنه (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل يحب الاطعام في الله ويحب الذي يطعم الطعام في الله. والبركة في بيته أسرع من الشفرة (3) في سنام البعير.

ـــــــــــــــ

(1) سورة المائدة: آية 35.

(2) التلقف: التناول بسرعة: والفلو ـ بضم اللام وتشديد الواو ـ الجحش والمهر يفصل عن أمه.

(3) الشفرة ـ بفتح فسكون ـ : المدية وهي السكين العظيمة العريضة. وأيضا: حد السيف.

[ 135 ]

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن أول من يدخل الجنة المعروف وأهله وأول من يرد علي الحوض.

عن الصادق (عليه السلام) قال: أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصله إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

وعنه (عليه السلام) قال: رأيت المعروف كاسمه. وليس شئ أفضل من المعروف إلا ثوابه وذلك هو الذي يراد منه. وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه. وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه. ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والاذن فهنالك تمت السعادة للطالب والمطلوب إليه.

وعنه (عليه السلام) قال: رأيت المعروف لا يصلح إلا بثلاث خصال: تصغيره وستره وتعجيله، فإنك إذا صغرته عظمته عند من تصنعه إليه وإذا سترته تممته وإذا عجلته وهنأته. وإن كان غير ذلك محقته ونكدته.

وعنه (عليه السلام) قال: إذا أردت أن تعلم أشقى الرجل أم سعيد فانظر معروفه إلى من يصنعه، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله فاعلم أنه خير. وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنه ليس له عند الله خير.

وعنه (عليه السلام) قال: خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الايمان البر بالاخوان والسعي في حوائجهم.

وعنه (عليه السلام) قال: شاب سخي مرهق في الذنوب أحب إلى الله عز وجل من شيخ عابد بخيل.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما محق الاسلام ماحق مثل الشح، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل وشعبا كشعب الشرك.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): صدقة رغيف خير من نسك مهزول (1).

عن الباقر (عليه السلام) قال: البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان ميتة السوء.

ـــــــــــــــ

(1) النسك: الذبيحة وما يقدم لله تعبدا.

[ 136 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن صاحبها سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل.

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: صدقة السر تطفئ غضب الرب.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: اتبعو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنه قال: من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر.

عن الصادق (عليه السلام) قال: ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت إلا أحوجه الله عزوجل إلى السؤال قبل أن يموت ويثبت له بها في النار.

وعنه (عليه السلام) قال: قال رجل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا رسول الله علمني شيئا إذا فعلته أحبني الله من السماء وأحبني أهل الارض ؟ قال: ارغب فيما عند الله يحببك الله وازهد فيما عند الناس يحببك الناس.

قال الباقر (عليه السلام): لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا. ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا. وكان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة فتذبح وتقطع أعضاؤه فتطبخ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق (1) وهو صائم، ثم يقول: هاتوا القصاع واغرفوا لآل فلان واغرفوا لآل فلان، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه.

عن الصادق (عليه السلام) قال: من فطر صائما فله أجر مثله.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس بمؤمن من بات شبعانا وجاره طاويا (2).

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من فطر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عزوجل عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. فقيل له: يا رسول الله ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما، فقال: إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثوب منكم من لم يقدر إلا على مذقة من لبن يفطر بها صائما، أو شربة من ماء عذب أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك.

عن الرضا (عليه السلام) قال: تفطيرك أخاك الصائم أفضل من صيامك.

ـــــــــــــــ

(1) المرق ـ بالتحريك ـ : ماء اللحم إذا طبخ فصار دسما. واغرفوا أي أخذوا بالمغرفة.

(2) طاويا: جائعا. ورجل طيان: لم يأكل شيئا.

[ 137 ]

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لاصحابه: ألا أخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الصوم يسود وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح تقطع دابره والاستغفار يقطع وتينه. ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لكل شئ زكاة وزكاة الابدان الصيام. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله تبارك وتعالى: الصوم لي وأنا أجزي به. والصائم فرحتان: حين يفطر وحين يلقى ربه عزوجل. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك.

عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصوم حتى يقال: لا يفطر. ويفطر حتى يقال: لا يصوم. ثم صام يوما وأفطر يوما، ثم صام الاثنين والخميس، ثم آل ذلك إلى صيام ثلاثة أيام من الشهر: الخميس في أول الشهر، والاربعاء في وسط الشهر، والخميس في آخر الشهر. وكان يقول: ذلك صوم الدهر.

وعنه (عليه السلام) قال: إذا صام أحدكم الثلاثة الايام من الشهر فلا يجادلن أحدا. ولا يجهل ولا يسرع إلى الحلف والايمان بالله. وإن جهل عليه أحد فليتحمل.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: صيام شهر الصبر وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدر. وصيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر. إن الله عزوجل يقول: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " (1).

سئل الصادق (عليه السلام) عمن لم يصم الثلاثة في كل شهر وهو يشتد عليه الصيام هل فيه فداء ؟ قال: مد من طعام في كل يوم.

عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من صام يوما تطوعا أدخله الله عزوجل الجنة.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لافطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك بسبعين ضعفا او تسعين ضعفا.

ـــــــــــــــ

(1) سورة الانعام: آية 161.

[ 138 ]

وعنه (عليه السلام) قال: من دخل على أخيه وهو صائم فأفطر عنده ولم يعلمه بصومه فيمن عليه كتب [ الله ] له صوم سنة.

وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أفطر يقول: " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ".

الفصل الثاني

(في آداب غسل اليد وغيرها)

من كتاب من لا يحضره الفقيه وغيره، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أراد أن يكثر خيره فليتوضأ عند حضور طعامه.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم.

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي الهم ويصحح البصر.

عن الصادق (عليه السلام): من غسل يده قبل الطعام وبعده بورك له في أوله وآخره وعاش في سعة وعوفي من بلوى في جسده.

وقال (عليه السلام): اجعلوا في أسنانكم السعد فإنه يطيب الفم [ ويزيد في الجماع ]. (1)

وعنه (عليه السلام) قال: من غسل يده قبل الطعام فلا يمسحها بالمنديل، فإنه لا تزال البركة في الطعام ما دام النداوة في اليد.

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا أكل أحدكم فلا يمسحن بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها.

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يبدأ أولا رب المنزل بغسل يده ومن عن يمينه، فإذا فرغ من الطعام يبدأ [ بمن عن يساره ] بغير صاحب المنزل، لانه أولى بالصبر على الغمر (2) ويتمندل بعد ذلك.

وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه كان يغسل يده من الغمر، ثم يمسح بها وجهه ورأسه قبل أن يمسحها بالمنديل، ثم يقول: " اللهم اجعلني ممن لا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ".

ـــــــــــــــ

(1) السعد ـ بالضم ـ : طيب معروف.

(2) الغمر ـ بالتحريك ـ : زنخ اللحم وما يتعلق باليد من دسمه.

[ 139 ]

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر كما ينفي الكبر خبث الحديد وعاش ما عاش في سعة وأن الملائكة تصلي على من يلعق أصابعه في آخر الطعام.

و [ روي ] عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه كان يكره عند الطعام رفع الطست حتى يمتلئ ويهراق ويقول: من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور الطعام وبعده، فإنه من غسل يده عند الطعام وبعده عاش ما عاش في وعوفي من بلوى في جسده. وعنه (عليه السلام) قال: إذا توضأت بعد الطعام فامسح عينيك بفضل ما في يديك فإنه أمان من الرمد.

عن صفوان الجمال قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فحضرت المائدة فأتى الخادم بالوضوء فناوله المنديل فعافه، ثم قال: منه غسلنا.

وعنه (عليه السلام) قال: الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر ويزيد في الرزق. من كتاب تهذيب الاحكام، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الوضوء قبل الطعام وبعده يذيبان الفقر.

عن يونس قال: لما تغذى عندي أبوالحسن (عليه السلام) وجئ بالطست بدأ الخادم به وكان في صدر المجلس، فقال: ابدأ بمن عن يمينك. فلما توضأ واحد أراد الغلام أن يرفع الطست، فقال أبوالحسن (عليه السلام) دعها.

وعن نزار قال: رأيت أباالحسن (عليه السلام) إذا توضأ قبل الطعام لم يمس المنديل وإذا توضأ بعد الطعام مس المنديل.

وفي كتاب مواليد الصادقين عليهما السلام، كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا فرغ من غسل اليد بعد الطعام مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه، ثم يقول: " الحمد لله الذي هدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء صالح أولانا ".

الفصل الثالث

(في آداب الاكل وما يتعلق به)

من طب الائمة، روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: اذكروا الله عزوجل عند الطعام ولا تلغوا فيه: فإنه نعمة من نعم الله يجب عليكم فيها

[ 140 ]

شكره وحمده. أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها.

وقال (عليه السلام): إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد. وليأكل على الارض. ولا يضع إحدى رجليه على الاخرى ولا يتربع، فإنها جلسة يبغضها الله عزوجل ويمقت صاحبها.

عن الصادق (عليه السلام) قال: أطيلوا الجلوس على الموائد، فإنها ساعة لا تحسب من أعماركم.

من كتاب من لا يحضره الفقيه، عن الصادق، عن آبائه، عن الحسن بن علي عليهم السلام قال: في المائدة اثنتا عشرة خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها: أربع منها فرض وأربع منها سنة وأربع منها تأديب، فأما الفرض فالمعرفة والرضا والتسمية والشكر. وأما السنة فالوضوء قبل الطعام والجلوس على الجانب الايسر والاكل بثلاث أصابع ولعق الاصابع (1). وأما التأديب فالاكل مما يليك وتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر في وجوه الناس.

وعن عمرو بن قيس قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) بالمدينة وبين يديه خوان (2) وهو يأكل. فقلت له: ما حد هذا الخوان ؟ فقال: إذا وضعته فسم الله. وإذا رفعته فاحمد الله. وقم ما حول الخوان (3)، فهذا حده.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من وجد كسرة أو تمرة (4) فأكلها لم تفارق جوفه حتى يغفر الله له.

عن الرضا، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما سقط من المائدة مهور الحور العين.

عن محمد بن الوليد قال: أكلت بين يدي أبي جعفر الثاني (عليه السلام) حتى إذا

ـــــــــــــــ

(1) لعق الاصابع: لحسها.

(2) الخوان ـ بالكسر والضم ـ : الذي يؤكل عليه، وهو معرب، ويقال له: السفرة أيضا.

(3) قم الرجل كاقتمه: أكل ما على الخوان. وفي بعض النسخ (واقتم).

(4) الكسرة ـ بالكسر ـ : القطعة من الشئ المكسور.

[ 141 ]

فرغت ورفع الخوان ذهب الغلام يرفع ما وقع من فتات الطعام (1)، فقال له: ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة وما كان في البيت فتتبعه والتقطه.

عن الصادق (عليه السلام) أنه كره أن يأكل بشماله أو يشرب بها أو يتناول بها.

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي افتح بالملح واختتم به، فإنه شفاء من سبعين داء، منها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق ووجع الاضراس ووجع البطن.

عن ابن عباس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاث لقمات بالملح قبل الطعام وثلاث بعد الطعام تصرف بهن عن ابن آدم اثنين وسبعين نوعا من البلاء، منها الجنون والجذام والبرص.

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): إبدؤا بالملح في أول الطعام، فلو علم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرب (2).

عن أبي عبد الله (عليه السلام): إنا نبدأ بالملح ونختم بالخل.

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نعم الادام الخل، ما افتقر بيت فيه الخل.

عن الصادق (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا وضعت المائدة حفها أربعة أملاك، فإذا قال العبد: " بسم الله " قالت الملائكة للشيطان: اخرج يا فاسق فلا سلطان لك عليهم. وإذا فرغوا فقالوا: " الحمد لله " قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فأدوا الشكر لربهم. وإذا لم يقل: " بسم الله " قالت الملائكة للشيطان: ادن يا فاسق فكل معهم. فإذا رفعت المائدة ولم يحمدوا الله قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فنسوا ربهم.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي إذا أكلت فقل: " بسم الله " وإذا فرغت فقل: " الحمد لله "، فإن حافظيك لا يستريحان من أن يكتبا لك الحسنات حتى تنبذه عنك.

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ضمنت لمن سمى على طعامه أن لا يشتكى منه.

ـــــــــــــــ

(1) الفتات ـ بالضم ـ : ما تفتت من الشئ المفتوت أي المكسور بالاصابع كسرا صغيرة.

(2) الترياق (معرب على زنة فعيال بالكسر): ما يستعمل لدفع السم من الادوية والمعاجين.

[ 142 ]

فقال ابن الكوا (1): يا أمير المؤمنين لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه ثم آذاني، فقال: أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض يا لكع (2).

وروي عن الصادق (عليه السلام): أن من نسي أن يسمي على كل لون فليقل: " بسم الله على أوله وآخره ".

عن الصادق (عليه السلام) قال: ما اتخمت قط (3) وذلك لاني لم أبدأ بطعام إلا قلت: " بسم الله "، ولم أفرغ منه إلا قلت: " الحمد لله ".

وقال (عليه السلام): إن البطن إذا شبع طغا.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لابنه الحسن (عليه السلام): يا بني لا تطعمن لقمة من حار ولا برد ولا تشربن شربة ولا جرعة إلا وأنت تقول قبل أن تأكله وقبل أن تشربه: " اللهم إني أسألك في أكلي وشربي السلامة من وعكه (4) والقوة به على طاعتك وذكرك وشكرك فيما بقيته في بدني وأن تشجعني بقوته على عبادتك وأن تلهمني حسن التحرز من معصيتك " فإنك إن فعلت ذلك أمنت وعثه وغائلته (5). وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وضعت المائدة بين يديه قال: " اللهم اجعلها نعمة مشكورة تصل بها نعمة الجنة ". وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وضع يده في الطعام قال: " بسم الله، اللهم بارك لنا فيما رزقنا وعليك خلفه ".

وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا طعم قال: " الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وأيدنا وآوانا وأنعم علينا وأفضل، الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم ".

عن الباقر (عليه السلام) قال: كان سلمان إذا رفع يده من الطعام يقول: " اللهم أكثرت وأطيبت فزد، وأشبعت وأرويت فهنئه ".

ـــــــــــــــ

(1) هو عبد الله بن الكوا، خارجي ملعون، وهو الذي قرأ خلف علي (عليه السلام) جهرا: " ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ".

(2) اللكع كصرد: العبد، الاحمق، اللئيم. وأكثر ما يستعمل في النداء ويراد به الذم.

(3) يقال: تخم فلان، كضرب: ثقل عليه الاكل. والتخمة: حالة تعرض للانسان من كثرة الاكل.

(4) الوعك، المرض واشتداده. وفي بعض النسخ " وعكة " وكلاهما مصدر.

(5) الوعث: المشقة. وأصله المكان السهل الكثير الرمل الذي يتعب فيه الماشي ويشق عليه.

[ 143 ]

الصفحة التالية

حقوق الطبع محفوظة لشبكة أهل البيت للأخلاق الإسلامية©

المملكة العربية السعودية1999-2000

 الصفحة السابقة